في الذكرى التاسعة لثورة يناير.. هل الاقتصاد المصري على الطريق الصحيح؟

صور تظهر معاناة مصريين من الأوضاع الاقتصادية
النظام وأنصاره يتهمون ثورة يناير بالمسؤولية عن تراجع الاقتصاد بمصر، بينما يتهم أنصار الثورة النظام بإفقار المصريين (الجزيرة)

محمد عبد الله-القاهرة

من الأسئلة الأكثر إلحاحا في عقول الكثير من المصريين وهم يستقبلون الذكرى التاسعة لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011: هل اقتصاد بلادهم على الطريق الصحيح، وهل تحسن على الصعيد الرسمي والشعبي، وما مؤشرات ذلك سواء كانت الإجابة بالسلب أو الإيجاب؟

المثير أن الإجابة عن سؤال الاقتصاد تتضمن في جوهرها أبعادا سياسية تتعلق بثورة يناير، فلو كان الاقتصاد المصري في تقدم وازدهار، فسيقول أنصار النظام إن الفضل في ذلك يرجع إلى البرنامج الاقتصادي الذي أطلقته الحكومة المصرية عام 2015، وإلى تشديد الإجراءات الأمنية استدراكا لما تصفه بالفوضى التي خلفتها ثورة يناير وأثرت بالسلب على الاقتصاد.

لكن إذا كان الاقتصاد المصري في تدهور، فسيقول أنصار النظام إن ثورة يناير هي السبب، بينما سيقول أنصارها إن تراجع الاقتصاد المصري سببه انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، وما تبعه من إجراءات سياسية واقتصادية.

تحسّن أم تراجع
بدورها، تقول الحكومة المصرية إنها حققت نجاحا كبيرا بتجربتها في الإصلاح الاقتصادي، حيث تحسنت مؤشرات الأداء الاقتصادي بشكل ملحوظ خلال العام الماضي، باعتباره بداية مرحلة جني الثمار، بحسب وصف الحكومة.

وفي تقرير لها عن حصاد 2019 الاقتصادي، عددت الحكومة المصرية تلك الإنجازات، مثل: انخفاض عجز الموازنة من 11.4% في 2014 إلى 8.4% في 2019، وتحقيق فائض أولي بنسبة 2% من الناتج المحلي بدلا من عجز أولي 3.5% عام 2014.

وكذلك تراجع معدل البطالة من 13.3% إلى 7.5%، وتراجع معدل التضخم من 33% في 2017 إلى 3.4%. في الوقت ذاته ارتفع معدل النمو من 4.4% إلى 5.6%، وقفز الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية من 12 مليار دولار عام 2014 إلى نحو 45.2 مليار دولار نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

في المقابل، يرى المنتقدون لمسار الاقتصاد المصري أن ما تروج له الحكومة من مؤشرات إيجابية ينعكس بالإيجاب على موازنتها وأدائها الاقتصادي فقط، وليس على أوضاع المصريين الاقتصادية الذين يعانون بشدة مقارنة بأوضاعهم قبل تسع سنوات، حيث تضاعفت أسعار المسكن والملبس والمشرب والسلع والخدمات، وتقلص الدعم، وزادت الضرائب.

وقلصت الحكومة دعم الطاقة ليصل إلى نحو 57 مليار جنيه بما يعادل 17.4% من إجمالي الدعم في موازنة العام الجاري، مقابل 97.5 مليار جنيه الذي كان يعادل 50% من إجمالي الدعم في موازنة عام 2014.

كما يمثل ارتفاع الديون تحديا أمام الاقتصاد المصري، حيث ارتفع الدين المحلي إلى 4.204 تريليونات جنيه في 2019، مقابل 1044 مليار جنيه فقط في 2011، وزاد الدين الخارجي إلى 109.36 مليارات دولار مقارنة بنحو 34.9 مليار دولار، ليرتفع نصيب الفرد من الدين الخارجي من 413 دولارا إلى 1100 دولار، وفق البنك المركزي.

على الطريق الصحيح
تقول عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة علياء المهدي "أتصور أنه بمعدل النمو الذي حققته مصر هذا العام، نكون قد وصلنا للوضع الاقتصادي قبل ثورة 25 يناير، ونأمل أن نتجاوزه في أسرع وقت، وربما توقعات العام المالي القادم ستكون أفضل".

وأضافت الدكتورة في حديثها للجزيرة نت أنه لا يمكن تجاهل الأزمات السياسية التي مرت بها البلاد منذ ذلك الوقت سواء كانت إيجابية أو سلبية، والتي تؤدي إلى ارتباك اقتصادي، كما يحدث عند تعرض بعض الدول لكوارث طبيعية أو غيرها من الأزمات.

وبشأن المستقبل الاقتصادي، أكدت المهدي أن الاقتصاد تم وضعه على الطريق الصحيح نتيجة تحقيق مؤشرات اقتصادية قوية، كالتي أعلنت عنها الحكومة من تراجع معدلات البطالة وانخفاض التضخم وزيادة معدل النمو الاقتصادي.

على الناحية الأخرى، وصف المستشار الاقتصادي أحمد خزيم التطورات التي مرّ بها الاقتصاد المصري طوال تلك الفترة بأنها إصلاح نقدي وليس اقتصاديا، قائلا "ما تم من إجراءات منذ 2015 هو إصلاح نقدي ومالي وليس إصلاحا اقتصاديا"، مضيفا "هل هذا الإصلاح أتى بثماره في الإصلاح الاقتصادي، قولا واحدا: لا".

وشدد خزيم في حديثه للجزيرة نت على معاناة الاقتصاد المصري من أزمة حقيقية نتيجة وجود إدارة وصفها بأنها غير كفوءة، مشيرا إلى أن حجم الاقتراض ضخم، وعجز الموازنة كبير.

وتابع الخبير الاقتصادي "يمكن القول عن السنوات التسع الماضية إنها سنوات الفرص الضائعة، نتيجة عدم وجود أصحاب مدرسة القيمة المضافة في مفاصل قرار الاقتصاد المصري، ووجود أصحاب المدرسة الإيرادية أو الجبائية، رغم امتلاك مصر القدرات والإمكانات لمضاعفة الإنتاج". 

المواطن مناط التحسن
من جهته، يرى الخبير المصرفي في الولايات المتحدة الأميركية شريف عثمان أن المقياس في تحسن مؤشرات الاقتصاد لا بد أن يكون المواطن، خاصة أن أكثر من ثلث المصريين تحت خط الفقر، وفقا للجهاز المركزي المصري للإحصاء.

وأوضح عثمان في حديثه للجزيرة نت أن خمسة ملايين مواطن نزلوا تحت خط الفقر في الفترة من 2015 وحتى 2018، ووفق البنك الدولي فإن 60% من المصريين إما فقراء أو عرضة للفقر.

وأرجع السبب إلى سوء الإدارة وسوء ترتيب الأولويات، وتفضيل أهل الثقة على أهل الخبرة، رغم كل الموارد والثروات التي تمتلكها مصر، فضلا عن المليارات التي اقترضتها الحكومات المتعاقبة والأصول التي باعتها.

المصدر : الجزيرة