"أعطوني بعضا من ذلك المال".. لماذا يريد ترامب أسعار الفائدة السالبة؟ وما تأثيرها على الخليج؟

محمد أفزاز
جدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتقاداته لسياسة مجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأميركي) بشأن أسعار الفائدة، داعيا إلى اعتماد أسعار فائدة سلبية أسوة بالمنافسين، فماذا قال الخبراء عن الفائدة السالبة؟
وقال ترامب إن البنك المركزي الأميركي تسبب في إضعاف القدرة التنافسية للولايات المتحدة أمام دول أخرى، مشيرا إلى أنه "بطيء للغاية في خفض أسعار الفائدة".
وأضاف "تذكروا أننا نتنافس بنشاط مع دول تخفض صراحة أسعار الفائدة حتى أن الكثيرين يحصلون الآن في الواقع على مال عندما يسددون قروضهم، وهو ما يعرف بالفائدة السلبية، من منكم سمع بمثل هذا الشيء؟".
وتابع "أعطوني بعضا من ذلك، أعطوني بعضا من ذلك المال، أريد بعضا من ذلك المال، مجلس الاحتياطي لدينا لا يدعنا نفعل هذا"، في إشارة إلى أسعار الفائدة السلبية.
واعتمدت عدد من الدول الأوروبية واليابان سياسة أسعار الفائدة الصفرية والسالبة بغرض تحفيز النمو وزيادة الإنفاق والاستثمار، ودعم التصدير نحو الخارج.
وخفض مجلس الاحتياطي أسعار الفائدة ثلاث مرات منذ يوليو/تموز الماضي، لكن ذلك جاء في أعقاب سلسلة من تسع زيادات للفائدة منذ أواخر 2015.
وكثيرا ما هاجم ترامب البنك المركزي لعدم ذهابه إلى مدى أبعد في تخفيض أسعار الفائدة، ومن المرجح أن يثبت رئيس مجلس الاحتياط الاتحادي جيروم باول أسعار الفائدة، وذلك بعد خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات في العام الجاري.
ماذا تعني الفائدة السلبية؟
أسعار الفائدة السالبة هي سياسة نقدية تلجأ إليها البنوك المركزية في حالات الانكماش الاقتصادي.
وفي مثل أوضاع الانكماش تعمد الشركات والأفراد إلى تكديس الأموال عوضا عن إنفاقها واستثمارها، مما يؤثر على انخفاض الطلب، ثم انخفاض الأسعار، وبالتالي تراجع الإنتاجية وزيادة البطالة، مما يقتضي من البنوك المركزية التدخل باعتماد الفائدة السلبية لتصحيح الأوضاع.

كيف تطبق؟
يتم تطبيق سياسة أسعار الفائدة السلبية في التعاملات بين البنوك التجارية فيما بينها، أو بين البنوك والبنك المركزي، أما بين البنوك والأفراد فلا يتم ذلك إلا بحدود ضيقة للغاية وتخص المودعين فقط.
ويقول المحلل المالي نضال خولي إن الفائدة الصفرية أو السالبة لا تكون سوى على الودائع وليس على الإقراض، وإن البنوك في هذه الحالة يحق لها أن تتقاضى مبالغ على الودائع بالدولار على سبيل المثال.
ويضيف في حديث للجزيرة نت أن الفائدة السالبة على أموال المودعين تجعل البنوك توفر الأموال، ثم إعادة إقراضها لعملاء بأسعار جد مخفضة، مما يحفز الطلب بالأسواق.
وبين أن الفائدة السالبة تهدف إلى دفع البنوك لعدم إيداع أموالها في البنك المركزي، وبالمقابل توجيه هذه الأموال إلى إقراض الشركات والأفراد بنسب فائدة مخفضة، مما يحفز الاقتصاد من حيث الطلب والإنفاق والاستثمار.
حرب عملات
من ميزات أسعار الفائدة السلبية أنها تسهم في خفض سعر العملة المحلية، مما يجعل المصدرين يتمتعون بميزة تنافسية في الأسواق الخارجية.
ويعتقد نضال خولي أن أسعار الفائدة السالبة هي إحدى أدوات حرب العملات التي يشهدها العالم منذ سنوات.
ويرى أن ترامب بضغطه على المركزي الأميركي يحاول أن يجابه سياسة البنوك المركزية العالمية (البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا والمركزي الياباني) التي لجأت إلى خفض أسعار الفائدة إلى الصفر وفي بعض الحالات إلى ما دون الصفر، مما جعل عملاتها أكثر تنافسية من الدولار، ومنح المصدرين قوة أكبر.
ولفت إلى أن الدولار شهد ارتفاعا مقابل العملات الصعبة الأخرى بسبب انتعاش الاقتصاد الأميركي، وهو ما أثر سلبا على الصادرات الأميركية.
ويعارض بعض الخبراء اعتماد سياسة أسعار الفائدة السلبية لكونها تؤثر على قيمة أموال المدخرين وتدفعهم إلى مزيد من تقليل الإنفاق، وليس كما تهدف إلى ذلك هذه السياسة من حض المدخرين على خفض ادخاراتهم وتحفيزهم على الإنفاق.
ماذا عن بنوك المنطقة؟
يعتقد المدير العام لشركة نماء للاستشارات المالي طه عبد الغني أنه في حال اعتمد المركزي الأميركي سياسة أسعار الفائدة السالبة فإن العوائد على احتياطات دول الخليج والمنطقة بالبنوك الأميركية ستتأثر سلبا.
ويقول في حديث للجزيرة نت إن هذه الدول إما أنها ستقبل بالاحتفاظ باحتياطات من الدولار دون أن تحصل على عوائد، أو أنها ستضطر لضخها في الاقتصاد الأميركي في شكل استثمارات، وفي كلتا الحالتين سيكون المستفيد الأكبر هو دونالد ترامب.
ولا يستبعد طه عبد الغني أن تلجأ البنوك في دول المنطقة إلى اقتفاء آثار السياسة الأميركية، مما يعني الإقراض بأسعار فائدة متدنية في مقابل الاحتفاض بودائع بدون فائدة، وهذا الأمر -يضيف عبد الغني- سينشط الاقتصاد لكن بالمقابل ستكون له آثار تضخمية سلبية مع ارتفاع الأسعار.