وسط مطالبات حظر التجول بمصر.. ماذا عن ملايين الفقراء؟

أثار اكتشاف إصابات بفيروس "كورونا"، في المناطق المحيطة والقريبة من قطاع غزة، كالضفة الغربية، ومصر، وإسرائيل، مخاوف السكان، من إمكانية وصول الفيروس إليهم، خاصة مع وجود "معابر برية" تربطه بتلك المناطق. وبدأ السكان باتخاذ العديد من الإجراءات الاحترازية للوقاية من الإصابة بكورونا. موظفو "بنك فلسطين"، أحد البنوك التابعة لسلطة النقد الفلسطينية في غزة، يتبعون إجراءات احترازية للوقاية من فيروس "كورونا" المستجد، ويستخدمون المعقّمات لتطهير أيدي المراجعين، ولتنظيف المرافق
مطالبات بفرض حظر التجول في مصر، وسط تحذيرات من تأثير ذلك على ملايين الفقراء (الأناضول)

محمد عبد الله-القاهرة

مع تصاعد قلق المصريين من تزايد انتشار فيروس كورونا؛ كثر الحديث عن ضرورة فرض حظر تجول في البلاد، خاصة مع عدم التزام البعض بإرشادات البقاء في المنزل، وتقليل فرص الاختلاط بالآخرين.

وقال مصدر إعلامي مطلع للجزيرة نت إن "هناك حديثا يدور في أروقة السلطة حول إمكانية فرض حظر التجول، مع الأخذ في الاعتبار سلبيات وإيجابيات القرار". 

وحذر العديد من مقدمي برامج "توك شو" في القنوات المصرية من أن ما وصفوه بعدم التزام المصريين بتعليمات وزارة الصحة، واستمرارهم في التجمعات الكبيرة؛ من شأنه أن يدفع السلطة إلى قرار حظر التجول.

وانقسم رواد مواقع التواصل بين مؤيد ومعارض لحظر التجول؛ حيث يرى المؤيدون أن من شأن ذلك الحد من انتشار الفيروس، والسيطرة عليه، في ظل عدم وجود دواء ناجع، في حين يؤكد المعارضون أن ملايين المصريين من الفقراء والبسطاء -وفي مقدمتهم من يعملون باليومية ولا يتمتعون برواتب شهرية ثابتة- سيتضررون بشدة.

ومع تزايد التكهنات والمطالبات وتداول معلومات حول انتشار الجيش لتنفيذ قرار حظر التجول؛ نفى المتحدث العسكري باسم الجيش المصري صحة ذلك، مؤكدا أن قوات الجيش المنتشرة تشارك في تطهير المباني الحكومية والمرافق الحيوية.


حظر جزئي
وفيما يشبه الحظر الجزئي؛ اتخذت السلطات المصرية إجراءات عدة لمنع التجمعات، وتقليل اختلاط المصريين، بدأتها قبل أسبوع بوقف المدارس والجامعات، كما أعلنت وزارة الأوقاف اليوم السبت إغلاق المساجد أسبوعين، وهو ما أعلنته الكنائس المصرية أيضا.

واليوم أيضا أعلنت وزارة الآثار إغلاق المتاحف والمواقع الأثرية للمدة نفسها، في حين أعلن المجلس الأعلى للجامعات تأجيل امتحانات الفصل الدراسي الثاني إلى نهاية مايو/أيار القادم. 

وقبل يومين، أعلن رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي إغلاق المطاعم والمقاهي والكافيتريات  والكازينوهات والملاهي والنوادي الليلية والمراكز التجارية من السابعة مساء إلى السادسة صباحا، وذلك حتى نهاية مارس/آذار الجاري، لكنه استثنى المخابز ومحلات البقالة والصيدليات، سواء المتواجدة بالمراكز التجارية أو خارجها.

