منتدى الدوحة.. هذا ما قاله المسؤولون والخبراء عن مستقبل الغاز

كيف سيغير الغاز الطبيعي المسال الاقتصادات العالمية وما تأثير ذلك على السياسة؟ اكتشف المزيد حول مستقبل الغاز الطبيعي المسال في الوفاء بالطلب العالمي على الطاقة مع
الجلسة النقاشية تناولت مستقبل الغاز الطبيعي المسال وقدرته على الوفاء بالطلب العالمي ومدى تأثره بالمنافسة (وكالة الأنباء القطرية)

محمد الشياظمي-الدوحة

في ظل ازدياد الطلب العالمي عليه، فإن الغاز الطبيعي المسال سيرسخ موقعه بشكل أكبر في سوق الطاقة العالمية، كمصدر نظيف قادر على تغذية النمو الاقتصادي مستقبلا وبأقل كلفة.

كانت هذه أبرز خلاصة خرج بها المتحدثون خلال جلسة نقاشية في منتدى الدوحة، تناولت مستقبل الغاز الطبيعي المسال، وقدرته على الوفاء بالطلب العالمي المستمر على الطاقة، ومدى تأثره بالمنافسة بين الدول المنتجة وإشكالات ضبط السوق.

وفي كلمته، أكد وزير الدولة لشؤون الطاقة الرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول سعد بن شريدة الكعبي، أن الغاز المسال هو طاقة المستقبل، وليس مصدر مرحلة انتقالية نحو الطاقات المتجددة، وأكبر دليل على هذا هو الطلب العالمي المتزايد عليه، وخاصة من دول شرق آسيا كالصين والهند وعدد من الأسواق الناشئة.

طلب عالمي متزايد
يتوافق هذا الرأي مع توقعات اقتصادية باستمرار نمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي على المدى الطويل، وذلك بعد أن سجل استهلاك الغاز نموا بنحو 3% إلى 4% خلال العامين الماضيين، بفعل الزيادة في الإنتاج ودخول موردين جدد.

وأكد الوزير القطري أن الاستكشافات الأخيرة مكنت قطر من التوسع في الإنتاج عالميا، حيث من المنتظر أن تنتج 110 ملايين طن بحلول 2024، وصولا إلى 127 مليون طن في 2027، وذلك رغم ما قد يعترض هذا الطموح من مخاطر مرتفعة، يمكن الاستعداد لها بخطط عمل محكمة مع باقي الشركاء المحليين والدوليين، إلى جانب رفع الاستثمار في تطوير البنى التحتية للإنتاج.

‪وزير الطاقة القطري أكد أن الغاز المسال هو طاقة المستقبل وليس مصدر مرحلة انتقالية نحو الطاقات المتجددة‬ (الجزيرة)
‪وزير الطاقة القطري أكد أن الغاز المسال هو طاقة المستقبل وليس مصدر مرحلة انتقالية نحو الطاقات المتجددة‬ (الجزيرة)

وحققت صناعة الغاز نموا خلال السنوات الماضية، فقد تضاعفت كميات الغاز الطبيعي المسال المتبادلة من مستوى 140 مليار متر مكعب عام 2000، لتتجاوز 431 مليارا عام 2018، إلا أن أسواق الغاز الطبيعي المسال لا تزال تعاني من إشكاليات في التسعير، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب.

كما لا يزال توسع الأسواق -ولا سيما في الصين وغيرها من الاقتصادات النامية- هو كلمة السر وراء الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال.

وفي وقت تشهد فيه السوق العالمية ظهور منافسين جددا مثل الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا، تعزز قطر قدراتها بشكل سريع لزيادة نسب التوريد إلى الأسواق المختلفة بما فيها أوروبا، إلا أن الخوف من حدوث تخمة في المعروض أو التأثير على صادرات روسيا لأوروبا أخذ حيزا من مناقشات الجلسة.

في هذا الصدد، قلل الوزير القطري من مثل هذه الهواجس، ولفت إلى أن بلاده لا ترى نفسها منافسا لدولة أخرى، ولذلك فستستمر في تأمين احتياجات السوق الأوروبية من الغاز، من خلال تدابير التوريد الشامل والنسبي، كما تستمر في تلبية الطلب العالمي.

