اتهامات بالاحتكار وفشل المنظومة الصحية.. جدل بشأن ارتفاع أسعار الأدوية بالأردن

BATH, ENGLAND - FEBRUARY 12: Pharmaceuticals inside a independent chemist shop are seen on February 12, 2016 in Bath, England. One in four high street pharmacies could close as the Government cuts £170 million from the prescription handling fees paid to them. (Photo by Matt Cardy/Getty Images)
حجم استهلاك الدواء في الأردن يبلغ 250 مليون دولار (غيتي)
 هديل الروابدة-عمان

عاد ملف ارتفاع أسعار الأدوية ليطل برأسه في الأردن من جديد، مسببا جدلا آخر على وقع توجيه رئيس اللجنة الاقتصادية البرلمانية خير أبو صعيليك عدة تساؤلات إلى الحكومة بشأن أسباب هذا الارتفاع في المملكة مقارنة بالدول الأخرى.

وتساءل النائب -في اجتماع للجنة مع وزير الصحة سعد جابر ومدير مؤسسة الغذاء والدواء هايل عبيدات- عن أسباب ارتفاع أسعار الدواء في الأردن مقارنة بتركيا ومصر ضاربا مثالا بدواء "كرستول" الذي يباع للأردنيين بـ37 دينارا (الدينار يعادل 1.41 دولار)، في حين يباع في تركيا بخمسة دنانير فقط رغم أنه لذات الشركة الصانعة ونفس التركيبة.

شكاوى
أشار النائب إلى ورود عدة شكاوى من مواطنين بشأن ارتفاع أسعار الدواء، إذ يبلغ أضعاف سعره في الدول الأخرى، بحسب ما نقلته عنه مواقع محلية.

وحاولت الجزيرة نت الاتصال برئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار أكثر من مرة للوقوف على تفاصيل الشكاوى، بيد أنه لم يرد.

وتداول مواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لأدوية تباع في الأردن أضعاف ما تباع في دول أخرى رغم أنها تعود لذات الشركات المصنعة.

وبحسب مرضى أردنيين، فإن دواء النيكسيوم "Nexium" مثلا يباع بنحو 14 دينارا (19.75 دولارا)، في حين تباع ذات العبوة في تركيا بأقل من أربعة دنانير، كما يباع دواء أرافا "Arava" بنحو أربعين دينارا، في حين لا يتجاوز سعره في تركيا سبعة دنانير.

وعلى الرغم من ذلك يعتبر نقيب الصيادلة الدكتور زيد الكيلاني أن الحكم على سعر الدواء في الأردن بأنه مرتفع غير صحيح، مستدركا "يمكننا اعتبار سعر الأدوية مرتفعا مقارنة بمصر وتركيا فقط" بحسب حديث للجزيرة نت.

لماذا هذا الارتفاع؟
ويرى الكيلاني أن فرق السعر يعود إلى عدة أسباب، أهمها أن الشركات العالمية تبيع الأدوية بأسعار تفضيلية إلى بعض الدول ذات الاستهلاك المرتفع، كتركيا التي يبلغ حجم استهلاكها نحو 6.5 مليارات دولار سنويا من الأدوية المستوردة، ومصر التي تستهلك نحو 5.5 مليارات دولار مقارنة بالأردن الذي يبلغ حجم استهلاكه نحو 250 مليون دولار.

ويعتبر أن مقارنة الأردن بدول ذات منظومة صحية مدعومة حكوميا غير عادلة، فالضمان الاجتماعي في تركيا مثلا يغطي 45% من فاتورة علاج المريض، في حين أنه لا توجد مظلة تأمين صحي شامل تتحمل الحكومة خلالها جزءا من تكلفة الدواء عن المواطن، عدا عن غياب دعم الصناعات المحلية، وفق تعبير المتحدث نفسه.

‪مؤسسة الغذاء والدواء نفت وجود احتكار في قطاع الدواء بالأردن‬ (الجزيرة)
‪مؤسسة الغذاء والدواء نفت وجود احتكار في قطاع الدواء بالأردن‬ (الجزيرة)

ولفت الكيلاني إلى أن 40% من الأدوية يبلغ سعرها أقل من خمسة دنانير، و60% من الأدوية يبلغ سعرها أقل من عشرة دنانير، مستثنيا العلاجات المكتشفة حديثا الحاصلة على حقوق ملكية صناعية.

وبشأن مجمل الدخل (الربح) الذي تتقاضاه الصيدلية، قال الكيلاني إنه لا يتجاوز 20.7% على مبيعاتها، تخصم منه المصاريف والأجور.

احتكار
لا يتفق رئيس جمعية المستهلك محمد عبيدات مع نقيب الصيادلة في رأيه، معتبرا أن احتكار بعض شركات الأدوية وكالات حصرية من الشركات العالمية أدى إلى ارتفاع كل من الأدوية المستوردة والمحلية.

وأشار عبيدات في حديثه للجزيرة نت إلى وجود دراسة أجرتها جمعية حماية المستهلك تضمنت مقارنة أسعار بعض أنواع الأدوية للأمراض المزمنة كالسكري والقلب والربو في لبنان والمغرب وعُمان ومصر أظهرت ارتفاع أسعار هذه الأدوية في الأردن وبنسب كبيرة، لافتا إلى تزويد الجهات الخاصة بنسخ منها.

لكن مدير عام مؤسسة الغذاء والدواء هايل عبيدات نفى للجزيرة نت وجود احتكار في قطاع الدواء، ولفت إلى وجود 600 مستودع أدوية و23 مصنعا تعمل ضمن الأسس المتعارف عليها عالميا دون الإضرار بالصناعة الوطنية وتخضع لذات المستوى من الرقابة.

وبين أن المؤسسة تتجه لتخفيض الأسعار ضمن أسس ومعايير خاصة بها، مشيرا إلى أنها خفضت في السنوات الخمس الماضية نحو 3700 نوع من دواء.

وفيما يخص حاجة السوق الأردني، أكد عبيدات أن ما ينتج محليا لا يغطي أكثر من 42% من الحاجة الفعلية للدواء، في حين يغطي الدواء الأجنبي المستورد 58% من حاجة السوق الأردني.

لجنة لحسم الجدل
قالت وزارة الصحة على لسان ناطقها الإعلامي إن الوزارة شكلت لجنة برئاسة مؤسسة الغذاء والدواء تضم في عضويتها عدة قطاعات ذات علاقة، لحسم الجدل المتزايد بشأن ارتفاع أسعار الدواء.

ومن المتوقع أن تعلن اللجنة عن توصياتها عقب إجراء دراسة عميقة وشاملة لإعادة الأمور إلى نصابها بعدالة، لتقول كلمتها الفصل بعد انتهاء عطلة عيد الفطر.

المصدر : الجزيرة