تشجيعا على ابتكار حلول مستدامة لمشاكل البيئة.. تتويج الفائزين بجائزة منظمة المجتمع العلمي العربي بالدوحة
أعلن اليوم الثلاثاء عن أسماء المتوجين بجائزة منظمة المجتمع العلمي العربي لسنة 2020، والتي خصصت للبيئة، وذلك في حفل أقيم بالدوحة، تزامنا مع الذكرى العاشرة لتأسيس المنظمة.
وفازت وزارة الثروة الزراعية والسمكية والموارد المائية في سلطنة عمان بالمركز الأول لفئة المؤسسات، عن مشروعها الحيوي حول الشعاب المرجانية الصناعية، ودوره في توازن البيئة البحرية بعدد من المدن الساحلية في السلطنة، وما حققه من عائدات مادية إثر انتعاش الثروة السمكية، وأيضا رفع مداخيل السياحة ومشاريع الترفيه البحري، التي باتت تتسع قاعدة عشاقه بشكل مستمر.
وتعرف الشعاب الصناعية بأنها عبارة عن مجسمات يتم تصميمها وتصنيعها من مواد صديقة للبيئة، في شكل نماذج مختلفة تتوافق مع الأعماق والكائنات البحرية، ويتم إنزالها إلى قاع البحر، خاصة في المناطق التي لا يوجد فيها شعاب مرجانية طبيعية.
بينما حصل الباحث الفلسطيني صلاح الصادي من فلسطين على المركز الأول لفئة الأفراد، عن مشروعه الحيوي بقطاع غزة، المتخصص في معالجة مياه الشرب والري بالتكنولوجيا الخضراء، وهو مشروع حيوي يفرض نفسه في القطاع المحاصر منذ سنوات، وأكثر واقعية واستجابة لحاجات السكان، بالنظر لضعف الموارد في غزة.
ويقصد بالتكنولوجيا الخضراء الاعتماد على المصادر البيئية الآمنة، المستخلصة من النباتات والحيوانات والموارد الطبيعية، للحصول على طاقة من مصادر صديقة للبيئة لا تؤدي إلى حدوث أضرار، بدلا من الوقود تحديدا وما يخلفه من انبعاثات تؤثر على المناخ.
وتكونت لجنة التحكيم من خبراء في المجال من 6 دول عربية مختلفة، من تونس واليمن والجزائر وسوريا والمغرب وقطر، وأنيط بها دور تقييم الأعمال المشاركة على أسس علمية سليمة، وترشيح أكثرها توافقا مع الحاجات المستجدة لحماية البيئة وتنمية البيئات الإحيائية.
وشارك في نسخة هذه السنة التي خصصتها المنظمة لمشاريع البيئة، باحثون من تخصصات ومهن مختلفة يمثلون 13 دولة عربية، وتركزت أغلب المشاريع المتنافسة التي بلغت 90 مشروعا، في مجالات الزراعة وتربية المواشي ونمو الكائنات البحرية، ونظافة البيئة والحد من التلوث، ومعالجة المياه، وتوفير الطاقة والتقنيات الخضراء، ومشاريع إعادة التدوير، وحماية التنوع الحيوي.
ونوهت رئيسة منظمة المجتمع العلمي العربي موزة الربان -في كلمة ألقيت بالنيابة عنها- بأهمية الجائزة في تحفيز الطاقات العلمية والبحثية في الوطن العربي، معتبرة أن التحديات البيئة تتسارع بشكل مستمر، ولا بد من ابتكار الحلول التي تتصدى لها، من خلال دعم جهود الباحثين سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات.
وقالت الربان، وهي عالمة قطرية تحمل درجة الدكتوراه في الفيزياء الذرية النظرية، وارتبط اسمها بمنظمة المجتمع العلمي التي كانت من مؤسسيها قبل 10 أعوام، إن هناك أفكارا في المنطقة العربية تحتاج إلى بلورتها في إطار مؤسسي، وهي قادرة على الإسهام في وقف النزيف البيئي، وتحقيق التنمية في إطار مستدام وآمن، عربيا وعالميا.