مستقبل الغاز
وفي ظل تباين السياسات الحكومية في كل من آسيا وأوروبا، تزيد حالة عدم اليقين في مستقبل الغاز الطبيعي المسال. إذ ترى بعض الدول الأوروبية أن الاعتماد على الغاز اليوم وفي المستقبل القريب، لن يكون إلا مرحلة انتقالية قبل التحول إلى طاقة خالية من الكربون، مقابل وجهة نظر آسيوية ترى أن تحسين كفاءة التشغيل وخفض تكاليف تشغيل منشآت الغاز، سيعزز دوره في المستقبل كأحد مصادر الوقود الأساسية.

وفي هذا الصدد، قال الرئيس التنفيذي لشركة "إيني" الإيطالية للطاقة كلاوديو ديسكالزي إن أعداد المنتجين والمستهلكين قد ارتفع خلال السنوات العشر الأخيرة، مع توقيع مزيد من العقود القصيرة المدى، وهنا اتجهنا إلى التحكم في تكلفة الإنتاج وتقليلها، لأنها سبيل وحيد للسيطرة على الأسعار.

وعن تأثر صناعة الغاز بأي تداعيات محتملة جراء الحرب التجارية بين أميركا والصين، قال ديسكالزي إن الغاز المسال يمكن أن يخدم العلاقات التجارية بين البلدين، ويسهم في استقرار السوق وفتح أخرى جديدة.

وإذ يرجح أن يلبي الغاز الطبيعي أزيد من نصف الاحتياجات العالمية بحلول 2040، وفقا للوكالة الدولية للطاقة، فإن هناك بعض التحديات التي تعترض نمو قطاع الغاز المسال في العالم، من بينها إشكالية ضم مصادر توريد جديدة مطلوبة إلى السوق، وتحديات الاستثمار في البنية التحتية المستدامة ودعم وسائل الإنتاج.

وفي هذا الشأن، قال رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لشركة توتال الفرنسية باتريك بويانيه إن ديناميات سوق الغاز تبدلت بين الأمس واليوم، وأسهمت في حدوث تطور إيجابي في هذا القطاع، كما زادت من ربط الدول بعضها بعضا.

وتحدث عن تحديات كبرى تتعلق بخطوط الإمداد، وخاصة في منطقة شرق المتوسط، حيث تظهر بوادر توتر بين عدد من الدول في هذا الموقع الممتد، وباتت تتجاذبه صراعات ظاهرها له علاقة باستكشاف الغاز، وباطنها سياسي.

وهنا قال بويانيه إن تركيا جزء من منطقة المتوسط، ونحن لا نوجد هناك حاليا، إلا أن لدينا خط أنابيب بحريا يمر بتونس وليبيا ومصر نحو أوروبا من جهات متعددة، ونحن نجري محادثات مستمرة مع الأطراف كافة، لأننا لا نريد حروبا.

البعد البيئي
وفي وقت تحتدم فيه الضغوط بسبب التغيرات المناخية واستمرار تلوث البيئة وتقلص جهود استكشاف مصادر صديقة للبيئة، يظهر توجه نحو إحداث تكامل بين الغاز الطبيعي كمصدر أحفوري ومصادر الطاقة المتجددة، بما يؤدي إلى خفض نسب الانبعاثات الغازات الدفيئة وحماية المجال الإيكولوجي.

وفي هذا الإطار، انصبت الردود خلال الجلسة على التقليل من التأثيرات التي قد يخلفها استعمال الغاز في المجال الصناعي، والتأكيد على كونه أحد أنظف الطاقات المتوفرة حاليا، بعد أن أدى تراجع الأسعار إلى خفض الاعتماد على أحد المصادر الأكثر تلويثا للبيئة، وهو الفحم.

كما أن عددا من الدول الأوروبية خففت اعتمادها على الطاقة النووية، وخفضت دعمها الحكومي في مجال الطاقات المتجددة، خاصة في توليد الكهرباء، وتوجهت نحو استخدام الغاز الطبيعي، ضمن أنظمة مستدامة وفعالة للطاقة المنخفضة الكربون.

المصدر : الجزيرة