العسل كنز إيراني.. تعرف على أنواعه

النحالون في إيران يحصدون عسلهم مرتين في السنة..الجزيرة
النحالون في إيران يحصدون عسلهم مرتين في السنة (الجزيرة)

محمد رحمن بور-طهران

تعد إيران من أهم دول العالم في إنتاج العسل، إذ تنتج نحو تسعين ألف طن سنويا، وتحتل المرتبة الثالثة عالميا بعد الصين وتركيا في قائمة أكبر منتجي العسل عالميا.

وبفضل الرقعة الجغرافية الواسعة والمتنوعة التي تتمتع بها إيران وغطائها النباتي وفصولها الأربعة تنتج أنواعا عدة من العسل الطبيعي المختلف في ألوانه وطعمه وخواصه.

إنتاج ضخم
ومنذ سنوات عدة أقدمت إيران على وضع دراسة وخطة من شأنها رفع كمية إنتاج العسل، وبدأت الخطة تثمر عام 2010، إذ أنتجت نحو 45 ألف طن تقريبا، ثم ارتفع الإنتاج إلى 74 ألف طن عام 2013.

ومع حلول عام 2015 بلغت كمية العسل المنتج 81 ألف طن، وصولا إلى نحو تسعين ألف طن من العسل أنتجتها إيران في 2018.

وأفاد مرتضى رضائي مساعد وزير الجهاد الزراعي -في كلمته خلال مهرجان اليوم العالمي للنحل بمقر وزارة الجهاد الزراعي في مايو/أيار الماضي- بأن الطاقة الإنتاجية للعسل في إيران تبلغ تسعين ألف طن سنويا، ولفت إلى وجود ثمانية ملايين و434 ألف خلية، و85 ألفا و336 منحلا في البلد.

وأشار رضائي إلى أن عدد الموظفين في هذا المجال بلغ 138 ألف شخص، وأن إجمالي صادرات إيران من العسل يبلغ 1759 طنا سنويا، وذكر أن معدل استهلاك العسل في إيران للفرد الواحد هو كيلوغرام في السنة.

‪النحل الجبلي أو الوحشي يتخذ من الجبال والأشجار بيتا لنفسه‬ (الجزيرة)
‪النحل الجبلي أو الوحشي يتخذ من الجبال والأشجار بيتا لنفسه‬ (الجزيرة)

وأضاف أنه تنتج عن النحل منتجات أخرى ذات قيمة كبيرة غير العسل، مثل الشمع، والعكبر، والغذاء الملكي، وحبوب اللقاح، وسم النحل التي تحتاج إلى بذل جهود كبيرة لإدخالها الأسواق العالمية، ولا سيما إذا استخدمت في إنتاج مستحضرات تجميلية وعلاجية فإن قيمتها ستتضاعف مئات المرات.

وتابع أنه ينتج سنويا 1460 طنا من شمع العسل، و122 طنا من حبوب اللقاح و3400 طن من الغذاء الملكي في البلد، حيث يبلغ ثمن منتج الغذاء الملكي 355 دولارا لكل كيلوغرام، أما سم النحلة فيباع الغرام الواحد بثمانين دولارا، حيث تشكل أسعار منتجات النحل قيمة أكبر من سعر الزعفران.

وقال رئیس رابطة النحالین ومصنعي العسل في إیران عبد الرضا بیكناه للجزیرة نت إن "تنوع المناخ والبیئة في إیران والانتشار الواسع لأربعة آلاف نوع من النباتات الطبیة یعطيان قیمة مضاعفة للعسل الإیراني الذي لا مثیل له".

وأضاف أن أوروبا مثلا "لا تتمیز بمناخھا المتنوع مثل إیران، وكذلك الأمر بالنسبة لبعض الدول مثل مالیزیا وإندونیسيا وبروناي، وأن العسل يجب أن یكون متنوعا ومختلفا ليحقق الفائدة المرجوة منه".

وأشار إلى أن مھنة النحالين في إيران صعبة جدا، إذ إنهم یتنقلون بین الجبال ویعیشون لفترات طویلة في الخیام.

من جهته، قال النحال كامبیز غضنفري في جنوبي إیران في حديث للجزیرة نت إننا ھذه السنة -وبفضل غزارة الأمطار- أنتجنا العسل بجودة ممتازة أكثر مما توقعنا.

وأضاف "على الرغم من ذلك لا یمكنني استخراج محاصیل قیمة أخرى مثل الغذاء الملكي لأنه یحتاج إلى تدابیر وأدوات خاصة لا نمتلكھا".

نقل خلایا النحل
وقال غضنفري إنه یجب علینا نقل خلایا النحل من جنوبي إيران إلى وسطها عند ارتفاع درجة الحرارة ھنا، حیث إن مناخ وسط إیران معتدل في الصیف، وإذا لم نقم بذلك فسيموت النحل من شدة الحرارة.

