هل يتحقق حلم تركيا بدخول نادي العشرة الكبار ؟

محمد عبد الملك - من منطقة السليمانية في مدينة اسطنبول - الجزيرة نت - تركيا تسابق الزمن لدخول نادي العشرة الكبار .. هل يتحقق الحلم؟
من منطقة السليمانية بمدينة إسطنبول حيث تسعى تركيا للحاق بالاقتصادات الكبرى عالميا (الجزيرة)
محمد عبد الملك-إسطنبول

 
"عازمون على رفع شأن بلادنا وشعبنا إلى أعلى المستويات، نحن نقترب بشكل ملحوظ من نادي العشرة الكبار، بعد أن أصبح الاقتصاد التركي في المرتبة 13 عالميا، وفقاً لتعادل القوة الشرائية".
 
بهذه التصريحات ظهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا ليتحدث عن طموحات حكومة العدالة والتنمية خلال السنوات القادمة.
 
ويرى محللون أنه رغم كل التحديات و"المؤامرات" التي تحيكها الكثير من الدول المنافسة والمعادية، تمضي تركيا بخطى واثقة في تعزيز اقتصادها القومي، ومضاعفة الصناعات المحلية، لتنعكس في زيادة الصادرت التي تجاوزت خلال العام الأخير 2018 أكثر من 168.1 مليار دولار.
 
كما تستمر تركيا في الوقت ذاته في مسابقة الزمن من أجل تحقيق هدف الوصول إلى ثالث قوة اقتصادية في أوروبا، والمرتبة العاشرة على مستوى العالم قبل 2023.
 
مقومات ومحفزات
ولعل السؤال الأبرز الذي يقفز إلى الأذهان: هل تمتلك تركيا المقومات التي قد تمكنها من تحقيق هذا الحلم وتجاوز جميع العقبات التي تواجهها، وآخرها التهديدات المباشرة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ملوحا بتدمير بلاده للاقتصاد التركي في حال شن أنقرة هجوما على الأكراد في سوريا؟
 
وفي إطار بحثنا عن إجابة لهذا تحدثت الجزيرة نت مع خبراء في الاقتصاد التركي، ومن بينهم الدكتور نزار حرباوي، الذي قال إنه في الواقع العام عندما يتم النظر إلى ما تملكه تركيا من مقدرات جيوسياسية ومميزات على مستوى التعداد السكاني والتنوع في مصادر الثروات، حتى مع افتقادها للثروات النفطية، فإنها تبقى واحدة من أقوى الدول المرشحة لتكون ضمن الدول الاقتصادية الكبرى الفاعلة خلال الفترات القادمة.  
 
الخبير الاقتصادي يضيف أنه إذا تمت مقارنة النمو الاقتصادي والتنوع في الصناعات والتوجهات الإنتاجية لدى تركيا مع دول أوروبية، والأزمات التي تعصف ببريطانيا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا؛ فإنه بلا أدنى شك ستكون الكفة لصالح التقدم التركي اقتصاديا.
 
ومن بين أبرز تلك المقومات التي تتميز بها تركيا، وترشحها لدخول نادي العشرة الكبار، طبقاً لحديث الباحث الاقتصادي الدكتور أحمد مصبح للجزيرة نت؛ هو معدلات النمو الاقتصادي التي تحققت خلال العقد الأخير، وارتفاع إجمالي الناتج المحلي من 232 مليار دولار عام 2002 لتصبح أكثر من 857 مليار دولار خلال عام 2017.
‪منطقة ليفينت إحدى مناطق الأعمال المركزية الرئيسية وسط إسطنبول‬ منطقة ليفينت إحدى مناطق الأعمال المركزية الرئيسية وسط إسطنبول (الجزيرة)
‪منطقة ليفينت إحدى مناطق الأعمال المركزية الرئيسية وسط إسطنبول‬ منطقة ليفينت إحدى مناطق الأعمال المركزية الرئيسية وسط إسطنبول (الجزيرة)
وبالنظر إلى حجم وعدد المشاريع الكبرى التي نفذتها تركيا خلال السنوات الأخيرة، فإن تركيا تملك مجموعة من المشاريع العملاقة التي تمثل ركيزة أساسية للاقتصاد التركي، لما تسهم به من زيادة في إجمالي الناتج المحلي، إضافة إلى الطفرة التجارية والاستثمارية التي تحققت نتيجة سياسية الانفتاح التي تبنتها الحكومة التركية، بحسب رأي مصبح.
 
وتشير تقارير تركية رسمية إلى أن حكومة العدالة والتنمية تمكنت من تحقيق أهدافها الاقتصادية، حيث تخطى حجم الاستثمارات الدولية في تركيا خلال السنوات الـ16 الماضية 201 مليار دولار، كما استطاعت خفض عجز التجارة الخارجية إلى 55 مليار دولار.
 
عقبات وتحديات
تلك المقومات لا يمكن فصلها عن التحديات التي تواجه تركيا في الواقع للوصول إلى هدفها بعد خمس سنوات من الآن، ليبقى من أهم تلك الصعوبات هو حساسية الاقتصاد التركي للمتغيرات، وما يشكله من عقبات أمام النمو واستمرار الاستقرار.
 
إضافة إلى ذلك، هناك مشكلات ارتفاع معدلات التضخم، وعدم استقرار أسعار صرف الليرة التركية وانعكاسها على المؤشرات الاقتصادية.
 
فتركيا بأمس الحاجة -في المقابل- إلى الاستقرار السياسي الدائم، لما له من دور مباشر في جذب الاستثمارات الأجنبية التي تعد أحد أهم العوامل الأساسية لوصولها إلى قائمة العشرة، كما يفيد الدكتور مصبح.
 
وفي حال استطاعت تركيا تجاوز مجموعة العقبات لتعزيز قيمة الليرة التركية، وتمتين أواصر التبادل التجاري بينها وبين الدول الأوروبية والعربية، وهو ما يتطلب دبلوماسية نشطة تفتح أبواب النهضة الاقتصادية نحو مستويات أعلى، وتحمي الأمن القومي التركي من العبث السياسي والاقتصادي من جهات لا يروق لها مستوى التقدم التركي؛ فإن أحلامها في دخول نادي العشرة الكبار يبقى مشروعا وقريبا، بحسب خبراء في الاقتصاد تحدثوا للجزيرة نت.
 
ويرى خبراء الاقتصاد أن حلم تركيا بالوصول إلى أهدافها المعلنة، التي يراد لها أن تتزامن مع الذكرى المئوية لجمهورية تركيا عام 2023 ليس مستحيلا.
 
بيد أن هؤلاء يعتقدون أن الطريق لن يكون مفروشا بالورود أمام تركيا، خاصة في ظل تكالب دول العالم عليها، وبينها دول عربية وخليجية، إضافة إلى العداء مع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية واستمرار تركيا في الحرب على الإرهاب.
المصدر : الجزيرة