بسبب نقص المال.. دول المنطقة تواجه صعوبة في تهدئة المواطنين
يقول علاء شاهين في تقرير بوكالة بلومبيرغ إن السنوات الأربع الماضية شهدت انخفاضا في أسعار النفط الخام، وأثر ذلك على أكبر اقتصادات العالم العربي وغيرها من مصدري النفط؛ مما أدى إلى تفاقم حالة من الانزعاج، وهي الحالة نفسها التي عصفت بالمنطقة منذ سنة 2011، حيث اجتاحت احتجاجات الربيع العربي منطقة الشرق الأوسط، وأطاحت بأنظمة الحكم ودمرت الاقتصادات.
ويضيف الكاتب أن دول الخليج العربي الغنية بالنفط نجحت في النجاة من التأثيرات السلبية لهذه الأزمة، عن طريق إنفاقها الكثير من المال من أجل التصدي لهذه الاضطرابات.
أما الآن، وبعد أربع سنوات من انخفاض أسعار النفط الخام، أصبحت هذه البلدان أمام متاعب مالية.
صندوق النقد
وذكر الكاتب أنه بغض النظر عن فقر أو غنى دول المنطقة العربية؛ يواجه المسؤولون بالمنطقة مشكلات متشابهة، تتراوح بين ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب، والاعتماد المتزايد على الديون وفواتير أجور الموظفين الحكوميين المتضخمة.
و يؤكد الكاتب أن المسؤولون بالمنطقة يرون الحلول طويلة المدى صعبة التطبيق، نظرا لأن كل خطوة تقوم بها الحكومات نحو الإصلاح تنطوي على مخاطر تؤدي إلى انتشار الشعور بالاستياء في البلاد، وأمام عيونهم سناريوهات أسوأ، مثل ما حدث في سوريا وليبيا واليمن.
وينقل التقرير عن محللين قولهم إن "معالجة هذه التحديات الاقتصادية مكلفة من الناحية السياسية.
وأفاد الكاتب بأنه للتغلب على هذه المشكلة، لجأت العديد من الدول العربية إلى صندوق النقد الدولي لاقتراض الأموال، وهو ما أثار حفيظة المواطنين، كما هي الحال في تونس التي تشهد احتجاجات للمطالبة برفع الأجور، وتتهم فيها "اتحاد العمال" الحكومة بارتكاب أخطاء لقبولها شروط النقد الدولي.
ويصنف صندوق النقد الدولي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كأسوأ المناطق أداء على مستوى العالم منذ سنة 2011، إلى جانب أميركا اللاتينية. وأقرض البنك أموالا لكل من مصر والعراق والأردن والمغرب وتونس.
غرق في الديون
منذ انهيار أسعار النفط -حسب الكاتب- أصبحت حكومات دول الخليج الغنية تعاني من عجز كبير في الموازنة.
ويضيف أن هذه الدول قد لا تقترض من صندوق النقد، لكنها ستستغل بشكل متزايد أسواق السندات العالمية لسد هذه الفجوة.
ونوه الكاتب إلى أن المناخ الذي يعصف حاليا بالمنطقة، عرّى وضع البلدان ذات التمويل العام الهش بشكل كبير؛ حيث وصلت البحرين إلى حافة أزمة الديون، في حين دمرت الحرب في سوريا اقتصادات الأردن ولبنان، اللذين يعتبران من أكثر البلدان العربية مديونية.
حذر سعودي
وذكر الكاتب أن السعودية تمتلك أموالا كافية من عائدات النفط، وليست بحاجة لقروض من صندوق النقد الدولي، ورغم ذلك، وقعت ضحية الاستعانة بمستشارين أجانب لوضع مسودة لمخططات التغيير الاقتصادي، وواجهت انتقادات لعدم اختيارهم حلا واحدا يناسب جميع المجالات.
ويؤكد الكاتب أنه في الوقت الذي يتم فيه حظر المظاهرات في المملكة، يظل الحكام السعوديون حذرين من خطر ردود فعل شعبية، خاصة بعد أزمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
ويشير إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان– الذي يسعى لتخليص تبعية الاقتصاد لعائدات النفط- قال في مقابلة سابقة مع بلومبيرغ "إذا كان سقف هدفك منخفضا، فهذا يعني أنه سهل، ولن يحاول أحد العمل بجد على تحقيقه".
مع ذلك -يلفت الكاتب- وبعد أن فرضت الحكومة السعودية ضرائب جديدة، وخفضت الدعم في بداية عام 2018، كان كل ما نتج عن ذلك تذمر المواطنين على وسائل التواصل الاجتماعي، لتعود حكومتهم لممارسة طرقها القديمة، وتعهدت بتقديم مليارات الدولارات في شكل معونات لتعويض سياسة التقشف.
أوجه التشابه
يقول الكاتب إن البلدان العربية -في الواقع- تتقاسم العديد من التحديات مع دول أميركا اللاتينية ، لكن هناك اختلافا واحدا مهما.
ففي معظم بلدان أميركا اللاتينية عندما لا يكون المواطنون راضين عن الوضع الاقتصادي؛ فبإمكانهم انتخاب حكومة جديدة للعمل على هذا الملف بطريقة مختلفة، لكن إجراء الانتخابات تعد مسألة نادرة الحدوث في عالم عربي، وقد كانت الاحتجاجات، التي أخذت منحا عنيفا في بعض الأحيان، أبرز سبل المواطنين الساعين للتغيير.