هل فشلت ثورة العملات الرقمية؟
حاول الكاتب نوام ليفينسون في تقريره الذي نشره موقع "هاكرنون" الأميركي أن يجيب عن سؤال: هل فشلت ثورة العملات الرقمية وتقنية بلوك تشين؟
وأضاف أن وجه الشبه بين حركة العملة الرقمية والحركات الجماهيرية الأخرى (حركات سياسية) هو التطلع إلى قلب الوضع الراهن.
ويعتقد الكاتب أن ثورة العملة الرقمية فشلت في التحول من حركة "راديكالية" إلى مبدأ راسخ.
وقال "فشلت حركة العملات الرقمية في الانتقال من مجرد مضاربة إلى مبدأ يدخل حيز التطبيق".
وتابع أنه خلال السنوات الثلاث الأخيرة لاقت تقنية "بلوك تشين" (سلسلة الكتل) ترحيبا كبيرا، مما جعل الأمر يبدو بمثابة ثورة، "لكننا لم نشهد أي تغيير ملموس".
وبحسب الكاتب يعود فشل ثورة العملات الرقمية بالأساس إلى العديد من عمليات الاحتيال والسلوك غير الأخلاقي من قبل بعض أصحاب المشاريع في هذا المجال.
وفسر فشل ما سماه بانهيار ثورة العملات الرقمية بالاستخفاف بقوة التنظيم الحكومي، والممارسات المالية لشركات البلوك تشين، وسوء تصميم التطبيقات.
تخفيف ضغوط المضاربات
بخصوص التنظيم الحكومي، أشار الكاتب إلى أن الحكومات غير قادرة على إيقاف مشاريع عملة البتكوين، كما لا يمكنها تنظيمها ضمن إطار قانوني، لكنها قادرة على تهدئة الأسواق المالية التي تخضع لضغوط المضاربات، وإغلاق الشركات القائمة والحد من نشاط بعض الكيانات، ودعوة المستثمرين إلى توخي الحذر.
تطبيقات رديئة
أشار الكاتب إلى أن بعض الشركات أساءت القيادة، نظرا لإهدار الأموال على المشاريع والتركيز على الدعايات بدلا من تطوير المنتج.
كما ركزت التطبيقات بشكل كبير على إدماج تقنية "بلوك تشين" أكثر من جذب المستخدمين، مما نتج عنه فشل معظم التطبيقات في وقت مبكر، وفق اعتقاد الكاتب.
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال هناك أمل وإمكانات هائلة لتقينة بلوك تشين، شريطة أن تكون الدعامة التكنولوجيا الأساسية صحيحة، يؤكد الكاتب.
وقال إنه بات من الواضح أنه لا يمكن تحميل مسؤولية فشل هذه الثورة للقادة فحسب، بل إلى تقنية "بلوك تشين" وتقنية دفتر الأستاذ الموزع (دي أل تي) التي تنطوي على العديد من الثغرات، فضلا عن عجزها عن جذب قاعدة جماهيرية واسعة.
لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت بلوك تشين هي التكنولوجيا المناسبة لترسيخ اللامركزية في العالم الرقمي |
تجاهل مخاطر المركزية
أكد الكاتب أن قضايا انتهاك البيانات، والاحتيال المصرفي، والتكاليف المرتفعة لعمليات تحويل الأموال، ومخاطر المركزية لم تكن مثيرة بشكل كاف حتى يستدعي الأمر تبني استخدام هذه التكنولوجيا بشكل فوري.
وقال إن الحقيقة هي أن جلّ الأفراد، الذين ظلوا إلى حد كبير غير متأثرين بانتهاك خصوصياتهم، تجاهلوا مخاطر المركزية (البنوك المركزية)، ولم يكترثوا بالرسوم التي تتقاضاها شركة المعاملات المالية "ويسترن يونيون"، فكان الوضع الراهن بالنسبة لهؤلاء الأشخاص مقبولا.
