برنت عند أعلى مستوى منذ مارس.. هل ينهار بيت أوبك بلس؟

A 3D printed oil pump jack is seen in front of displayed Opec logo in this illustration picture, April 14, 2020. REUTERS/Dado Ruvic/Illustration
منظمة أوبك وحلفاؤها سيعقدون اجتماعا حاسما بشأن إنتاج النفط يومي الـ30 من نوفمبر/تشرين الثاني والأول من ديسمبر/كانون الأول (رويترز)

بلغت أسعار خام برنت أعلى مستوياتها منذ مارس/آذار بدعم من أنباء عن لقاح واعد ثالث لفيروس كورونا، وسط قلق بشأن مستقبل منظمة "أوبك" (OPEC) وحلفائها.

وبحلول الساعة 07:44 بتوقيت غرينتش زادت العقود الآجلة لخام برنت بما يعادل 1% لتصل إلى 46.51 دولارا للبرميل، في حين صعد الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 1.1% إلى 43.52 دولارا للبرميل.

جاء ذلك في وقت دعمت أنباء عن لقاح واعد ثالث لفيروس كورونا الآمال في تعاف أسرع للطلب على النفط، في حين تلقى الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن الضوء الأخضر للبدء في العملية الانتقالية لقيادته.

وفي وقت سابق من اليوم، ارتفع برنت إلى أعلى مستوياته في الجلسة عند 46.65 دولارا، وهو أعلى سعر جرى تداوله منذ أوائل مارس/آذار، قبل أن تدق السعودية طبول حرب أسعار مع روسيا، والتي أدت لانهيار أسعار النفط.

وجرت تسوية كلا الخامين القياسيين بارتفاع 2% تقريبا أمس الاثنين بعد زيادة بنحو 5% في الأسبوع الماضي.

وقال ستيفن إنز كبير محللي الأسواق العالمية في شركة أكسي للخدمات المالية (axi) إن "التقدم على صعيد تطوير وتوزيع لقاح يقلص المخاطر على المسار لتعود إلى طبيعتها بالنسبة لأسواق النفط".

وقالت شركة "أسترازينيكا" (AstraZeneca) أمس الاثنين إن لقاحها فعال بنسبة 70% في التجارب الأساسية، وقد ترتفع فعاليته إلى 90%، مما يعطي الحرب العالمية ضد الجائحة سلاحا ثالثا يمكن أن يكون أقل تكلفة وأسهل توزيعا وأسرع في الزيادة مقارنة بالمنافسين.

جاء ذلك بعد نتائج إيجابية لتجارب من "فايزر" (Pfizer) و"بيونتك" (BioNTech) من ناحية، و"مودرنا" (Moderna) من ناحية أخرى.

 مستقبل أوبك

في الأثناء، قال بنك غولدمان ساكس (Goldman Sachs) في مذكرة إن ثمة قلقا متجددا بشأن مستقبل مجموعة "أوبك بلس" (OPEC+)، فيما تحاول إعادة التوازن للسوق وتضمن إيرادات وحصة أكبر على المدى المتوسط، وذلك في الوقت الذي يقترب فيه قرار المجموعة بشأن تخفيضات إنتاج النفط من نهايته.

ومن المقرر أن تجتمع أوبك بلس -التي تضم أعضاء من منظمة البلدان المصدرة للبترول وروسيا ومنتجين آخرين- يومي الـ30 من نوفمبر/تشرين الثاني، والأول من ديسمبر/كانون الأول، ومن المحتمل أن تناقش تمديد تخفيضات الإنتاج للعام المقبل نتيجة ضعف الطلب مع تزايد الإصابات بكوفيد-19.

وقال بنك "غولدمان ساكس" إن "من المحتمل أن يزيد تعقيدات الاجتماع سعي الإمارات إلى رفع مستوى الأساس لحصتها الذي يبدو منخفضا مقارنة بالسعودية وروسيا، وذلك على الرغم من أننا لا نعتقد أنه سيخرج التمديد عن مساره".

Oil pump jacks work at sunset near Midland, Texas, U.S., August 21, 2019. Picture taken August 21, 2019. REUTERS/Jessica Lutz
صعد الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 1.1% إلى 43.52 دولارا للبرميل (رويترز)

ويتوقع البنك تحركا منسقا لتقييد الإنتاج كأفضل تحرك على المدى المتوسط حيال أسعار النفط، وذلك في ظل المستويات المرتفعة لاحتياطيات الخام، وموجة جديدة من إصابات فيروس كورونا التي أدت لإعادة فرض إجراءات عزل جزئية.

وتوقع "غولدمان ساكس" أن ترجئ أوبك بلس زيادة الإنتاج لمدة 3 أشهر، مما يسهم في عودة العجز في السوق إلى مليون برميل يوميا في الربع الأول من عام 2021.

ويتوقع البنك أن يبلغ متوسط سعر الخام 47 دولارا للبرميل في الربع الأول في حالة تمديد تخفيضات الإنتاج.

