ما الدَّين العام للدول وكيف يعمل وما وضعه في زمن الكورونا؟

A money changer counts U.S. dollar banknotes at a currency exchange office in Diyarbakir, Turkey May 23, 2018. REUTERS/Sertac Kayar
ديون الحكومات في أنحاء العالم ستقفز إلى مستوى قياسي عند 53 تريليون دولار بحلول نهاية العام الجاري (رويترز)

الدَّين عنصر مهم للغاية في اقتصاد أي بلد، ولكن لا نعلم كيف يتم ذلك ولماذا تلجأ إليه الدول، وكم هو حجم ديون الحكومات بالعالم؟.. الجواب في هذا التقرير.

ما الدَّين العام؟

يقول تقرير لمجلة "موي نغوثيوس إي إيكونوميا" الإسبانية عندما نسمع عن الدَّين العام، فإننا نتحدث بشكل عام عن مجموعة من الأوراق المالية ذات الدخل الثابت التي تصدرها الدولة أو الهيئات العامة.

إنها وسيلة لتمويل نشاط الدولة وذلك من خلال إصدار الأوراق المالية، التي يمكن للأفراد أو المؤسسات أو حتى الدول الأخرى الحصول عليها. ولعل أشهر أشكال الدين العام هي الالتزامات وأذونات الخزينة والسندات.

مفاتيح فهم الدَّين.. كيف يعمل؟
أوضحت المجلة أن الدين العام يعتبر طريقة شائعة وواسعة الانتشار لتمويل الإدارات العامة. والهدف منه توفير السيولة اللازمة لتحقيق الأهداف التي تحددها الإجراءات الحكومية.

يقع إصدار معاملات الديون بناءً على شروط معينة، تستند إلى احتياجات وأهداف المُصدر.

وهناك مجموعتان كبيرتان يجب أخذهما بالحسبان في الدين العام اعتمادًا على الجهة التي ستَستحوذ عليه:

الدَّين العام الداخلي الذي يستثمر فيه المستثمرون  المحليون.

الدَّين العام الخارجي: تكون فيه المعاملات قائمة على الأفراد والمؤسسات أو الدول الأجنبية.

 ومن خلال تصنيف الدين حسب شروط مهمته، نجد ثلاث مجموعات:

● الإصدارات قصيرة الأجل: هي أذونات الخزينة ولها آجال استحقاق أقل من عام واحد.

● السندات التي تصدر على المدى المتوسط: هي الأكثر شيوعًا لتمويل الأنشطة الرئيسية للجهات المصدرة للسندات.

● الدَّين العام طويل الأجل: يتم إصداره في مجالات الاستثمارات الكبيرة التي سيتم القيام بها أو في الحالات الاستثنائية، وهو دين طويل الأجل يمكن أن يختلف عبر فترات زمنية.

لماذا يوجد دَين عام؟
أضافت المجلة أن معاملات الديون ترتبط بحالات العجز العام، فعندما تحتاج الدولة إلى تمويل لزيادة الإنفاق، فإن ما تفعله لتغطية هذا الإنفاق الزائد هو الزيادة في إصدار أدوات دَين. 

وتعتبر العلاقة المباشرة بين الدين العام والناتج المحلي الإجمالي عنصرا رئيسيا في توضيح الحاجة للدين.

وعندما تقع قسمة الدين العام على الناتج المحلي الإجمالي، فإن ما يتم الحصول عليه هو ما يسمى بالقدرة الإدارية لمواجهة المدفوعات دون إصدار أدوات دين.

وحينما تكون هناك نسبة منخفضة، فإن القطاع العام يولد موارد كافية لتجنب الاضطرار إلى إصدار مزيد من الديون، لكن أحيانا توجد نسب معينة تشير إلى أن دين الدولة يحتاج إلى تمويل.

وبينت المجلة أن الدين يعكس العجز المتراكم حتى فترة معينة. ويستجيب إصدار الدين العام للاحتياجات المستمدة من ذلك التراكم.

وباختصار، يعد الدين أداة تمويل تساعد الدول في تحقيق أهدافها المالية والنمو في حالة الحاجة، كما ينبغي تقديم عائد متفق عليه مسبقا للمنتفع، وفقا للمواعيد النهائية للإصدار.

