المركزي التركي يرفع أسعار الفائدة.. كيف تفاعلت الأسواق والليرة مع القرار؟

A money changer counts Turkish lira banknotes at a currency exchange office in Istanbul, Turkey August 2, 2018. REUTERS/Murad Sezer
الليرة التركية تصعد أمام الدولار عقب قرار المركزي رفع أسعار الفائدة (رويترز)

وفقا لتوقعات وانتظارات السوق والعملاء، وخلافا لتلويح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمعارضته لأسعار الفائدة المرتفعة، جاء قرار البنك المركزي التركي برفع أسعار الفائدة من 10.25% إلى 15%.

ووسط ترقب برفع سعر الفائدة لدعم أسعار الليرة، عقدت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي التركي اليوم، الخميس، اجتماعها الأول في ظل رئاسة جديدة للبنك، واستقالة صهر أردوغان وزير المالية الأسبق، براءات ألبيرق.

وسجلت الليرة التركية تحسنا ملحوظا أمام سلة العملات الأجنبية بعد قرار البنك المركزي رفع الفائدة، حيث أصبحت قيمة الليرة 7.51 مقابل الدولار الواحد، و9.00 مقابل اليورو الواحد.

A logo of Turkey's Central Bank (TCMB) is pictured at the entrance of the bank's headquarters in Ankara, Turkey April 19, 2015. REUTERS/Umit Bektas
البنك المركزي التركي رفع أسعار الفائدة من 10.25% إلى 15% (رويترز)

 تحول

واعتبر مراقبون القرار بمثابة تحول تركي نحو مزيد من المواقف اللينة تجاه أسوق المال.

وأوضح بيان المركزي التركي أنه تقرر رفع سعر الفائدة بمقدار 475 نقطة أساس، لإعادة تأسيس عملية خفض التضخم ودعم استقرار الليرة، مؤكدا أن "إنشاء بيئة تضخم منخفضة بشكل دائم سيؤثر إيجابيا على الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي".

وأشار إلى أن القيود الجزئية المفروضة بسبب كورونا تزيد من حالة عدم اليقين في النشاط الاقتصادي، وخاصة قطاع الخدمات.

وشدد المركزي التركي على أنه سيحقق هدفه الرئيسي في الحفاظ على استقرار الأسعار، واستمراريته من خلال تطبيق مبادئ الشفافية والقدرة على التنبؤ والمساءلة.

يأتي ذلك في وقت قال فيه الرئيس رجب طيب أردوغان أمس، الأربعاء، "لن نترك مستثمرينا يسحقون تحت وطأة أسعار الفائدة المرتفعة".

تفاعل الليرة

ذكرت الصحافة التركية أن ارتفاع أسعار الفائدة يعزز الليرة، التي لامست مستويات منخفضة قياسية هذا الشهر، وسيؤدي إلى خفض معدل التضخم، الذي ظل عالقا بالقرب من 12% طوال العام على الرغم من تداعيات جائحة فيروس كورونا.

وقالت إن رفع سعر الفائدة قد لا يوقف انتعاش الاقتصاد التركي من تداعيات فيروس كورونا، الذي أدى إلى انكماش بنسبة 10% تقريبا في الربع الثاني؛ لكنه قد يساعد على تجنب مشاكل ميزان المدفوعات الأوسع نطاقا من خلال تعزيز الليرة.

وأعادت التغييرات، التي شملت وزارة المالية والبنك المركزي، الثقة إلى المستثمرين والأسواق التركية بعدما تأثر الاقتصاد بمجموعة من المتغيرات السياسية والأمنية الداخلية والخارجية.

بدوره، أكد رئيس البنك المركزي التركي، ناجي آغبال، عزمه مواصلة استخدام جميع أدوات السياسة النقدية تماشيا مع الهدف الرئيسي لاستقرار الأسعار.

وقال آغبال في بيان "إن الأهداف الرئيسية للبنك المركزي هي ضمان الحفاظ على استقرار الأسعار، وتماشيا مع الهدف الرئيسي سنستخدم جميع أدوات السياسة بشكل حاسم"، مضيفا أنه سيتم تعزيز الاتصال في السياسة النقدية في إطار مبادئ الشفافية والمساءلة والقدرة على التنبؤ.

وقال وزير الخزانة والمالية التركي الجديد، لطفي ألوان، إن الإطار العام لخارطة طريقه يتمثل في "استقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي واستقرار الأسعار".

أردوغان: لن نترك مستثمرينا يسحقون تحت وطأة أسعار الفائدة المرتفعة (وكالة الأناضول)

تأثير التغييرات الجديدة

في تعليقه على قرار البنك المركزي، ذكر الباحث الاقتصادي في جامعة إيجة بأزمير، محمد إبراهيم، أن رفع معدل الفائدة على الريبو الأسبوعي في جلسة اليوم 475 نقطة كان ضمن التوقعات، وهو ما يساعد الليرة على الاستقرار النسبي أو يمنع تدهورها على الأقل.

وقال إبراهيم للجزيرة نت "اجتماع اليوم كان مهما كونه جاء بعد تغيير محافظ البنك، واستقالة وزير الخزانة؛ مما يعني أنه حصل بعض التغيير لدعم الإدارة الجديدة واستعادة الثقة بالإدارة الاقتصادية، أما الرئيس أردوغان فهو ضد رفع الفائدة على الدوام".

ويرى أنه من المبكر الحكم على إحداث تغييرات جوهرية في سياسة تركيا؛ ولكن يبدو أن المستوى السياسي رفع الضغط مؤقتا عن الإدارة الجديدة؛ لاستعادة الثقة بالبنك المركزي ووزارة الخزانة، فجلسة اليوم والقرار برفع الفائدة يأتي في هذا السياق.

وأكد إبراهيم أن رفع الفائدة سيدعم استقرار الليرة، وسيحد من التضخم؛ لكن هذا الرفع سيدفع الاقتصاد للركود خلال الأشهر الثلاثة القادمة إذا استمر هذا المعدل خلال الفترة المقبلة.

وعادت الآمال بانتعاش الاقتصاد التركي، وتخفيف آثار الإغلاق بسبب جائحة فيروس كورونا، خاصة بعد ارتفاع الصادرات خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي بنسبة 5.6% مسجلة 17.3 مليار دولار، وهو أعلى معدل تم تسجيله على المستوى الشهري هذا العام، وتأكيد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن تركيا من الدول الأقل تأثرا بالجائحة، بعد الصين وكوريا الجنوبية، بين دول المنظمة في 2020.

المصدر : الجزيرة