وضعية الإمارات

من جهته، قال الكاتب جوليان لي في تقرير بموقع بلومبيرغ إنه في الوقت الذي يستعد فيه وزراء أوبك للاجتماع لاتخاذ القرار بشأن الخطوة التالية في اتفاق الإنتاج يتساءل المسؤولون في الإمارات العربية المتحدة -التي لطالما كانت حليفة مخلصة للسعودية- بشكل خاص عن الفوائد المترتبة عن المشاركة، والتي ستحسم قرار مغادرتها من منظمة الدول المصدرة للنفط.

وأضاف الكاتب أن المداولات التي سربت إلى الصحافة الأسبوع الماضي لا تعدو أن تكون محاولة لدفع مجموعة المنتجين إلى مراجعة حصة دول الخليج العربي.

والأسوأ من ذلك -يقول الكاتب- أن هذا الأمر يهدد بتسليط الضوء على المناقشات التي تتعلق بكيفية استجابة المنتجين للضغوط المتضاربة التي تفرضها الأخبار الإيجابية عن اللقاح والتأثير السلبي الناجم عن تجديد قيود إغلاق فيروس كورونا على السفر والنشاط الاقتصادي.

وتأتي التساؤلات المتعلقة بمستقبل الإمارات في أوبك في وقت حرج بالنسبة للمجموعة وحلفائها في أوبك بلس، حيث ظهرت توترات حول ما يجب فعله بشأن أهداف الإنتاج، والتي من المقرر تخفيضها من بداية العام المقبل.

وأوضح الكاتب أن الإجابة تبدو واضحة، فمن غير المرجح أن تؤثر لقاحات كوفيد-19 على الطلب على النفط في وقت قريب، وستظل المخزونات متراكمة.

وأشار الكاتب إلى أن ليبيا -الدولة العضوة في أوبك والتي كانت تعاني من حرب أهلية- أضافت حوالي مليون برميل في اليوم للإمداد في غضون أسابيع.

ونتيجة لذلك، توقع الكاتب أن يمدد تحالف أوبك بلس خفض الإنتاج الحالي لمدة تتراوح بين 3 و6 أشهر إضافية.

لكن الإمارات العربية المتحدة المستاءة تقول إنه ينبغي عدم اتخاذ أي قرار حتى ينفذ جميع الأعضاء بالكامل التخفيضات المتفق عليها، وفق تقرير بلومبيرغ.

The logo of the Organization of the Petroleum Exporting Countries (OPEC) is seen inside their headquarters in Vienna, Austria December 7, 2018. REUTERS/Leonhard Foeger
الدول التي شهدت وفرة في الإنتاج مثل العراق ونيجيريا والإمارات العربي تعرضت لضغوط من قبل السعودية (رويترز)

امتثال أوبك بلس

يقول تقرير بلومبيرغ إنه بينما أن الدول التي شهدت وفرة في الإنتاج مثل العراق ونيجيريا والإمارات العربية المتحدة تعرضت لضغوط شديدة من قبل المملكة العربية السعودية ظلت دولة واحدة غائبة بشكل واضح عن هذه القائمة، ألا وهي روسيا، فعلى الرغم من كونها ثاني أكبر منتج لمجموعة أوبك بلس فإنها لم تواجه أي انتقادات علنية مطلقا، لذلك -يقول الكاتب- من السهل فهم سبب غضب الإمارات.

الضربة القاضية

أشار تقرير بلومبيرغ إلى أن إعادة النظر في هدف الإمارات العربية المتحدة ستثير جدلا واسعا، فالعراق كذلك يريد أن يحظى بمعاملة خاصة، بسبب حربه المكلفة ضد ما يسمى تنظيم الدولة، كما تريد نيجيريا إعادة تصنيف بعض النفط الخام لإزالته من حصتها.

وقال التقرير إن النظر في شكاوى الجميع قد يؤدي إلى تفكك سريع لاتفاق أوبك بلس بشكل كامل.

وأضاف أن انسحاب الإمارات العربية المتحدة من أوبك يظل واردا رغم استبعاده، ومن المتوقع أن تكون المخاطر السياسية والاقتصادية هائلة إذا ثبت هذا الاحتمال.

وتابع التقرير "بضربة واحدة ستقضي مثل هذه الخطوة على النوايا الحسنة بين الإمارات والسعودية، وستكون تداعياتها مكلفة".

وأوضح الكاتب أنه إذا لم يتم تحديد مسار أسعار النفط في الأشهر المقبلة فمن المؤكد أن تلجأ الدول الأخرى إلى إنهاء قيود الإنتاج.

وخلص الكاتب إلى أنه قد لا يكون تأثير زيادة 1.6 مليون برميل في اليوم من الخام الإماراتي كارثيا على أسعار النفط، ولكن إضافة 7 ملايين برميل آخر من بقية المجموعة وتخفيض الأسعار في مارس/آذار إلى ما يقل عن 20 دولارا للبرميل قد يكونان أمرا جيدا.

المصدر : بلومبيرغ + رويترز