الإعمار مقابل النفط.. كيف وسعت الشركات الصينية حضورها بالعراق؟
عادل فاخر-بغداد
في الوقت الذي تستمر فيه الاحتجاجات المطالبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية في العراق، والتي مضى عليها أكثر من شهرين في بغداد ومحافظات الجنوب والوسط، دخل الاتفاق العراقي الصيني المتضمن "الإعمار مقابل النفط" حيز التنفيذ لتباشر الشركات الصينية أعمالها في العراق بمجالات إعادة بناء البنية التحتية والنقل والصناعة والصحة والتعليم والاتصالات.
ووقع العراق في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي ثمانية اتفاقات مع الصين خلال زيارة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، في مقدمتها اتفاقية إطارية بين وزارة المالية العراقية وشركة الصين لتأمينات الائتمان والصادرات تشمل مشروعات متعلقة بالطرق وشبكات السكك الحديدية والمساكن والموانئ والمستشفيات والمدارس وسدود المياه والطاقة والمواصلات.
الاتفاق يدخل حيز التنفيذ
في هذا الصدد، قال المستشار الاقتصادي في رئاسة وزراء العراق الدكتور مظهر محمد صالح إن "الاتفاقية العراقية الصينية بدأت بالتنفيذ اعتبارا من الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي منذ تدفق البرميل الأول على حساب الاتفاق".
وأضاف أن "ثمة مشروعين كبيرين للطاقة -أحدهما شمال بغداد والآخر جنوب العراق، الأول في مجال الوقود والثاني في مجال توليد الطاقة الكهربائية- استؤنف العمل بهما من جانب الشركات الصينية، وهي من المشاريع التي لم تستكمل في السنوات السابقة".
وأوضح صالح للجزيرة نت أن "سلسلة من المشاريع المهمة ستدرج في مجال البنى التحتية عند إقرار الموازنة العامة الاتحادية للعام 2020".
العمل في أصعب الظروف
يرى المحلل الاقتصادي ضرغام محمد علي أن "ميزة الشركات الصينية أنها تعمل في أصعب الظروف، وقادرة على استيعاب المكونات الاجتماعية العراقية مع الحاجة إلى حمايتها من المتضررين من هذه الاتفاقية".
وقال علي للجزيرة نت إن "الاتفاق يستمر على الأقل على مدى عشر سنوات، والعراق سيجني إعمارا في البنية التحتية والنقل والصناعة والصحة والتعليم والاتصالات والإعلام، بدون دفع أموال وإنما تصدير 100 ألف برميل يوميا خارج حصة أوبك بدون التأثير على الموازنة المالية".
وأشار إلى أن المعلومات الرسمية تبين أن قيمة الاستثمار الصيني تقدر بخمسمئة مليار دولار بصيغة الإعمار مقابل النفط، إلا أن ذلك يتطلب الآن تحضيرات وأرضية وخريطة عمل، أما مساحة العمل فهي كامل مساحة العراق في قطاعات المالية والصحة والتعليم والبناء والبنية التحتية والاتصالات والنقل والإعلام والصناعات.
ويعيش العراق وضعا اقتصاديا حرج، بعد الخروج من حربه العنيفة مع تنظيم الدولة الإسلامية التي استنزفت القدرات المادية للبلاد، فضلا عن حجم الدمار الذي لحق بالمناطق المحررة، والتي تحتاج إلى إعادة إعمار شاملة، في ظل موازنة اتحادية تعاني من العجز بتريليونات الدنانير.
تشغيل الأيدي العاملة
يرى المحلل الاقتصادي ملاذ الأمين أن المعلن في الاتفاق هو أن الصين ستسهم في بناء محطات توليد كهربائية وخطوط السكك الحديدية وبناء معامل ضخمة لإنتاج المواد الثقيلة، كالسيارات والمواد الكهربائية والسلع الاستهلاكية اليومية، إلى جانب الاستثمار في القطاع الزراعي، وجميع هذه القطاعات -خصوصا الكهرباء- ستفتح أبوابا كبيرة لفتح مجالات قطاعات اقتصادية مختلفة في الطاقة والكهرباء.
وقال الأمين للجزيرة نت إن "استثمار هذه القطاعات سيكون سببا رئيسيا في استمرارها أو الاستثمار فيها، لذا فإن بناء محطات الطاقة والاستثمار في القطاعين الصناعي والزراعي سيفتح أبوابا واسعة لتشغيل مئات الآلاف من الأيادي العاطلة وبجميع الأصناف، سواء الخريجون أو العمال الماهرون".
نمو الاقتصاد العراقي
يتوقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد العراقي بنسبة 8% في عام 2020 وتراجع معدل الفقر إلى أقل من 22%، في إشارة إلى أن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران تساعد في تعزيز صادرات العراق من النفط، فضلا عن احتمالية تزايد الصادرات العراقية بسبب إعادة فتح معبرها الحدودي مع سوريا والفتح المرتقب لأحد المعابر مع السعودية.
يذكر أن حجم المال المتراكم في الصندوق العراقي الصيني للإعمار بلغ حتى الآن نصف مليار دولار، وهو ناتج عن بيع 100 ألف برميل من النفط في اليوم.