حجم ديون الحكومات
يفيد تقرير لوكالة ستاندرد آند بورز غلوبال صدر شهر فبراير/شباط الماضي بأن قيمة ديون الحكومات في أنحاء العالم ستقفز إلى مستوى قياسي عند 53 تريليون دولار بحلول نهاية العام الجاري، مع الاتجاه لاقتراض 8.1 تريليونات دولار هذا العام وحده.

وبحسب التقرير -الذي صدر في وقت يشهد فيه العالم انتشارفيروس كورونا- سيكون نحو 70% أو ما يعادل 5.8 تريليونات دولار من إجمالي الاقتراض السيادي، لإعادة تمويل ديون طويلة الأجل مستحقة السداد، بيد أن حجم الاقتراض الجديد المتوقع البالغ 2.3 تريليون دولار سيظل يعادل 2.6% على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

تفاصيل الديون الجديدة
من شأن اقتراض الولايات المتحدة ثلاثة تريليونات دولار واليابان 1.75 تريليون دولار أن تظل الدولتان بفارق كبير أكبر مقترضين عالميا، إذ تشكلان قرابة 60% من الإجمالي ككل، وفق التقرير ذاته.

وبعد الولايات المتحدة واليابان، من المتوقع أن تصدر الصين أدوات دين بنحو 636 مليار دولار، وتليها إيطاليا والبرازيل وفرنسا، إذ من المتوقع أن تقترض كل دولة منها 250 مليار دولار في 2020.

وستشكل تلك الدول الأربع نحو 17% من الإجمالي العالمي، بما يقل قليلا عن اليابان بمفردها، بينما ستمثل مجموعة الدول السبع الكبرى قرابة 70% من الاقتراض والدَّين العالمي.

في غضون ذلك، من المتوقع أن يُصدر أكبر عشرين اقتصادا ناشئا أدوات دين مجمعة قدرها 1.62 تريليون دولار هذا العام، بارتفاع نسبته 4% مقارنة مع عام 2019 لتسجل مستوى تاريخيا مرتفعا.

أرقام دالة
– قال معهد التمويل الدولي في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إن الدين العالمي قد يكون تجاوز العام الماضي قياسي  255 تريليون دولار، ما يعادل نحو 32 ألفا و500 دولار لكل فرد من سكان العالم البالغ تعدداهم 7.7 مليارات شخص.

 – يزيد هذا الرقم على ثلاثة أمثال الناتج الاقتصادي السنوي للعالم.

– منذ انهيار بنك الاستثمار الأميركي ليمان براذرز في عام 2008، اقترضت الحكومات ثلاثين تريليون دولار، وحصلت الشركات على 25 تريليون دولار، واقترضت الأسر تسعة تريليونات دولار، وحصلت البنوك على تريليوني دولار، حسب معهد التمويل الدولي.

– ارتفعت أسواق السندات العالمية من 87 تريليون دولار في 2009 إلى ما يزيد على 115 تريليون دولار حاليا.

– تشكل السندات الحكومية حاليا ما يصل إلى 47% من السوق.

بالمقابل، يقول صندوق النقد الدولي إن الدين العالمي -العام والخاص- وصل إلى 188 تريليون دولار حاليا، وهو ما يعادل 230% من الناتج العالمي.

وقدر الصندوق أن 43% من البلدان المنخفضة الدخل، إما عرضة لخطر الوقوع في محنة ديون أو في ضائقة بالفعل.

الديون وفيروس كورونا
لا شك أن فيروس كورونا سيعمّق من ثقل المديونية على الدول، ويرفع حجم الديون عبر العالم إلى مستويات تتجاوز التوقعات.

فقد أطلق العديد من الدول -وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية (أكثر من تريليوني دولار) ودول الاتحاد الأوروبي- خطط تحفيز لمواجهة تداعيات الفيروس، بجانب تحفيض البنوك المركزية لأسعار الفائدة إلى مستويات جد متدنية، في محاولة لتنشيط الاقتصاد، مما سيفتح الباب أمام مزيد من الاقتراض.

المصدر : الصحافة الإسبانية + مواقع إلكترونية + وكالات