هل ينجح البتكوين في كسر الحصار المالي عن المقاومة الفلسطينية؟
أحمد عبد العال–غزة
كتائب القسام، وفي خطوة تعد الأولى من نوعها؛ دعت -عبر تغريدة نشرها الناطق باسم القسام أبو عبيدة- مؤيديها ومحبيها في العالم إلى دعم المقاومة الفلسطينية ماليا من خلال عملة بتكوين الرقمية.
وأعلنت الكتائب بدء استقبال الدعم المالي للمقاومة بعملة البتكوين من محبيها وأنصارها حول العالم عبر عنوان المحفظ الرسمي والوحيد المنشور على موقع القسام.
دعم المقاومة
وقال أبو عبيدة في تغريدة سابقة نشرت عبر تطبيق تلغرام، إن "العدو الصهيوني يحارب المقاومة من خلال محاولة قطع الدعم عنها بكل السبل، لكن محبي المقاومة في كل العالم يحاربون هذه المحاولات الصهيونية، ويسعون لإيجاد كافة سبل الدعم الممكنة للمقاومة".
أبو جياب: إدارة المقاومة الفلسطينية لهذه المعركة الاقتصادية عبر عملة مشفرة سيؤهل داعمي المقاومة في العالم لشراء البتكوين وتحويلها على منصة أعلنت المقاومة عنها |
ومنذ فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية عام 2006، وتشكيلها الحكومة العاشرة، سعت أطراف عدة في مقدمتها إسرائيل وأميركا إلى قطع كل سبل دعم الحركة وتمويل فصائل المقاومة بتهمة الإرهاب.
وأقيمت أمام المحاكم الأميركية دعاوى عدة ضد أشخاص وبنوك ومؤسسات بتهمة تمويل الإرهاب للاشتباه في قيامهم بتسهيل نقل الأموال إلى المقاومة الفلسطينية في غزة.
والبتكوين عملة رقمية يتم تداولها بشكل كامل عبر الإنترنت فقط، من دون وجود حقيقي ملموس لها، فهي نظام يعمل دون مستودع مركزي أو مدير واحد، وليست لها هيئة مركزية تقف خلفها.
وبحسب رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية محمد أبو جياب، فإن هذه المعاملات تتم بشبكة "الند للند" بين المستخدمين مباشرة دون وسيط من خلال استخدام التشفير، ولا يعلم في عالم هذه العملات البائع لمن يبيع ولا الشاري ممن يشتري.
وأكد أبو جياب أن التعامل بهذه العملة الرقمية آمن ولا يكشف داعمي المقاومة الفلسطينية، وذلك قد يشجع المتعاملين على التبرع بسبب عدم انكشاف دعمهم للمقاومة، وسيزيل خوفهم من الملاحقة من قبل السلطات التي تحارب المقاومة ومن يتعامل معها.
ويقول في حديثه للجزيرة نت "البتكوين القسامي" يأتي ضمن خطوات لازمة على طريق معالجة الأزمة المالية القاتلة للمقاومة.
ويضيف أن إدارة المقاومة لهذه المعركة الاقتصادية عبر هذه العملة المشفرة سيؤهل داعمي المقاومة في العالم لشراء البتكوين وتحويلها على منصة أعلنت المقاومة عنها.
وتحاول حركة حماس في الآونة الأخيرة فتح منافذ مالية بعيدة عن حركة الرقابة المالية العالمية، لا سيما مع اشتداد الحصار عليها، ومحاولة بعض الدول والأنظمة التي تربطها علاقات بإسرائيل التأثير في مجرى الدعم الموجه لقطاع غزة، ومحاولة ضبطه باتجاهات بعيدة عن الأنشطة العسكرية أو التنظيمية لحماس، ليستهدف فقط وجهته المحددة.
تكنولوجيا مالية
وفي هذا السياق، يقول حيدر المصدر الباحث في مجال الإعلام السياسي والدعاية إنه لا يمكن الجزم بامتلاك حماس تكنولوجيا مالية سرية في الوقت الحالي، كما لا يمكن القطع بدرجة تطورها حال وجودها؛ ففي العادة، يعتبر هذا النوع من الأنشطة سرياً، ولا يمكن تأكيد أو نفي وجوده.
وتسعى كتائب القسام -وفق حيدر المصدر- إلى تخفيف الضغوط والصعوبات المالية التي تتعرض لها، لا سيما ما يتعلق بجهود وقف تعاظمها العسكري، أو على الأقل تثبيته عند مستويات وحدود معينة، وذلك بإعلانها بدء تلقي الدعم المالي بعملات رقمية.
هذا الأمر -كما يضيف المتحدث ذاته- يؤكد سعي الكتائب لتجنب الرقابة المفروضة على الدعم المالي الموجه لها، والتحرر من اشتراطات المال السياسي، الذي يقيد حرية حركتها على الصعيد العسكري.
ويرى حيدر المصدر في حديثه للجزيرة نت أنه من المبكر الحديث عن كيفية استفادة كتائب القسام من عملة البتكوين، كما أنه من غير المعروف طبيعة الآلية التي ستنتهجها كتائب القسام لتحويل الدعم من شكل افتراضي إلى مادي ورقي.
ويشير إلى أن مخاطبة القسام الموجه حصرا إلى الفرد بغض النظر عن تواجده الجغرافي يعكس فهما متطورا لطبيعة التكنولوجيا الحديثة، وكيفية استغلالها لصالح المقاومة، كونه يضع مبدأ "التعهيد الجماعي"، موضع التنفيذ، وهو الذي يُعنى بتوظيف قدرات الجمهور، بعيداً عن الرقابة الأمنية، لصالح أهداف صاحب التعهيد.
ويعتبر أن التدفقات المالية التي تصل القطاع تخضع لرقابة شديدة، تضمن عدم توجيهها لأنشطة عسكرية، مما اضطر حركة حماس إلى تبني مقاربات مالية جديدة غير تقليدية، تستند فيه إلى الدعم الجماهيري المفتوح، لا السياسي المقيد.
وذكر الباحث في مجال الإعلام السياسي أن القوانين الأميركية الأخيرة، خاصة قانون مكافحة الإرهاب، قيد عمليات التبرع الموجه إلى قطاع غزة، وصارت العديد من الأنظمة السياسية تتحسب تداعياته، حتى لو كان دعمها موجها لمشاريع بعيدة عن حركة حماس.
وهذا في حد ذاته -كما يقول حيدر المصدر- شكّل تحديا لحركة حماس، حيث صارت مطالبة بمواجهة هذا التحدي بطرق إبداعية تتجاوز حدود الرقابة القانونية والأمنية.