ولمواجهة المخاوف من تأثير تلك الخطوات على الاقتصاد المصري؛ أعلنت الحكومة حزمة إجراءات لدعم المستثمرين وأصحاب المصانع والشركات وبعض الطبقات الوسطى المتعاملة مع البنوك، مثل توفير مليار جنيه للمصدرين لسداد جزء من مستحقاتهم، وتأجيل سداد الضريبة العقارية المستحقة على المصانع والمنشآت السياحية لمدة ثلاثة أشهر. 

كما قررت تأجيل أقساط القروض المستحقة على العملاء -أفرادا ومؤسسات- للبنوك (تشمل القروض لأغراض استهلاكية والقروض العقارية للإسكان الشخصي) لمدة ستة أشهر، من دون احتساب أي غرامة تأخير، طبقا لمبادرة البنك المركزي.


ماذا عن الفقراء؟
حسب آخر تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، ارتفعت معدلات الفقر في البلاد لتصل إلى 32.5%، مما يعني وجود أكثر من 32 مليون فقير يواجهون أعباء الحياة يوما بيوم، حيث يعتمد ملايين المصريين على العمل اليومي غير النظامي.

وحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يوجد 11.85 مليون عامل (عمالة غير منتظمة) من أًصل 25.7 مليون مشتغل، ولا يتمتعون بتأمين صحي أو معاش اجتماعي، وأجور منتظمة.

هذه الملايين من الفقراء دفعت العديد من النشطاء للتخوف من تأثير حظر التجول عليهم وتفاقم معاناتهم اليومية، وطالبوا الحكومة بدراسة خطوات دعمهم قبل اتخاذ القرار الصعب، لكن آخرين دعوا إلى حملات تكافل لمساعدة الأسر الفقيرة التي تضررت من التأثيرات الاقتصادية لفيروس كورونا، كما أعلن العديد من المشاهير ولاعبي كرة القدم التكفل بعدد من الأسر الفقيرة التي تعتمد على الدخل اليومي.

 
محافظ البحيرة الأسبق أسامة سليمان أكد أن أحد الحلول أمام الحكومة المصرية في حال لجأت لفرض حظر تجول هو "استقطاع جزء من الموازنة وتوجيهه للفقراء، لتحقيق الاكتفاء الذاتي الضروري من الاحتياجات الضرورية، والتوقف عن الإنفاق على بعض المشروعات مثل العاصمة الإدارية، وصفقات السلاح.

وفي حديثه للجزيرة نت، أشار سليمان إلى أن الحكومة غير قادرة على حماية الفقراء وعمال اليومية في حال فرضت حظر تجول، سواء كان كليا أو جزئيا، مضيفا "سيكونون أول من يجوعون، وآخر من يعالجون، حتى لو تم التوصل للقاح لهذا الفيروس".

وأوضح أنه لا بديل عن اتخاذ إجراءات كافية لتوفير الضروريات، وتكاتف المجتمع المدني مع الفقراء، معربا عن مخاوفه من "التعتيم والتكتم وتقديم بيانات مضللة عن واقع الأزمة".


التبعات الاقتصادية
من جهته، استبعد مستشار وزير التموين الأسبق إسماعيل تركي "إقدام الحكومة المصرية على فرض حظر تجول كبعض دول العالم، وذلك خوفا من التبعات الاقتصادية للقرار".

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح تركي أن الحكومة المصرية ستعزل بعض المدن والمحافظات عند تفشى الفيروس فيها، مثل ما حدث فى منطقة بلقاس بمحافظة الدقهلية، ومحافظة البحر الأحمر، وستعطي صلاحيات للمحافظين لاتخاذ ما يرونه مناسبا، حتى لا تتحمل مسؤولياتها. 

واستهجن تركي طريقة معالجة الأزمة، قائلا "الحكومة تعالج المشكلة إعلاميا وليس صحيا، وهو منهج للحكومة فى كل الأزمات، ولن تعلن الحظر إلا إذا حدثت مصيبة -لا قدر الله- لا تستطيع السيطرة عليها".

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي