"يلا عالبلد" حملة لمساعدة التجار.. كيف تفاعل الأردنيون؟

هديل الروابدة-عمان
شهد وسط المدينة في العاصمة الأردنية عمان حركة تجارية وإقبالا شعبيا على أسواقها لم تشهدهما منذ سنوات عدة إثر الحملة الشعبية التي انطلقت فور بدء تداول فيديوهات السيول والأضرار التي سببتها للأسواق والمحال في وسط عمان.
فالحملة التي انطلقت منذ صباح أمس الجمعة وحملت عنوان ووسم "يلا_عالبلد" هدفت إلى دعم التجار المتضررین وتعويضهم عن الخسائر التي سببتها السيول من خلال الشراء منهم لتعويضهم عن جزء من خسائرهم التي وصفوها بالكبيرة والكارثية.
وشهدت أسواق وسط البلد اكتظاظا ملحوظا من قبل المواطنین الذين أقبلوا على الشراء من التجار المتضررین، وخيمت على المشهد روح من التكافل، وحملت تعابير جميلة من الأردنيين الذين باتت أصواتهم ترتفع جراء الحالة الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد.
السلطات الرسمية ساندت الحملة الشعبية، حيث أعلنت مديرية الأمن العام عن إجراءات تنظيمية ومرورية في السوق التجاري وسط العاصمة لتسهيل حركة المواطنين المشاركين ومنع الازدحامات المرورية بالتزامن وبدء توافد المتسوقين، كما أعلنت أمانة عمان الكبرى عن توفير حافلات نقل مجانية للمواطنين الراغبين بدعم الحملة.

نشاط جديد
"مبادرة رائعة، أعادت النشاط الذي غاب عن أسواق وسط البلد مؤخرا، وتسهم في تعويض جزء من الأضرار التي لحقت بالتجار جراء السيول" يقول جلال صالح، وهو أحد تجار الملابس المتضررين من السيول للجزيرة نت.
ويضيف صالح أن المبادرة أتاحت للمواطنين من مختلف محافظات المملكة التسوق من المنطقة، خاصة في ظل تعاون إدارة السير التي تساهلت مع المتسوقين وسمحت لهم بإيقاف مركباتهم في أماكن قريبة دون تسجيل مخالفات بحقهم.
ويأمل صالح أن تتوسع الحملة وتستمر لأسابيع مقبلة، خاصة أن منطقة وسط البلد منطقة سياحية تتيح للمتسوقين التعرف على معالم قديمة ومبان تراثية في المدينة، مضيفا أن يوما واحدا لا يكفي لتعويض الضرر والخسائر.
وفي السياق ذاته، اعتبر مواطنون تحدثوا للجزيرة نت أن مشاركتهم في الحملة ودعمهم تجار وسط البلد هو دعم لهم كمستهلكين يسعون للحصول على حاجياتهم بأسعار أرخص قبل أن يكون للتاجر.
ورأوا أن التسوق من وسط البلد ودعم التجار وتشجيعهم على مزاولة أعمالهم عقب السيول يخفف الأثر المالي على التجار، بالإضافة إلى أن السلع ذاتها تتوافر في محال وسط البلد بأسعار أقل منها في أسواق ومراكز تجارية أخرى، مشيرين إلى ما تتميز به محال وسط البلد أيضا من توافر سلع نفيسة وتراثية ويدوية وبأسعار رخيصة بل وأحيانا رمزية.
وقالوا إن البضاعة المعروضة في المراكز التجارية الكبيرة (المولات) التي انتشرت في السنوات الأخيرة في عمان بشكل لافت هي أعلى سعرا منها في أسواق وسط عمان على الرغم من أنها بالجودة ذاتها.

لا دلالات إيجابية
من جهته، وصف أحد التجار -فضل عدم ذكر اسمه- الحملة بأنها لا تحمل دلالات إيجابية، وقال "إن بعض المواطنين ممن ارتادوا السوق يوم الجمعة جاؤوا لشراء حاجياتهم بأسعار رخيصة، معتقدين أن ما سببته السيول من خسائر لنا ستدفعنا لبيع بضاعتنا بأسعار رخيصة".
وأكد في حديثه للجزيرة نت أنه وتجارا آخرين امتنعوا عن المشاركة في الحملة حتى لا يبيعوا بخسارة، علاوة على الخسائر التي سببتها السيول لهم.
غير أن ممثل قطاع الألبسة والمجوهرات في غرفة تجارة الأردن أسعد القواسمي يرى أن معظم الخسائر تكبدها تجار الجملة وليست محلات المفرّق، وفقا لقوله.
وقال للجزيرة نت إن كثيرا من التجار من غير المتضررين هم من استفادوا من هذه الحملة، ومعظم البضاعة المعروضة للبيع لا تخص التجار المتضررين.
وعبر عن شكره لهذه الحملة التجارية بالقول" نشكر كتجار هذه الحملة ودعمها المعنوي، وإنها تعبير عن روح التكافل في مجتمعنا، وتعبير عن دعم التاجر للمواطن ودعم المواطن للتاجر"، مطالبا الحكومة بأن تقوم بدورها حيال التجار المتضررين من خلال تعويضهم.

تفاعل رقمي انعكس بالواقع
أحد منظمي الحملة الشاب محمد قاسم قال إن الحملة لاقت نجاحا وشهدت تجاوبا كبيرا من قبل المواطنين، حيث استمر وجودهم وإقبالهم على المحال والبسطات التجارية حتى ساعات المساء.
وبين للجزيرة نت أن التجاوب الشعبي مع الحملة ترك أثرا ايجابيا في نفوس التجار وأشعرهم بمستوى التعاضد الشعبي معهم، مشيرا إلى أن التفاعل الكبير مع منصات الحملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة انعكس على أرض الواقع بالأعداد التي ارتادت سوق وسط البلد.
وكان تجار وسط البلد قد تعرضوا إلى خسائر فاقت 5.5 ملايين دینار أردني (7.75 ملايين دولار) نتیجة غرق محالهم بمیاه السیول التي اجتاحت مناطق عدة في وسط عمان وكانت الأعنف منذ سنوات عدیدة، في حين حمل التجار ونقابتھم أمانة عمان الكبرى المسؤولية عما جرى.
وتأتي هذه الحملة بالتزامن مع تشكيل الحكومة لجانا عدة للوقوف على الجهة المسؤولة عما حدث، وسط مطالبات للتجار بتعويضهم عن هذه الخسائر وعدم قناعتهم بالقرارات الحكومية التي أعفتهم من ضرائب عدة لعامين مقبلين.