بعد انتحار أو اغتيال مدير الشركة المسؤولة عن تنفيذه.. من يعرقل ميناء الفاو العراقي؟

ميناء الفاو الكبير
ميناء الفاو الكبير يُنتظر أن يبلغ طوله 16 كيلومترا، وهو مطوّر وفقا لتقنية كسر الأمواج (الصحافة العراقية)

ميناء الفاو الكبير في محافظة البصرة جنوبي العراق يُنتظَر أن يكون الرافد الاقتصادي الأكبر للبلاد والمحور الإستراتيجي للنهضة الاقتصادية، حيث يفترض أن يربط بين قارتي آسيا وأوروبا لنقل البضائع، إلا أنه لم ير النور بعد رغم أن حجر أساسه وضع في أبريل/نيسان 2010.

ومن شأن الميناء المرتقب أن يغير خريطة النقل البحرية حيث يشق طريقه في البحر بعيدا عن الموانئ الكويتية والإيرانية، وينتظر أن تتراوح طاقته الإنتاجية الابتدائية بين 20 و 45 مليون طن سنويا، لكن المشروع يواجه شللا في إكمال الأرصفة المخططة.

ويبلغ طول الميناء كاسر الأمواج  16 كيلومترا، وتنفّذه شركة دايو الكورية التي تعمل حاليا على 5 مشاريع تتمثل بإنشاء 5 أرصفة من أصل 90 رصيفا، ومشروع إنشاء طريق رابط بين ميناء الفاو وخور الزبير، ومشروع نفق الخور، ومشروع حفر القناة، ومشروع حفر حوض الميناء .

ومنتصف الشهر الحالي فوجئ المتابعون بإعلان محافظ البصرة أسعد العيداني وفاة جول هو بارك مدير شركة دايو الكورية الجنوبية المشرفة على إنشاء الفاو الكبير، مشيرا إلى أن النتائج الأولية تفيد بانتحاره.

عرقلة المشروع

وعن معوقات المشروع، أوضح اللواء الركن الدكتور جمال الحلبوسي خبير الحدود والمياه الدولية، أن التنافس الاقتصادي والاستحواذ على الفرص، أو حصرها لدى كل دولة دون النظر للمنطقة ككل، أو التفكير بمنطق التكامل الإقليمي، كلها عوامل دفعت بعض دول الجوار إلى استخدام وسائل ضغط لمنع إكمال بناء الميناء.

ويشير الحلبوسي إلى أن هناك جهات داخلية وخارجية تسعى إلى عرقلة المشروع، ومن الجهات الداخلية تلك المتأثرة بطريق الحرير (طريق واحد نطاق واحد) وتعدّه الأفضل للعراق، وجهات أخرى ترى مصالحها في التبادل التجاري عن طريق المنافذ الحدودية البرية دون حسابات مصالح العراق الأشمل والأوسع، وهذه كلها مصالح فئوية حزبية مرتبطة بخارج البلاد.

وعن سبب مواجهة المشروع الشلل حاليا بيّن الحلبوسي للجزيرة نت، أن ذلك يعود إلى عوامل عدة، فبعد وضع حجر الأساس، لم تكن هناك تخصيصات مالية كافية للمشروع، وبعد هزيمة تنظيم الدولة، واجهت البلاد جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط، ويضاف إلى كل ذلك التناحر السياسي الداخلي بين الكتل الحاكمة .

العقابي قال إن هناك شبابا عراقيين مستعدين للعمل التطوعي لإكمال الميناء (الجزيرة)

التحشيد
نقابة البحريين العراقيين إحدى المؤسسات التي تحشد الجماهير للمضي ببناء المشروع، ويقول ناطقها الإعلامي علي سلمان العقابي "المشروع في بدايته الآن، والعمل جار على إنشاء 4 أرصفة متطورة ليباشر الميناء عمله للمرحلة الأولى، وإذا أريد بناء الميناء حسب ما هو مخطط، فيتطلب ذلك دعما ماليا".

ولفت العقابي إلى أن هناك شبابا عراقيين مستعدين للعمل التطوعي لإكمال الفاو الكبير، وقال إن الميناء لن يكون للسفن العراقية فقط، وإنه يبنى وفق مواصفات عالية ومتطورة لكي يكون قادرا على استقبال البواخر ذات الحمولات الكبيرة، لذلك لا بد من مراعاة الدقة في إتمامه.

المرسومي يرى أن ميناء الفاو مورد إستراتيجي آخر غير النفط في حال إتمامه (الجزيرة)

مشروع إستراتيجي
وينتظر أن يسهم ميناء الفاو الكبير في حال إتمامه في رفعة نوعية للعراق باعتماد مورد إستراتيجي آخر غير النفط بعيدا عن نشر الملوثات في الهواء، وانبعاثات احتراق النفط والغاز.

الخبير الاقتصادي الدكتور نبيل المرسومي يقول إن "البصرة في حالة إنشاء ميناء الفاو الكبير، والقناة الجافة يمكن أن تكون ممرا عابرا لتجارة الترانزيت من موانئ البصرة إلى أوروبا عبر تركيا برا عن طريق شبكة سكة قطار وطرق مرورية مباشرة الى حدود تركيا، واتجاه آخر من البصرة برا عن طريق سكة حديد وشبكة طرق جديدة إلى موانئ البحر المتوسط عبر سوريا، ويمكن أن تكون البصرة منفذا مهما من خلال القناة الجافة لنقل جزء من تجارة الصين مع الاتحاد الأوروبي، والتي تزيد على 680 مليار يورو".

وعن المخاوف من فشل المشروع، يؤكد الخبير الاقتصادي أن ذلك قد يكون سببه قلة التمويل، وغياب إرادة وطنية موحدة لتنفيذ المشروع تحارب الفساد، كما أن انعدام البيئة الأمنية والقانونية سيدمر المشروع.

وحسب المرسومي فإن من شأن خروج ميناء الفاو الكبير إلى الوجود تمكين العراق أن يكون مستقطبا للسفن التجارية، حيث يمكن أن يوفر ما بين 20 إلى 25 يوما للرحلة من شمالي أوروبا إلى جنوب شرقي آسيا عبر قناة السويس، ومن ثم توفير مليارات الدولارات لاقتصاد النقل البحري العالمي، فضلا عن تخفيض تكاليف النقل والشحن والتأمين، والتي تقدر بـ15% من قيمة البضائع.

ويقول المرسومي إن ميناء الفاو الكبير من المواقع الإستراتيجية المهمة في شبكة النقل البحري ليس للعراق فقط، بل للاقتصاد الدولي أيضا لأنه يمثل موقعا متوسطا بين أوروبا وأفريقيا من جهة وشرقي وجنوب شرقي آسيا من جهة أخرى، إذ إنه قد يحقق إيرادات متراكمة تصل إلى 100 مليار دولار خلال 22 سنة من تشغيله .

ويضيف المرسومي أن تشغيل الميناء سيوفر نحو 12 ألف فرصة عمل، كما سيوفر فرص عمل أكبر في حال تشغيله عن طريق تفعيله للأنشطة الاقتصادية والخدمية المختلفة، مما قد يتيح نحو 70 ألف فرصة عمل إضافية.

المصدر : الجزيرة