أفكار إبداعية
ما يجمع بين تلك المشاريع أنها قدمت أفكارا إبداعية للمحافظة على الموارد الطبيعية، وتحسين نوعية الهواء والماء والتربة ومعالجة التلوث والمشاريع المساندة، وتقديم تصورات عن التحديات البيئية التي ستواجهها الدول العربية مستقبلا.
ويرى عضو اللجنة الاستشارية لمنظمة المجتمع العلمي العربي أحمد عبد الله، أن الدافع لإعلان هذه الجائزة هو الرغبة في تشجيع الابتكار في مشاريع مستدامة وناجحة وتقديم حلول عملية للعديد من المشاكل البيئية في المنطقة العربية، في ترجمة فعلية لفلسفة المنظمة وقيمها، التي تصب في دعم كل مشروع حضاري مبني على توطين العلم والمعرفة، مع الحرص على تبني اللغة العربية لغة علم وتكنولوجيا.
وقال للجزيرة نت، إن أنشطة المنظمة تهدف لتشجيع العمل العربي المشترك، وخلق روابط وشبكات علمية عربية متخصصة، قادرة على الإسهام في خلق بنية تحتية للمجتمع العلمي العربي، وبحكم أنها تمتلك شبكة علاقات مع كثير من الخبراء العرب في عدد من المجالات والتخصصات، فهي تتعاون بشكل مستمر من أجل في وضع خطط وإستراتيجيات لمواجهة التحديات العربية برؤية عربية.
وخلال العقدين الماضيين، تطور العمل البيئي في المنطقة العربية، ليشمل مختلف النواحي المؤسسية والتشريعية، وكذلك وضع إستراتيجيات وخطط عمل بيئية، وزيادة الوعي المجتمعي، والتوجه نحو الانضمام إلى مزيد من الاتفاقيات الدولية.
كما زاد دور المجتمع المدني في هذا الصدد، من خلال بلورة أطر تنظيمية أكثر كفاءة، رغم أن دور المنظمات غير الحكومية لا يزال ضعيفا، بفعل تشتت جهودها وتشعب أنشطتها.
تحديات المستقبل
يرى عدد من الباحثين أنه لا سبيل لتطوير الابتكار والبحوث في المجال البيئي إلا ضمن أطر مؤسسية، توفر التمويل اللازم، بالنظر للتحديات التي تواجه العالم والمنطقة العربية والدول النامية تحديدا.
وبفعل ما يواجهه العالم من تغيرات في المناخ، وانحسار طبقة الأوزون، وفقد التنوع البيولوجي، وتناقص الموارد الطبيعية، دقت عدد من المنظمات الحكومية وغير الحكومية ونشطاء الدفاع عن البيئة في المنطقة العربية ناقوس الخطر من استفحال تأثيرات كل ذلك مستقبلا، خاصة في ظل ما تعيشه من ارتفاع في معدلات النمو السكاني، وتسارع التمدد الحضري، وضعف الاستثمار في البدائل الصديقة للبيئة.
وإزاء هذا الوضع، تبرز تكاليف التدهور البيئي في المنطقة العربية، بفعل استخدام الموارد الطبيعية بطريقة غير مستدامة، حيث يقدر البنك الدولي الكلفة السنوية للتدهور البيئي بين 4% و9% من الناتج المحلي الإجمالي في بعض البلدان العربية.
ولغاية اليوم، لم تفلح حكومات المنطقة العربية في تقليص هذا النزيف من خلال سياسات واضحة وفعالة، حيث إن جل ما تخصصه من موازنات للأغراض البيئية لا يتعدى 1% من الناتج الإجمالي المحلي، يضاف إلى ذلك أن المؤسسات البيئية القائمة لم تمنح أي دعم حقيقي أو مهمات تشريعية قوية، مما يحد من قدرتها على أن تكون أكثر فعالية.