كورونا يحرم القطاعات الأردنية من العوائد المالية للانتخابات.. والإلكتروني يتفوق على الورقي

كورونا تدفع لتراجع إنفاق المرشحين على دعايتهم
إغلاق صالات الأفراح ووقف نشاط ترتيب المناسبات الاجتماعية بالأردن لمكافحة انتشار كورونا (الجزيرة)

"كنت انتظر موسم الانتخابات النيابية بفارغ الصبر، وذلك لإنقاذي من المديونية التي لحقت بي نهاية العام الماضي، لكن وللأسف منذ مارس/آذار الماضي صدر قرار إغلاق صالات الأفراح ووقف نشاط ترتيب المناسبات الاجتماعية فتوقف الحال".

بهذه الكلمات يصف جمال العجارمة (49 عاما) حاله بعد توقف أعماله بسبب جائحة كورونا، ويضيف "في كل دورة من دورات الانتخابات النيابية كنت أعمل في إقامة المقار الانتخابية، وتجهيز وجبات الطعام والحلوى غيرها، على مدى شهرين، لكن في هذه الدورة عطلت حياتنا وحياة العمال العاملين معنا".

حالة الضرر التي أصابت العجارمة لم تكن الوحيدة، فهنا مطعم تعطلت أعماله بسبب تراجع الطلب على المأكولات وإقامة الولائم، وهناك معرض لإقامة سرادقات الأفراح والمناسبات علاه الغبار من قلة الاستخدام، وبينهما مطابع تعمل بنصف طاقتها بعد اتجاه المرشحين نحو الدعاية الرقمية على حساب المطبوعات.

إغلاقات بالجملة

"وضع كارثي ودمار شامل أصاب المطاعم ومحال الحلويات من بداية العام بسبب جائحة كورونا، وأوامر الإغلاق الشامل وحظر يوم الجمعة وساعات الحظر الليلي الطويلة، حتى بات 70-80% من المطاعم مهدد بالإغلاق إن استمر الوضع الحالي" يقول نقيب أصحاب المطاعم والحلويات عمر العواد للجزيرة نت.

ويتابع العواد أن أصحاب المطاعم والحلويات كانوا ينتظرون موسم الانتخابات النيابية لأن الحركة التجارية فيه تزيد 300% لارتفاع الطلب على المأكولات والحلويات، لكن في هذا الموسم تغلق المطاعم ويُلقى أصحابها بالسجون نتيجة تقصيرهم في دفع أجور المحال وتسديد الضرائب والرسوم واقتطاعات الضمان الاجتماعي، مطالبا بتدخل حكومي يخفف من أعباء أصحاب المطاعم من خلال تخفيض نسب الضمان وإعفائهم من ايجارات المحال 6 أشهر وتخفيض نسب الضريبة.

ورغم سوء أوضاع قطاع المطاعم، فإن قطاع تنظيم الحفلات والمناسبات وصالات الأفراح أكثر سوءا، فهناك نحو 1300 منشأة تعمل صالات أفراح، بلغت قيمة خسائرها نحو 100 مليون دينار (140 مليون دولار) نتيجة إغلاقها منذ 8 أشهر، إضافة لتعطل نحو 10 آلاف منشأة تجارية تعمل مع هذه الصالات، وفق نقابة التجار.

كورونا تدفع لتراجع إنفاق المرشحين على دعايتهم
أصحاب المطاعم والحلويات كانوا ينتظرون موسم الانتخابات النيابية لأن الحركة التجارية فيه تزيد 300% (الجزيرة)

تراجع إنفاق المرشحين

تراجع الإنفاق على قطاعات المطاعم والحلويات وصالات المناسبات، وخفض المرشحون من التكاليف المدفوعة، مما حرم تلك القطاعات من السيولة المالية التي كانت تحصلها كل دورة من دورات الانتخابات النيابية.

ووفق الخبير الاقتصادي حسام عايش فإن الحملات الانتخابية بالدورة السابقة 2016 وصلت تكلفتها إلى 90 مليون دينار (127 مليون دولار) متوقعا انخفاضها الدورة الحالية بنسبة 70%، متوقعا أن تصل في أحسن أحوالها إلى 25 مليون دينار (35 مليون دولار). مع الإشارة إلى أن عدد القوائم الانتخابية والمرشحين زاد هذه الدورة بنسبة 30% مقارنة مع الدورة السابقة.

انتعاش تكنولوجي

وكما يقال "مصائب قوم عند قوم فوائد" فقد قابل حالة التراجع على الطلب بالمطاعم، وإغلاق المقار الانتخابية، نشاط كبير لشركات الدعاية والإعلان الإلكترونية، حيث زاد الطلب عليها 3 أضعاف بعدما اتجه المرشحون نحو مخاطبة الناخبين عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ويقول ممثل قطاع تكنولوجيا المعلومات بغرفة التجارة هيثم الرواجبة للجزيرة نت إن قطاع شركات التكنولوجيا -خاصة المتعلقة بالدعاية والإعلان الرقمي- شهد ارتفاعا ملحوظا خلال 3 أشهر الماضية، نتيجة زيادة إقبال المرشحين على الدعاية الرقمية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ارتفعت مبيعات تلك الشركات 4 أضعاف.

وتابع الرواجبة أن زيادة الطلب على تلك الشركات قابله زيادة في فتح فرص عمل مؤقتة ولمدة 4 أشهر لخريجي قطاعات البرمجة والحاسوب، مقدرا عدد تلك الفرص بنحو 25 ألف وظيفة، إضافة لشركات الإنتاج التلفزيوني.

تراجع الطلب على اقامة المقرات الانتخابية عمق من أزمة اصحاب محال مستلزمات المناسبات. الجزيرة مخيم البقعة محافظة البلقاء
تراجع الطلب على إقامة المقرات الانتخابية عمق من أزمة أصحاب محال مستلزمات المناسبات (الجزيرة)

قطاعات تزاحم أخرى

ويرى مدير غرفة صناعة عمان نائل الحسامي أن جائحة كورونا وما تبعها من أحداث شكلت حالة من التحولات الاقتصادية المهمة، فهناك قطاعات صناعية وتجارية ستخرج من السوق، وستحل محلها قطاعات أخرى نتيجة تطور البشرية، فقطاع المطبوعات مثلا كان مسيطرا على جو الدعاية الانتخابية بدورة 2016، وهذا العام نرى دخولا للدعاية الرقمية والإلكترونية بقوة تزاحم فيه قطاع المطبوعات.

وتابع للجزيرة نت أن القطاعات الاقتصادية المختلفة مطالبة بتطوير نفسها وآليات عملها بما يتوافق مع السوق الجديد وحاجات البشرية، مؤكدا ضرورة تقديم الدعم اللازم والضروري لقطاعات المطاعم والحلويات والضيافة وصالات المناسبات، وبقية القطاعات الأكثر تأثرا بجائحة كورونا وما تبعها من إغلاقات.

المصدر : الجزيرة