أكثر القطاعات تضررا.. كورونا يدمّر السياحة الإيرانية

اقبال ضعيف عن أماكن سياحية في هذا العام بسبب فايروس كورونا.
الكثير من السياح ألغوا رحلاتهم من إيران وإليها بسبب خوفهم من تفشي الوباء في البلاد (الجزيرة)

الجزيرة نت-طهران

يمشي العم حسن في مختلف الاتجاهات أمام المعلم السياحي حافظ شيرازي (جنوب إيران)، بحثا عن سياح يبيعهم أوراقه التفاؤلية (أوراق الطالع). اقترب منا يعرض قصاصاته الورقية، وخلال الشراء كان لا بد من طرح سؤال بديهي عن عدد السياح هذه السنة مقارنة بالسنة الماضية، ليجيبنا فورا "انخفض عدد السياح كثيرا كثيرا".

وأضاف أنه لا عمل لديه سوى هذا، وبسبب انخفاض عدد السياح انخفض دخله وتردت أوضاعه الاقتصادية، بعد انتشار فيروس كورونا.

بنبرة تشي بحزن عميق، يقول العم حسن الذي ناهز الستين من عمره "الحمد لله على كل حال، ستمر هذه الظاهرة أيضا"، ليستكمل حديثه بقراءة شعر حافظ شيرازي لنا الذي معناه: إذا لم يَدُر الفلك وفق مرادنا في بعض الأيام، فلا تسأم، فإن دورانه لا يستمر على وتيرة واحدة، فلا تحزن.

العم حسن تراجع دخله وتردت أوضاعه بسبب انخفاض عدد السياح (الجزيرة)
العم حسن تراجع دخله وتردت أوضاعه بسبب انخفاض عدد السياح (الجزيرة)

كورونا والسياحة
انتشر فيروس كورونا منذ أيام قليلة في إيران، لتتأثر به قطاعات مختلفة، ولا سيما قطاع السياحة الذي تبلغ عائداته قرابة 12 مليار دولار، بحسب تصريح رئيس منظمة التراث الثقافي والصناعات اليدوية والسياحة علي أصغر مونسان في نيسان/أبريل الماضي.

وقد ألغى الكثير من السياح رحلاتهم من إيران وإليها بسبب خوفهم من تفشي الوباء في البلاد، وكذلك أغلقت دول الجوار جمیع حدودها مع إيران، مانعين مواطنيهم من السفر إليها أو مجيء السياح الإيرانيين إلى بلدانهم، خشية انتشار الفيروس.

رحلات رأس السنة
مع قدوم رأس السنة الجديدة واحتفال الإيرانيين بعيد النوروز (في 20 مارس/آذار)، وهو الموعد السنوي للإجازات والرحلات السياحية في البلاد، كانت الفنادق والمطاعم والشركات السياحية والمحال التجارية على أهبة الاستعداد لاستقبال الموسم وإنعاش الحركة التجارية، ولكن خابت جميع ظنونهم بعيد انتشار الفيروس وانخفاض الحركة الشرائية.

وأعلن رئيس اتحاد فنادق طهران محمد علي فرخ مهر -يوم الأحد- أن 98% من فنادق البلد فارغة، فيما تصل النسبة إلى 100% في مدينة طهران.

كما ذكر خدابرست الرئيس التنفيذي لاتحاد فنادق أصفهان (وسط إيران) -في حديثه للجزيرة نت- أن جميع الحجوزات والرحلات السياحية ألغيت وأعيدت كل المدفوعات إلى أصحابها.

وأضاف أن قطاع السياحة من أكثر القطاعات المتضررة بشكل كبير جراء انتشار فيروس كورونا ويتجه نحو الإفلاس، فالفنادق ليست كالمحال التجارية تغلق أبوابها لتقليل الخسائر، ففي أقل تقدير يعمل ما بين 10 إلى 15 شخصا في الفندق ذي النجمة الواحدة، وصولا إلى 250 أو 300 موظف في فنادق النجوم الخمس.

‪محلات تحف يدوية تعاني من ضعف الإقبال لعدم وجود السياح هذه السنة‬ (الجزيرة)
‪محلات تحف يدوية تعاني من ضعف الإقبال لعدم وجود السياح هذه السنة‬ (الجزيرة)

سياحة الملايين
يزور الملايين من الإيرانيين مختلف المدن السياحية في عطلة رأس السنة بإيران ودول الجوار، حيث بلغت نسبة العائلات الإيرانية التي سافرت الربيع الماضي ما يقارب 70% بحسب مركز الإحصاء الإيراني، منهم عشرون مليونا سافروا أسبوعين في عيد النوروز بحسب مونسان.

وإضافة إلى الفنادق والشركات السياحية، تتأثر أيضا قطاعات أخرى مثل المتاحف والمعالم السياحية والمطاعم والمحال التجارية ومعامل التحف اليدوية بانخفاض نسبة السياح.

وتقول صانعة التحف اليدوية "شكراللهي" في حديثها للجزيرة نت: "لقد تأثرنا كثيرا بسبب غياب السياح هذه السنة، وأصبح عددنا في محل بيع التحف اليدوية أربعة بدلا من 16، وهذا بالطبع سيؤثر على اقتصاد العائلات".

‪قطاع السياحة من أكثر القطاعات المتضررة جراء انتشار الفيروس ويتجه نحو الإفلاس‬ (الجزيرة)
‪قطاع السياحة من أكثر القطاعات المتضررة جراء انتشار الفيروس ويتجه نحو الإفلاس‬ (الجزيرة)

دول الجوار
وتتأثر دول الجوار أيضا بتوقف رحلات سفر الإيرانيين خلال هذه الفترة، ولا سيما إلى تركيا والإمارات، الوجهتين المفضلتين لهم.

وبلغ عدد السياح الإيرانيين إلى خارج البلاد في أول ستة أشهر من العام الإيراني (مارس/آذار-سبتمبر/أيلول) أربعة ملايين و260 ألف شخص بحسب مركز أبحاث البرلمان، حيث سافر أربعمئة ألف مواطن خلال أسبوعين من رأس السنة الإيرانية، بحسب رئيس لجنة مكاتب السفريات حرمت الله رفيعي.

ومن الواضح أن إيران -إلى جانب الكثير من الدول السياحية- ستخسر ملايين الدولارات جراء انتشار فيروس كورونا.

وبناء للمعطيات المستجدة، طالب جواد قاسمي نائب رئيس جمعية خبراء السياحة الإيرانية -في حديثه للجزيرة نت- الدولة بتقديم دعمها للمتضررين من قطاع السياحة ومنحهم تعويضات، وإعفائهم من الضرائب وتمديد المهلة لتسديد الديون للعاملين في هذا القطاع، وذلك لتخفيض الأضرار والضغوط على هذا القطاع. 

المصدر : الجزيرة