قبيل رمضان.. كورونا والدولار وأشياء أخرى تقفز بأسعار السلع في السودان

الحال في أسواق السودان قبيل رمضان
أسعار السلع الاستهلاكية شهدت ارتفاعا ملحوظا بالأسواق السودانية في ظل الحظر الكامل للتجوال (الجزيرة)

أحمد فضل-الخرطوم 

رغم تراجع سعر صرف الدولار، فإن أسعار السلع في الأسواق السودانية ظلت على حالها، بل شهدت ارتفاعا مستمرا قبيل دخول شهر رمضان الفضيل، في ظل الحظر الكامل للتجوال المفروض على العاصمة الخرطوم بسبب جائحة كورونا.

وتصاعدت أسعار الفواكه والخضار بشكل لافت هذا الأسبوع ليبلغ سعر "دستة" (أي 12 حبة) البرتقال 200 جنيه (نحو 1.7 دولار) وكيلوغرام الجوافة 150 جنيها (نحو 1.2 دولار) وكيلوغرام الطماطم 90 جنيها (أقل من 1 دولار). 

ويبدي وائل إبراهيم استغرابه من توالي ارتفاع الأسعار، على الرغم من تعافي محدود للعملة الوطنية (الجنيه) مقابل الدولار، حيث بلغ سعر الصرف أمس الأربعاء حوالي 117 جنيها مقارنة بـ145 جنيها قبل الأسبوع الفائت.

ويشير الصحفي المتخصص في شؤون الاقتصاد سنهوري عيسى إلى أن أسبابا عدة تكالبت وأدت لارتفاع جنوني في أسعار السلع، منها المغالاة الموسمية في رمضان في أثمنة السلع الاستهلاكية، وجائحة كورونا، والمضاربة في الدولار، فضلا عن ممارسات الاحتكار والجشع. 

ارتفاع الأسعار
يوضح سنهوري للجزيرة نت أن التجار اشتروا سلعهم إبان ارتفاع سعر الدولار في حدود 130 جنيها للدولار، لذا سيبيعون بضائعهم في حساب 150 جنيها للدولار لضمان أرباحهم. 

وتوقع أن يكون انخفاض سعر صرف الدولار حاليا عرضيا بسبب مضاربات التجار واستغلالهم للمخاوف الناتجة عن الإغلاق الكامل في ولاية الخرطوم للحد من انتشار فيروس كورونا. 

ويعطي سنهوري مقارنة لنموذجين خلال 10 أيام بشأن سلعتي الدقيق والزيت، حيث بلغ كيلوغرام الدقيق قبل عشرة أيام 60 جنيها ولتر زيت الطعام 110 جنيهات، لكن الآن يباع كيلوغرام الدقيق بـ100 جنيه ولتر الزيت بـ250 جنيها. 

ويقول إن الفروق في السعر الرسمي في سلعة مثل السكر تشجع المضاربين على احتكاره والتلاعب في أسعاره، حيث لا تتجاوز تكلفة إنتاج جوال (كيس) السكر زنة 50 كيلوغراما 2600 جنيه من المصنع، والآن وصل سعر الجوال ذاته إلى 4500 جنيه. 

‪أسعار الفواكه والخضار ارتفعت بشكل لافت قبيل دخول شهر رمضان‬ (الجزيرة)
‪أسعار الفواكه والخضار ارتفعت بشكل لافت قبيل دخول شهر رمضان‬ (الجزيرة)

جنون "الويكة"
في "سوق 4" بحي بري القريب من وسط الخرطوم، يشكو رواد السوق مما اعتبروه غلاء فاحشا في أسعار الفواكه. 

وتقول بثينة عبد الحكم (ربة منزل) للجزيرة نت إنها اشترت دستة المانجو قبل أسبوعين بـ150 جنيها، وعندما عادت لتشتري مستلزمات رمضان من السوق ذاته وجدت سعر الدستة بـ500 جنيه. 

وتحمل بثينة السلطات المسؤولية بعدم رقابتها على الأسواق، وتركها التجار يستغلون الطلب المتزايد على السلع بسبب حظر التجوال ورمضان. 

وفي السوق نفسه، بلغ سعر دستة الليمون الهندي (الغريب فروت) 480 جنيها مقارنة بـ250 جنيها الأسبوع الفائت.

كما قفز سعر الويكة (البامية المجففة) -وهو طبق رئيسي في مائدة الإفطار بالسودان- بشكل جنوني، وبلغ سعر الجوال منها أكثر من 200 دولار، بينما يباع كيلوغرام البامية بـ400 جنيه.

حركة تصدير
يرى الاقتصادي أحمد خليل أن هناك أسبابا أخرى وراء ارتفاع السلع الاستهلاكية، قائلا إنه بجانب زيادة الطلب على هذه السلع، ثمة الآن حركة تصدير واسعة للمنتجات السودانية إلى أسواق بالمنطقة العربية. 

ويضيف خليل للجزيرة نت أنه خلال هذه الأيام يجري تصدير للحوم والبصل والخضار وفاكهة المانجو والليمون الهندي إلى مصر والإمارات والسعودية والكويت ودول أخرى.   

وتوقع أن تشهد أسواق السلع الاستهلاكية حالة ركود مع دخول شهر رمضان غدا الجمعة لأن أغلب الأسر الآن لديها مخزونات كافية من السلع الغذائية. 

ويتابع "الأسر بدأت تخزّن كل ما يمكن تخزينه منذ الإعلان عن حظر التجوال بسبب كورونا، وحاليا هذه الأسر تكمل بعض مخزوناتها استعدادا لرمضان، وبعدها سيقل الطلب لحدود كبيرة ربما تؤدي لتراجع في الأسعار". 

الزيادات الكبيرة في رواتب القطاع العام سيبتلعها السوق بمجرد نزولها (الجزيرة)
الزيادات الكبيرة في رواتب القطاع العام سيبتلعها السوق بمجرد نزولها (الجزيرة)

زيادة الرواتب
يرى عضو المكتب التنفيذي للجمعية السودانية لحماية المستهلك البروفيسور عبد القادر عبد الرحمن أن المستهلك السوداني تكالبت عليه مشكلات عدة في شهر رمضان هذا العام، منها الانفلات القياسي لسعر صرف الدولار، والنتائج المترتبة عن حظر التجوال الكامل وإغلاق المعابر بسبب كورونا. 

ويقلل عبد الرحمن من جدوى الزيادة الكبيرة التي أعلنتها وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي على الرواتب بواقع 569% اعتبارا من أبريل/نيسان الحالي. 

ويوضح أن هذه الزيادات الكبيرة في رواتب القطاع العام سيبتلعها السوق بمجرد نزولها، مما يتطلب البحث عن حلول عملية تتمثل قطعا في السيطرة على سعر صرف الدولار. 

ويخشى مراقبون تبعات زيادة الرواتب على الشرائح الأخرى خارج النطاق القطاع العام الذي يمثل نسبة متواضعة مقارنة بالعاملين في القطاع الخاص والمهن الحرة. 

 
المصدر : الجزيرة