وأضاف "إذا سلمنا بضرورة الاعتماد على اللامركزية في العالم الرقمي، فإن السؤال الوحيد الذي يحتاج إلى إجابة هو: هل بلوك تشين هي أكثر الطرق فعالية لتطبيق اللامركزية؟".
لا يزال من غير الواضح -يقول الكاتب- ما إذا كانت بلوك تشين أو تقنية دفتر الأستاذ الموزع (قاعدة بيانات لامركزية) هي التكنولوجيا المناسبة لترسيخ اللامركزية في العالم الرقمي في الوقت الذي تواجه فيه ثورة العملات الرقمية تحديات جمة في تعزيز الابتكار، كما لا يزال الطريق طويلا للتوصل إلى تطبيقات من شأنها أن تنافس "فيزا" مثلا.
ويضيف في الواقع ربما تكون العديد من تطبيقات بلوك تشين الناشئة متناقضة مع طبيعتنا البشرية، فنحن نحب المكافآت التي نتلقاها على بطاقاتنا الائتمانية، كما نحب الكفاءة والفعالية والجماعية والأمن وأسعار الفائدة الخاضعة للمراقبة، يقول الكاتب.
ويتابع "إذا ما افترضنا هذه الحقيقة، يجب أن نستنتج أن بلوك تشين ستندثر كما هي الحال مع تكنولوجيا دفتر الأستاذ الموزع".
نقاط مضيئة
يقول الكاتب "لا يسعنا إنكار حقيقة أن اللامركزية وبلوك تشين تقدمان العديد من المزايا فيما يتعلق بالسلامة والأمن، مع ذلك فإنهما تعانيان من القيود ذاتها التي تؤثر على جميع المنظمات اللامركزية". وتساءل "أين وإلى أي مدى يمكننا تطبيق بلوك تشين؟".
من غير المرجح أن يندثر استخدام البتكوين في وقت قريب، وقد يظهر منافسون محتملون في السوق، كما ستشهد الأسواق ظهور عملات رقمية أكثر فعالية وستُستخدم على نطاق واسع في الأسواق عبر الإنترنت. |
هنا بين الكاتب أن الفرصة الوحيدة التي بقيت في المتناول هي محاولة التنبؤ بمسار قصير المدى لبلوك تشين والعملات الرقمية من خمس إلى عشر سنوات، حيث لا يسعنا توقع الحالة المستقبلية للتكنولوجيات الأخرى المرتبطة بها، لأننا نجهل التحولات التي سيشهدها الاقتصاد والنظام العالميين، أو طرق تطور مطالب اللامركزية.
ويضيف أنه من غير المرجح أن يندثر استخدام البتكوين في وقت قريب، وقد يظهر منافسون محتملون في السوق. فضلا عن ذلك، ستشهد الأسواق ظهور عملات رقمية أكثر فعالية وستُستخدم على نطاق واسع في الأسواق عبر الإنترنت. لكن هذا لن يكون بين عشية وضحاها.
ويؤكد الكاتب أن الشركات والصناعات تستفيد من الاعتماد على هذه التكنولوجيا، ويضيف أن ثورة إنترنت الأشياء ستحدث طلبا هائلا على التكنولوجيا الآمنة التي تمكن الأجهزة من التفاعل وتبادل المعلومات واتخاذ القرارات بشكل تلقائي.
وبالنظر إلى أن العديد من الشركات ستعمل على الأرجح عبر إنترنت الأشياء، فإن "بلوك تشين" يمكن أن يكون الحل لتجاوز الصعوبات الناجمة عن التعاون بين الشركات.
وأشار أيضا إلى أن ظهور الأصول الرقمية سيستمر على شكل مقتنيات وأسهم، كما ستعتمد صناعة ألعاب الفيديو على الأرجح هذا الحل للقيام بتجارب داخل اللعبة، لا سيما أن ألعاب الفيديو هي ألعاب رقمية بالفعل.