بين الفصل التعسفي وغياب قواعد السلامة.. كورونا يزيد أوجاع العمال المصريين

تكدس العمال للعمل في أحد المواقع الانشائية بالمطرية - الجزيرة نت
أحد المواقع الإنشائية شرق القاهرة (الجزيرة)

حسن المصري-القاهرة

منذ الصباح الباكر يتجه مجموعة من العمال الشباب لأحد المواقع الإنشائية شرق القاهرة والذي تنفذه الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ومع ضغط الحكومة لتسريع وتيرة العمل تبرز معاناة العمال في ظل المخاوف من الإصابة بفيروس كورونا.

يأتي ذلك في ظل تصريحات صدرت في مناسبات مختلفة من رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، بضرورة العمل بكامل الطاقة لقطاع المقاولات على النقيض من القطاعات الأخرى، ومطالبته مؤخرا بـ  "تكثيف العمالة في كافة المواقع وزيادة المعدات لتعويض الفترة الماضية" بدعم من الرئيس عبد الفتاح السيسي. 

ورغم حديث أهل السلطة المتكرر عن مراعاة الإجراءات الوقائية أثناء العمل، فإن ما رصده مراسل الجزيرة نت خلال جولة ميدانية هناك كان على العكس من ذلك، فالعمال متقاربون وأحيانا متلاصقون والسواد الأعظم منهم يعمل بدون كمامات. 

يقول محمد، وهو مهندس كهرباء بإحدى شركات المقاولات، إن ما يحدث من دفع الدولة نحو عودة شركات المقاولات للعمل يمثل قنبلة موقوتة، حيث يوجد في بعض المواقع قرابة ألف عامل.

ويلفت في حديثه للجزيرة نت إلى أن شركات المقاولات تخشى من وقف العمل أو تعطيله، خوفا من المالك للمشروع وهو غالبا الجيش أو المحليات سواء المحافظة أو مجلس المدينة، وفي نفس الوقت طلبا للقمة العيش لعمالها الذين لا يملكون أي مورد آخر. 

بدوره يقول محمد محمود استشاري السلامة المهنية إن فكرة العمل بكامل الطاقة في المواقع الإنشائية وتكديس العمال "ما هي إلا فكرة رأسمالية ساذجة، وإن إدارة الأزمة ككل تمت بصورة خاطئة".


الأمان الوظيفي
لا تقتصر المعاناة بين العمال والموظفين على بيئة العمل والسلامة المهنية فحسب، بل وتتخطى ذلك إلى الأمان الوظيفي خاصة داخل شركات القطاع الخاص التي اتجه العديد منها إلى الاستغناء عن بعض العمال، رغم حديث السيسي ومطالبته رجال الأعمال بضرورة الحفاظ على العمالة.

يقول هشام مسؤول أمن موقع بإحدى شركات المقاولات إنه بعد العمل لمدة 17 عاما قامت الشركة بإنهاء خدمته منتصف مارس/آذار الماضي، تحت ذريعة تقليص العمالة بسبب فيروس كورونا.

يضيف للجزيرة نت "لدي التزامات كثيرة فأنا متزوج، كيف سأنفق على عائلتي بعد القرار المباغت؟" مستدركا "لن نترك حقوقنا وسنلجأ للقضاء ضد الشركة التي أنهت خدمة نحو 150 موظفا ومهندسا دون سابق إنذار أو خطأ يذكر".

بدوره يقول خالد أبو بكر الذي كان يعمل مديرا لإدارة مراجعة حسابات العملاء بإحدى الشركات الخاصة "فوجئت بقرار إقالتي من العمل دون سابق إنذار حيث أرسلت الشركة خطابا يفيد بأن نهاية مارس/آذار آخر يوم عمل لي بالشركة، تحت ذريعة عدم الحاجة إلى عملي وتقليص عدد العمالة بالشركة بسبب كورونا".

وغرد خالد قائلا أنه وافق على الاستقالة بشرط الحصول على مستحقاته المالية، لكن الشركة تعنتت مما دفعه لتقديم شكوى قضائية.


القانون والدعم الحكومي
وينظم القانون حق العمال في الأمان الوظيفي بل ويعطي الموظف الحق للحصول على الإجراءات الوقائية التي تضمن صحته وعدم تعرضه لمشاكل صحية، وفقا للمادة رقم 12 لعام 2003 من قانون العمل المصري، بحسب وائل السيد المحامي بالنقض والدستورية العليا.

وفي حديثه للجزيرة نت، يلفت السيد إلى أن العالم كله يعاني من فقد ملايين الوظائف بسبب التأثيرات الاقتصادية السلبية لفيروس كورونا، لكن التأثير الأكبر عاني منه أصحاب المهن الصغيرة وعمال اليومية.

وأوضح أن هذه الفئة الأخيرة ترتفع نسبتها في مصر بصورة كبيرة بسبب زيادة معدلات الفقر، وهو ما يتطلب دورا ودعما حقيقيين من الدولة التي يجب أن تقوم بدورها في حماية العمال.

يُذكر أن عمال مصر تلقوا وعدا من السيسي -بداية أبريل/نيسان الجاري- حيث طالب القطاع الخاص بالحفاظ على العمالة وعدم تسريحها، قائلا "لن نترك إنسانا يحتاج للمساعدة". 

المصدر : الجزيرة