يحدث في مصر.. لماذا ترتفع الأسعار رغم انخفاض التضخم والدولار؟

تراجع سعر الدولار أمام الجنيه المصري-
قيمة الجنيه المصري ارتفعت أمام الدولار في الأشهر الماضية، لكن لم يصحبه انخفاضا في الأسعار (مواقع التواصل)

دعاء عبد اللطيف-القاهرة

رغم احتفاء الحكومة المصرية بانخفاض معدلات التضخم وارتفاع قيمة الجنيه أمام الدولار خلال الأشهر الأخيرة، فإن هذا التحسن الرقمي لم تظهر نتائجه على الأسواق المصرية التي تشهد تزايدا مستمرا في أسعار السلع والخدمات، وهو ما يدفع للتساؤل عن سر هذه المفارقة: تحسن في البيانات الرسمية وتدهور في الأسواق.

وكشفت تقارير البنك المركزي والجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تراجع معدل التضخم لشهر يونيو/حزيران الماضي على المستويين الشهري والسنوي، ليسجل على المستوى الأخير نحو 8.9% مقابل 13.8% خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

هذا التحسن في مستوى التضخم صاحبه تراجع مستمر لقيمة الدولار أمام الجنيه خلال الأشهر الخمسة الماضية، فأصبح يعادل 16.62 جنيها بعدما كاد يقارب 18 جنيها مع تحرير سعر الصرف في نوفمبر/تشرين الثاني 2016. 

تناقض
لكن في مقابل انخفاض التضخم وتراجع قيمة الدولار أمام الجنيه، تشهد الأسواق المصرية ارتفاعا في أسعار السلع أو ثباتها على أحسن تقدير.

فمثلا، ارتفع سعر كرتونة بيض الدجاج بنحو 3 جنيهات مطلع الأسبوع الجاري، لتسجل 32.5 جنيها في المزرعة و37 في السوق، مقابل 29.5 جنيها الأسبوع الماضي.

كما قال رئيس شعبة الدواجن بغرفة القاهرة التجارية عبد العزيز السيد إن أسعار الدواجن ارتفعت بشكل طفيف، ليصل الكيلو إلى 26 جنيها في المزرعة، مقابل 25 جنيها الأسبوع الماضي، ليباع في السوق بنحو 30 جنيها.

وفي مذكرة بحثية، توقع رئيس بحوث الاقتصاد الكلي في بنك الاستثمار هيرميس محمد أبو باشا أن يتسارع التضخم الشهري في يوليو/تموز الجاري.

ورجح أبو باشا أن تتراجع القراءات السنوية وأن يبلغ معدل التضخم السنوي نحو 11%، مرجعا ذلك إلى كون مقدار خفض دعم الوقود في العام الماضي يقارب ضعف التخفيضات الأخيرة.

وكانت الحكومة أقرت بداية الشهر الجاري زيادة في أسعار كل المنتجات البترولية بنسب تتراوح بين 16 و30%، في إطار خطة رفع الدعم كليا عن المحروقات والطاقة تنفيذا لشروط صندوق النقد الدولي.

وكانت الحكومة المصرية أبرمت اتفاقا مع الصندوق للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار تتسلمه على مراحل بموجب تنفيذ شروط سمتها "برنامج الإصلاح الاقتصادي"، من بين بنوده رفع الدعم وتحرير سعر الصرف، وهو ما أثار رفض المعارضة بسبب إهمال خطة الإصلاح للعدالة الاجتماعية ومحدودي الدخل.

وأوضح عبد المطلب في حديثه للجزيرة نت أن ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء أعطى الضوء الأخضر لرفع تكاليف النقل، مما أدى مباشرة إلى زيادة أسعار السلع.

كما رفعت الحكومة أسعار رسوم استخراج الأوراق الرسمية مثل بطاقة الرقم القومي وشهادة الميلاد، مما جعل المواطن لا يشعر بتراجع سعر الدولار أو زيادة المعروض من السلع التي تراجع سعر بعضها مثل اللحوم الحمراء، وفق قول عبد المطلب.

وعما إذا كان للتجار والبائعين دور في رفع أسعار السلع عبر الاحتكار والتحكم في الأسواق، قال الخبير الاقتصادي "إذا كان هناك جشع من التجار فهو ناتج عن تصرفات الدولة على الجانب الاقتصادي".

وفي نفس الإطار تحدث أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأميركية مصطفى شاهين عن ارتفاع أسعار المحروقات كسبب لعدم شعور المواطن بتحسن على مستوى الأسعار، رغم تراجع قيمة الدولار وانخفاض التضخم.

وقال شاهين في حديثه للجزيرة نت إن المحروقات ارتفعت أسعارها بنحو 30%، في حين لم ينخفض الدولار أمام الجنيه بنفس النسبة.

وأضاف أن تأثر أسعار السلع بتغير قيمة الدولار يحتاج إلى نحو ستة أشهر، حيث يحتاج إلى دورة تجارية ليتم الشراء بالقيمة الجديدة للعملة.

وأشار شاهين إلى حالة الاحتكار التي تشهدها الأسواق المصرية والتي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، مضيفا "لا توجد قوانين تحكم العرض والطلب لخلق سوق تنافسي.. الوضع الحالي عبارة عن عدد قليل من الموردين والتجار يتحكمون في السوق".

احتكار السوق
بدوره طالب رئيس تحرير صحيفة "الأهرام الاقتصادي" خليفة أدهم الأجهزة الرقابية بالتدخل لضبط الأسعار.

وقال أدهم في تصريحات تلفزيونية إن جهازي حماية المستهلك وحماية المنافسة مسؤولان عن ضبط الأسعار حتى تتماشى مع تراجع الدولار وانخفاض التضخم، مضيفا أن الدولة تبعث برسائل لممارسي الاحتكار من خلال أجهزتها، حتى لا يتم رفع الأسعار بدون مبرر.

وعن ارتفاع قيمة الجنيه أمام الدولار، قال أدهم إن الاستقرار يدعم قيمة العملة المحلية، لافتا إلى تحسن تصنيف مصر الائتماني، ودخول تدفقات كبيرة لدعم الجنيه المصري.

يأتي هذا في ظل معاناة يومية للمصريين بسبب ارتفاع السعار، خاصة مع تزايد نسبة الفقر التي قال عنها تقرير للبنك الدولي صدر في أبريل/نيسان الماضي إن نحو 60% من المصريين إما فقراء أو منكشفون على مخاطر الفقر، مشيرا إلى تزايد التفاوتات الاقتصادية.

المصدر : الجزيرة