لماذا تراجع الاستثمار الأجنبي بمصر؟ إليك الإجابات

People walk in front of the new headquarters of Central Bank of Egypt, which is secured by cement blocks, in downtown Cairo, Egypt July 25, 2017. Picture taken through a glass window in Egypt, July 25, 2017. REUTERS/Amr Abdallah Dalsh
حسب بيانات المركزي المصري تراجع صافي الاستثمار الأجنبي في مصر بـ1.8 مليار دولار (رويترز)

محمد سيف الدين-القاهرة

رغم الإصلاحات الاقتصادية التي تطبقها مصر منذ عام 2015 لتحسين المناخ الاقتصادي والاستثماري في البلاد، فإن الأرقام الرسمية الصادرة عن البنك المركزي أظهرت عكس ذلك، مما يؤثر بالسلب على التدفقات الأجنبية للبلاد، وفق ما أوضح خبراء للجزيرة نت.

وقال البنك المركزي المصري في بيان له الاثنين الماضي إن صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد تراجع بنحو 1.8 مليار دولار خلال العام المالي 2018-2019 مسجلا 5.9 مليارات دولار، مقارنة بـنحو 7.72 مليارات دولار في العام المالي السابق له.

ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو/تموز ويستمر حتى نهاية يونيو/حزيران من العام التالي، وفق لقانون الموازنة المصرية.

وبحسب البيان ذاته، حقق ميزان المعاملات الجارية (تدفق السلع والخدمات، وإيرادات السياحة، وتحويلات العمالة المهاجرة، وتدفقات الاستثمار) عجزا بقيمة 8.2 مليارات دولار خلال العام المالي الماضي مقابل 6 مليارات دولار خلال العام المالي السابق عليه، فضلا عن تراجع تحويلات العاملين في الخارج.

أسباب التراجع
عن أسباب اتساع عجز ميزان المعاملات الجارية في مصر، تعتقد الخبيرة الاقتصادية الدكتورة رباب تاج الدين أنه يرجع لزيادة الأعباء والمصروفات على الموازنة العامة للدولة نتيجة المشروعات الكبرى التي تقوم بها الدولة.

وقالت الخبيرة المصرية في حديثها للجزيرة نت إن "هذه الآثار السلبية في الأرقام التي أعلنها البنك المركزي في طريقها للزوال قريبا نظرا لارتفاع إيرادات السياحة واسترجاع الجنيه المصري عافيته أمام العملات الأجنبية".

ومنذ يناير/كانون الثاني الماضي وحتى بداية أكتوبر/تشرين الأول الجاري ارتفع سعر صرف الجنيه المصري بنسبة 7% أمام الدولار الأميركي.

ووفقا لتعاملات يوم الأربعاء في البنوك المصرية، بلغ متوسط سعر الدولار نحو 16.22 جنيها مقابل 17.88 جنيها في يناير/كانون الثاني الماضي.

أما عن الأسباب التي تقف وراء تراجع الاستثمار الأجنبي في مصر خلال العام المالي الماضي بنحو 23%، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور محمد العقدة أن سيطرة الجيش على الحياة الاقتصادية في مصر تأتي في المقام الأول.

بيئة طاردة
وأوضح الخبير في حديثه للجزيرة نت أن اقتحام المؤسسة العسكرية للمجال الاقتصادي يجعلها بيئة طاردة للمستثمرين سواء على الصعيد المحلي أو الأجنبي، وذلك لانعدام تكافؤ الفرص.

وتتباين التقديرات بشأن حجم الدور الذي يلعبه الجيش في الاقتصاد المحلي، حيث يؤكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أنه لا يتجاوز 3% من الاقتصاد المحلي، في حين تشير تقديرات غير رسمية إلى أنه يزيد عن 50%.

ويشرف الجيش المصري على نحو 2300 مشروع، يعمل بها خمسة ملايين موظف مدني في جميع التخصصات، وفق ما أوضح المتحدث العسكري في وقت سابق.

ومن بين تلك الأسباب أيضا حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني التي تشهدها مصر والمنطقة العربية، فضلا عن تراجع الاستثمار العالمي بشكل عام، وفق ما أوضح المحلل الاقتصادي عبد الحميد عزت.

وبيّن عزت في حديثه للجزيرة نت أن الغلاء الناتج عن الإصلاح ساهم بقوة في تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي، وذلك لانخفاض الطلب على السلع والخدمات نتيجة ضعف القوة الشرائية للجنيه المصري الذي أفقده قرار التعويم الكثير من قيمته، موضحا أن الاقتصاد المصري استهلاكي في المقام الأول.

وعلى مدار الأعوام الماضية عملت مصر على تشجيع الاستثمار المباشر في البلاد، حيث أصدرت في يونيو/حزيران 2017 قانون الاستثمار، الذي قدم حوافز عدة للمستثمرين، بينها خصم 50% من التكلفة الاستثمارية للمشروع عند احتساب قيمة الضرائب في المناطق التي تحتاج لتنمية، وإعفاء بنسبة 30% للمشروعات بالمناطق التي لا تحتاج إلى التنمية.

سيطرة الجيش
ورغم تلك التسهيلات فإن أغلب المستثمرين ما زالوا يخشون الاستثمار في مصر بسبب ارتفاع سعر الفائدة على الإقراض، فضلا عن سيطرة الجيش على أغلب المشاريع الاقتصادية.

وعن الآثار السلبية لانخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر، اتفق خبراء الاقتصاد الذين تحدثوا للجزيرة نت على أن ذلك سيؤثر بشكل كبير على تدفقات الأموال الأجنبية إلى البلاد، وأغلبها حاليا عبارة عن قروض أو استثمارات في أذون خزانة.

وعن إمكانية تعافي الاقتصاد المصري قريبا، أوضح الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب أن هذه الآثار السلبية لا يمكن تلافيها على المستوى القريب والبعيد، مرجعا ذلك إلى غياب مناخ ديمقراطي في مصر، وهو أحد أهم محفزات الاستثمار.

المصدر : الجزيرة