من جهته، قال أستاذ نظري -وهو بائع عسل في طھران- للجزیرة نت إن الحركة الشرائیة على العسل أصبحت ضعیفة، إذ بسبب ارتفاع أسعار البضائع الأساسیة في إیران یفكر كل شخص في تلبیة احتیاجاته الأساسیة أولا، ليأتي العسل في المرتبة الثانية أو كمنتج ثانوي.

وأفاد "على الرغم من امتلاكنا أجود أنواع العسل فإن التسويق هو إحدى مشاكلنا، بالإضافة إلى إیجاد علامة تجاریة خاصة بنا والتغليف المميز عند التصدیر، وأیضا مشاكل متعلقة بالعقوبات الاقتصادية، كل هذه العوامل مجتمعة ساهمت بألا يجد العسل الإیراني طريقه ومكانته في الأسواق العالمیة".

ويستخدم الإيرانيون العسل عادة في الفطور أو في تصنيع العصائر أو للعلاج من بعض الأمراض، وتتراوح أسعار العسل الطبيعي في إيران حسب النوعية بين 4 و35 دولارا كحد أقصى للكيلوغرام الواحد.

ومن أشهر أنواع العسل في إيران: السدر، والزعتر، والعناب، والقتاد، والحبة السوداء، وإكليل الجبل، والقطن، والبرسيم الحجازي، والشبت، والشمر، والحمضيات، والجزر، والكزبرة، والميرمية، والسنديان، والزعفران، والضرم، و"أربعين عشبة"، وغيرها الكثير.

مع حلول عام 2015 بلغت كمية العسل المنتج 81 ألف طن (الجزيرة)
مع حلول عام 2015 بلغت كمية العسل المنتج 81 ألف طن (الجزيرة)

صعوبات
ورغم رفع إنتاجية العسل في إيران -خاصة العام الجاري- وارتفاع معدل تساقط الأمطار في البلد فإن هذا القطاع يعاني من مشاكل عدة، أهمها جهل بعض النحالين وبائعي العسل بطرق تسويق منتجاتهم عبر استخدام العلامات التجارية وغيرها من الطرق التسويقية.

من جهة أخرى، صعبت العقوبات الاقتصادية على إيران تصدير العسل ومنتجات النحل، مما حرمها من قيمتها المستحقة في الأسواق العالمية.

وأيضا، يؤثر الجفاف وارتفاع درجات الحرارة في بعض المناطق على عملية إنتاج العسل، إذ تستهلك النحلة قسما كبيرا من طاقتها لتخفيف درجة حرارة الخلية، وجلب الماء بدل حبوب اللقاح وإنتاج العسل.

وإضافة إلى ذلك، فإن انتشار الغبار أثر سلبيا على إنتاج العسل في المناحل، إذ يتسبب في إضعاف حركة النحلة للوصول إلى الزهور، مما يؤدي إلى عدم وجود الرحيق الكافي في الزهور، كما يؤثر أيضا على صغار ملكة النحل ويقلص عددها في الخلية.

‪‬ حبوب اللقاح والعكبر تعتبر من المنتجات القيمة بعد العسل(الجزيرة)
‪‬ حبوب اللقاح والعكبر تعتبر من المنتجات القيمة بعد العسل(الجزيرة)

فوائد العسل
لا تنحصر فائدة العسل على الإنسان فقط، بل تعود فائدته أيضا على المزارع والأشجار المثمرة قبل كل شيء، بسبب لقاح النحل للمحاصيل الزراعية والأشجار، مما يؤدي إلى ارتفاع كمية إنتاجها.

ويستخرج النحالون في إيران العسل مرتين في السنة، في موسمي الربيع والخريف، فالعسل الربيعي قوامه رقيق وألوانه فاتحة، ويتكون رحيقه من شتى أنواع الزهور، أما عسل الخريف فقوامه صلب ولونه غامق، ويتكون رحيقه من نوع واحد فقط، وهو من زهر العشبة.

أما في الشتاء فيستريح النحل، ويتغذى على عسله المتبقي في الخلية، أو يعطونه ماء السكر حتى لا يموت من الجوع لعدم وجود الزهور في الشتاء.

ويعتبر الإيرانيون أن العسل هو خير هدية يمكن تقديمها إلى الآخرين، لما فيه من شفاء لبعض الأمراض، ويحبه الجميع ويناسب جميع الأعمار.

وبات الزائر لإيران لا يعود إلى بلاده دون العسل الإيراني الشهير، يبتاعه هدية لأهله، إلى جانب الزعفران والمكسرات والسجاد والتحف اليدوية.

المصدر : الجزيرة