غزة.. أزمة فيروس كورونا تحاصر المزارعين

سليم قديح 27 عاماً يعاني من اغلاق الأسواق وتراكم المحاصيل بدون بيع/فلسطين/جنوب قطاع غزة/بلدة خزاعة
سليم قديح يعاني من إغلاق الأسواق وتراكم المحاصيل جون بيع بسبب كورونا (الجزيرة)

رويدا عامر-غزة

"الوباء أشد صعوبة من الحصار"، هذا ما عبر به المزارعون في المنطقة الشرقية لمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة عن حالهم خلال فترة الطوارئ التي يعيشونها بسبب انتشار فيروس كورونا.

فقد اعتاد المزارعون الخروج من بيوتهم كل صباح من أجل جمع محصولهم وتجهيزه للتصدير إلى الخارج وبيعه في الأسواق الداخلية لجميع المناطق، لكن الأمر أصبح مختلفا هذه المواسم بسبب الإغلاق الكامل الذي طال الداخل والخارج وتراكمت المحاصيل في الأراضي دون وجود طريقة لتعويض ما خسره المزارعون.

أكثر من 25 ألف مزارع في كافة المناطق الشرقية لقطاع غزة ينتظرون انتهاء أزمة كورونا، حيث بدأت حالة الطوارئ في غزة منذ شهر وشملت إغلاق المعابر الحدودية بين القطاع ومصر والضفة الغربية وإغلاق الأسواق، بالإضافة إلى تعطيل المدارس والمؤسسات لمنع التجمعات  

البيع بأقل ثمن
تتنوع مواسم المحاصيل في كل فترة خلال العام، حيث يقوم المزارعون بتوفير المياه والمبيدات الحشرية لأجل الحصول على محاصيل جيدة لتصديرها وبيعها في الأسواق، والموسم الحالي هو للبندورة والكوسا والبنجر وغيرها.

ومن المفترض أن تصدر هذه المحاصيل إلى خارج قطاع غزة، لكن الأمر صعب بعد إغلاق المعابر والأسواق ضمن خطة الطوارئ في غزة للتصدي للوباء ومنع انتشاره.

‪الحصار الخانق جعل مهنة الزراعة صعبة جداً والوباء زاد الأمر صعوبة‬ (الجزيرة)
‪الحصار الخانق جعل مهنة الزراعة صعبة جداً والوباء زاد الأمر صعوبة‬ (الجزيرة)

يقول خالد قديح (34 عاما) "الموسم الماضي كانت المحاصيل تصدر إلى الضفة الغربية وتباع في الأسواق الداخلية لقطاع غزة أيضا، لكن انتشار فيروس كورونا أغلق المعبر ولا يوجد تصدير للخارج لهذا نجبر على بيع المنتج الزراعي بأقل من ثلث ثمنه في السوق المحلية".

ويرى خالد قديح أن الوضع بات صعب جدا وأنه سوف يتكبد خسائر كبيرة دون وجود جهة تعوضه عن ذلك.

لم يكن المزارعون يتوقعون أن يأتي هذا الفيروس كي يعمق من هموهم التي اعتادوا عليها بسبب الاحتلال الاسرائيلي.

ويتخوف المزارعون من أن إغلاق المعابر والأسواق نتيجة فيروس كورونا سيتسبب في تلف المحاصيل الموجهة للتصدير وتلك الموجهة إلى الأسواق المحلية.

الوباء أشد فتكا من الحصار
"نحن نهتم بالزراعة كما نهتم بالطفل إلى حين أن يصبح شابا" هذه الكلمات قالها خالد النجار (37 عاما) وهو يحصد نبات البنجر مع أطفاله الذين أتوا لمساعدته وملء أوقات فراغهم بعد تعطل المدارس بسبب أزمة كورونا.

الزراعة هي مصدر رزقه الوحيد فهو كبُر في الأرض وتعلم من والده الاهتمام بالأرض وزراعتها في مختلف مواسمها. يقول خالد إن المحصول الزراعي يأخذ جهدا كبيرا حتى يصبح صالحا للبيع. لكن عندما يتوفر لدينا محصول جيد بعد دفع الكثير من الأموال في رعايته ولا يجد طريقا لبيعه وتصديره فهذه أزمة كبيرة جدا وموجعة بالنسبة للمزارع".

يضيف خالد للجزيرة نت أنه "إذا طالت الأزمة فلن نتمكن من زراعة محاصيل أخرى. يكفي خسائر هذا المحصول بسبب تراكم الديون. سوف نكتفي بما خسرناه وننتظر ما الذي سيحدث بعدها".

‪المزارعون حذروا من حدوث كارثة في القطاع الزراعي إذا استمرت أزمة كورونا‬ (الجزيرة)
‪المزارعون حذروا من حدوث كارثة في القطاع الزراعي إذا استمرت أزمة كورونا‬ (الجزيرة)

خسارة كبيرة في المحاصيل
لا أحد يعلم متى تنتهي حالة الطوارئ في العالم فهو وباء لا يقتصر على قطاع غزة بل جميع دول العالم تحاول التخلص منه بأسرع وقت لكي تعود عجلة الحياة من جديد، ولكن مرور الوقت بالنسبة للمزارعين يُنهي مواسم محاصيل مختلفة قد لا يستفاد من زراعتها خوفا من تراكمها وتلفها.

ماجد قديح (32 عاما) دخل الأرض مع والده منذ طفولته وأصبحت مهنته التي تشغل وقته ويعيل بها أسرته، أصبح قلقا على المحاصيل التي أغلقت كافة الطرق أما تصديرها أو الاستفادة منها.

يقول ماجد إنه مهتم في هذه الأيام بمحصول القمح حيث من المفترض تصديره إلى خارج قطاع غزة، لكنه يتساءل هل سيكون مصيره مثل محصول البندورة والكوسا؟

أزمات أتعبت المزارعين
يتساءل سليم قديح (27 عاماً) متى سوف تنتهي هذه الأزمات التي تتوالى واحدة تلو الأخرى على قطاع غزة والمتضرر الأكبر هو المزارع؟

ويشعر قديح بقلق شديد على مجهوده الذي يبذله من أجل إنجاح مواسم الزراعة التي يخاطر لأجلها بحياته، فالأراضي الزراعية في المناطق الشرقية جنوب قطاع غزة قريبة جدا من الخط الحدودي الفاصل مع الاحتلال الإسرائيلي، وبسبب انقطاع الكهرباء.

ويقول سليم إنه يذهب بشكل مستمر إلى الأرض في منتصف الليل لتشغيل مولد الكهرباء كي يستمر عمل بئر المياه الذي يروي المحاصيل خوفا عليها من التلف.

ويضيف أن المخاطرة كبيرة فالاحتلال يطلق الرصاص نحو المزارعين في كل وقت ليلا ونهارا، ولكنه مجبر على ذلك لكي لا يذهب تعبه دون فائدة ويتلف المحصول.

 
المصدر : الجزيرة