كيف غيّر وباء كورونا عادات المصريين الشرائية؟

الشراء عبر الإنترنت يجذب قطاعا كبيرا من المصريين في ظل وباء كورونا (مواقع التواصل)

لطالما ارتبط التسوق الإلكتروني في مصر بفئات اجتماعية معينة -تتمثل في الأثرياء- خلال السنوات الماضية، ولكن يبدو أن فيروس كورونا جاء ليرجح كفة الشراء الإلكتروني مقارنة بالشراء التقليدي، بصورة غير مسبوقة منذ تفشي الوباء بمصر في أبريل/نيسان الماضي، وهو ما كشفت عنه الكثير من الأرقام الرسمية؛ الأمر الذي يثير تساؤلات حول عادات المصريين الشرائية، وكيف أثر فيها انتشار الوباء؟

ورغم ازدهار التسوق الإلكتروني فما زال الجدل مستمرا في المجتمع المصري بين من يؤيد الشراء عبر الإنترنت ومن يعارضه، مقارنة بالشراء المباشر.

إحصاءات وأرقام

في تصريحات للدكتور إبراهيم عشماوي مساعد أول وزير التموين ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، خلال مؤتمر صحفي في 22 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أفاد بأن حجم التجارة الإلكترونية وصل إلى 40 مليار جنيه (2.54 مليار دولار)، حسب بيانات عمليات البطاقات والمحافظ البنكية والبطاقات المصرفية، مشيرًا إلى توقعات بارتفاعها إلى 400 مليار جنيه (25.4 مليار دولار).

وحسب دراسة صادرة لمؤسسة "ماستركارد" للبطاقات الائتمانية (Mastercard) في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فقد ارتفعت نسبة التسوق الإلكتروني للمصريين بمعدل وصل إلى 72% من بين باقي المستهلكين، وجاء في الدراسة أن قطاعات الملابس والإلكترونيات والرعاية الصحية ومحلات البقالة هي الأعلى في معدلات التسوق الإلكتروني.

تجارب مواطنين

تعد وسائل التواصل الاجتماعي من أبرز الأدوات التي أسهمت في ارتفاع معدلات التسوق الإلكتروني، خاصة مع اتجاه الكثير من الشركات والعلامات التجارية الرائجة في مصر للتسويق الإلكتروني، ومحاولة جذب مستهلكين وعملاء جدد مع تعاظم وباء كورونا والتخوف من الشراء المباشر.

تقول ميرنا خليل (ربة منزل) للجزيرة نت إنها أصبحت مهووسة بالتسوق الإلكتروني مؤخرًا مع تفشي كورونا وتقليل خروجها من المنزل، حيث أصبحت تعتمد على شراء حاجاتها عن بعد، مؤكدة أنها تحب شراء الملابس بصورة خاصة، لا سيما مع إتاحة الفرصة لمطالعة المنتجات التي ترغب في شرائها، وهو ما يقيها في الوقت نفسه من التعرض لفيروس كورونا في حال وجود مصابين أو مخالطين بالمحل التجاري الذي ستذهب إليه عند الشراء المباشر.

ويقول مدحت السيد (موظف بإحدى شركات القطاع الخاص) للجزيرة نت "رغم اعتبار التسوق الإلكتروني وسيلة ناجحة لتوفير الوقت والجهد المبذولين عند التوجه للمتاجر بصورة مباشرة، فإنه ما زال بحاجة إلى الرقابة وحماية المستهلك والوعي من المستهلك نفسه بالمتجر أو الشركة التي سيتعامل معها". مشيرًا إلى أن له تجربة سيئة تتمثل في شرائه محفظة عبر أحد المتاجر الإلكترونية، لكنه فوجئ بتقشير جلد المحفظة بعد مرور 10 أيام فقط، رغم طلبه المسبق بأن تكون المحفظة جلدا طبيعيا لكي لا تتلف بسهولة.

وذكر أنه حاول التواصل مع المتجر بصورة مباشرة، خاصة مع سعر المحفظة المرتفع الذي دفعه، إلا أنه عندما تواصل مع خدمة العملاء لم يجد أي رد منهم، وهو ما جعله يتشكك في نزاهة الشراء الإلكتروني، ويتشكك في فعاليته عند التعامل، خاصة في ظل عدم قدرته على التواصل مع المتجر الإلكتروني.

مستقبل التجارة الإلكترونية

يؤكد خبير تكنولوجيا المعلومات والإنترنت عادل عبد المنعم للجزيرة نت أن فكرة الشراء عبر الإنترنت في مصر ما زالت حديثة نوعًا ما، في ظل غياب ثقافة التعامل مع تكنولوجيا الاتصال وظهورها خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يجعل البنية التحتية للتجارة الإلكترونية بحاجة إلى مزيد من التحديث والتطوير، خاصة مع وجود الكثير من المتاجر التي ظهرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تعمل بصورة غير رسمية.

وأكد أهمية استخدام وسائل التحقق من البيانات وهوية البائعين والمشترين، وهو ما يوجد رقابة من الجهات المعنية على البيانات الخاصة بعملية الشراء والبيع.

التداعيات الاقتصادية والقانونية

بدوره، أكد الخبير الاقتصادي وائل النحاس للجزيرة نت أن التجارة الإلكترونية من المتوقع أن تشهد ارتفاعا كبيرا في معدلاتها، على خلفية تداعيات فيروس كورونا المؤثرة على السوق المباشر، والتحولات الثقافية التي شهدتها مصر خلال الأعوام الأخيرة، والاتجاه إلى التحول الرقمي عبر استخدام كثير من المواطنين الهواتف المحمولة وخدمات البطاقات الائتمانية والبطاقات الذكية؛ مما قد ينعكس على السوق المصري، ويجعل تحول كثير من الشركات للتعامل الإلكتروني ضرورة حتمية من أجل عرض منتجاتها والعمل على تسويقها إلكترونيًّا.

إلا أن النحاس يرى أن تقدم التجارة الإلكترونية سيكون مرهونا بالضمانات التي تقدمها الشركات والمتاجر للمستهلك، والتي يجب أن تراعي خدمات ما بعد البيع، لكي يضمن المستهلك جودة المنتج، وتكون لديه القدرة على إعادة المنتج والتواصل مع خدمة العملاء إذا احتاج إلى ذلك.

ويضيف أن هناك تحديا آخر يتعلق بالكثير من الفئات المصرية التي ما زالت تفضل التعامل المباشر، وهو أمر يظهر في المحافظات المختلفة التي تشهد ارتفاع معدلات الأمية وغياب وسائل التكنولوجيا.

من جانبها، قالت رئيسة الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك سعاد الديب للجزيرة نت إن غياب قانون لحماية المستهلك خلال عمليات الشراء عبر الإنترنت تنتج عنه كثير من المشكلات التي تظهر في صورة شكاوى يتلقاها جهاز حماية المستهلك.

يذكر أن رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب النائب أحمد بدوي كان قد ذكر في تصريحات له خلال مؤتمر صحفي في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي أن البرلمان المقبل سيكون على رأس أولوياته تشريع قانون "التجارة الإلكترونية".

المصدر : الجزيرة