مع فيروس كورونا.. هل يبقى الذهب ملاذا آمنا؟
سجل الذهب أداء سلبيا خلال الأسبوع الماضي، في وقت يستمر فيه وضع السوق بالتدهور نتيجة تأثير فيروس كورونا على النمو الاقتصادي العالمي، لكن يظل الأمل بأداء أفضل للمعدن النفيس مستقبلا.
وذكر موقع كابيتال الفرنسي المهتم بالشؤون الاقتصادية أن مسيرة الذهب -الذي يعتبر ملاذا آمنا تقليديا- كانت الفترة الأخيرة مخيبة للآمال، عندما تدهورت الأسهم وسط المخاوف التي أثارها فيروس كورونا.
ويقول بنيامين لوف كاتب العمود بموقع كابتال إن المعدن النفيس سجل أداء سلبيا خلال الأسبوع الماضي، في وقت يستمر فيه وضع السوق في تدهور وسط حالة عدم اليقين التي يطرحها تطور فيروس كورونا على النمو الاقتصادي العالمي.
ومع تصحيح يتجاوز 10% منذ بداية الأسبوع في معظم مؤشرات البورصة الرئيسية، يبحث المستثمرون –حسب الكاتب- عن حماية رأس المال وخفض أسعار الفائدة وتعزيز العملات الصعبة، إلا أن أداء الذهب -الذي يعتبره الكثيرون ملاذا آمنا في أوقات ضغوط السوق- كان مخيبا للآمال، حتى أنه انخفض في الجلسات الأخيرة من الأسبوع الماضي.
وقال الكاتب إن هذا الانخفاض -الذي يمكن أن يستمر لبضعة أيام أخرى- يعود إلى عناصر فنية، منها انتهاء صلاحية عقود خيارات الذهب بالولايات المتحدة (عقود تتيح لك شراء الذهب وإن تغير سعره في المستقبل لكن دون إلزام بالشراء) مما أدى على ما يبدو إلى حصول مبيعات للعقود الآجلة بهدف دفع سعر الذهب إلى ما دون المستوى المحوري البالغ 1650 دولارا للأوقية والذي تم فتح صفقات مهمة عليه.
ضغوط على أسعار الذهب
يضاف إلى ذلك أن آليات السوق حافظت على الضغط على أسعار المعدن الأصفر، حيث أعلنت غرفة المقاصة للمعاملات بأسواق العقود الآجلة للمعادن الثمينة الخميس الماضي عن زيادة في نداءات الهامش بسوق الذهب (طلبات لإيداع مزيد من الأموال بحسابات تداول المستثمرين عندما تنخفض قيمتها إلى ما دون النصف أو بيع بعض الأصول الموجود بهذه الحسابات) وهي تأخذ هذا في الاعتبار وتطلب مبلغا أكبر لضمان إكمال المعاملات التي تسجلها بنجاح.
ونتيجة هذا القرار مهمة –حسب الكاتب- لأنها ترغم جميع المستثمرين على تقليص محافظهم، خاصة أن كل عقد يتطلب ضمانا أكبر مقابل مبلغ معين، مما يؤدي إلى تناقص عدد العقود التي يمكن للمستثمر الاحتفاظ بها.
وشبه الكاتب الوضع الحالي بما واجهه العالم عام 2008، حيث دعت غرف المقاصة في المرحلة الأولى من الانخفاض الحاد بأسواق الأسهم جميع فئات الأصول لتغطية المراكز، مما أجبر المستثمرين على تصفية جزء من محفظتهم، تماما كما يحدث اليوم.
والنتيجة كانت أن الذهب في المرحلة الأولى من هبوط الأسهم عام 2008 انخفض بأكثر من 18%، ولكنه استأنف بسرعة كبيرة مساره التصاعدي، حيث ارتفع بنسبة 30% تقريبا بين نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2008 ونهاية يناير/كانون الثاني 2009، وهذا ما يمكن أن تعمله نفس الآلية اليوم ولو بدرجة أقل، كما يقول الكاتب.
وأوضح الكاتب أن هذا الانخفاض الطفيف في أسعار المعدن النفيس إذا كان مرتبطا بهذه العوامل الفنية، فهو لا يشكك في أساسيات هذا السوق التي تتعزز باستمرار، خاصة أن القلق الناجم عن الأزمة الصحية الحالية يعزز الطلب على أصول السندات التي تعتبر أقل خطورة، مما يضع ضغوطا على أسعار الفائدة.
ومع ذلك -يرى الكاتب- أن جدول الانتخابات الأميركية قد يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى التحرك في وقت أقرب مما تتوقعه الأسواق اليوم، قبل فترة التعتيم التي يدخلها قبل ستة أشهر من الانتخابات، حتى لا يتهم بالتأثير على التصويت، وذلك ما يمكن أن يسمح له بخفض أسعار الفائدة في مارس/آذار الحالي خفضا إيجابيا بالنسبة للذهب والفضة.
بيئة مواتية
دفعت هذه البيئة المواتية -حسب الكاتب- اثنين من البنوك الأميركية الكبرى إلى مراجعة أهدافها المتعلقة بالمعدن الأصفر الأيام الأخيرة، حيث يتوقع بنك غولدمان ساكس ارتفاع الأسعار إلى 1800 دولار للأوقية على مدار ثلاثة أشهر، في حين يتوقع سيتي بنك إمكانية وصول سعر الذهب إلى ألفي دولار للأوقية في غضون 18 أو 24 شهرا.
ويقول الكاتب إن الذهب باق رغم ما يمر به هذا الأسبوع، لأن الأزمة الصحية الحالية يبدو أنها تشكل دعما للعوامل الفنية المؤقتة والعوامل الأساسية المواتية للذهب، ولذلك يمكن مثلما حدث عام 2008 أن يستعيد الذهب مكانته بسرعة كملاذ آمن ويبدأ من جديد.
يُشار إلى أن أسعار الذهب ارتفعت اليوم الثلاثاء مع تنامي التوقعات بشأن تيسير بنوك مركزية كبرى للسياسات النقدية للحد من الآثار الاقتصادية لانتشار فيروس كورونا.
وصعد السعر الفوري للذهب 0.5% إلى 1598.59 دولارا للأوقية (الأونصة) في التعاملات المبكرة اليوم بعد أن صعد 0.4 أمس. كما صعدت عقود الذهب الأميركية الآجلة 0.4% إلى 1600.90 دولار.