هل كسب ترامب حربه التجارية ضد أوروبا؟

U.S. President Donald Trump and President of the European Commission Jean-Claude Juncker speak about trade relations in the Rose Garden of the White House in Washington, U.S., July 25, 2018. REUTERS/Joshua Roberts
ترامب ويونكر اتفقا على بدء المفاوضات بشأن إلغاء التعريفة الجمركية (رويترز)

أميت راجيت باتابيال*

يبدو أن الحرب التجارية المُستعرة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في طريقها للتهدئة، إذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر عقب اجتماع في 25 يوليو/تموز الماضي في البيت الأبيض، عن هدنة مؤقتة بعد تصاعد التوترات التجارية بينهما.

واتفق الاثنان على بدء المفاوضات بشأن إلغاء التعريفة الجمركية والدعم لكل الواردات عدا السيارات، ووافق يونكر أيضا على شراء فول الصويا والغاز الطبيعي من الولايات المتحدة بمزيد من مليارات الدولارات.

ويبدو للبعض أن الولايات المتحدة أخذت أكثر مما أعطت في هذه الاتفاقية المبدئية، مما يتيح الوقت للتساؤل: هل كسب ترامب الحرب التجارية التي أشعل فتيلها مع أوروبا؟

فوفقا لبحثي في مجال التجارة الدولية، فإن الطريقة الجيدة لتحليل ما يحدث لا توجد في شروط النزاعات وإنما في مباريات كرة القدم. فلنقل إننا في الاستراحة بين شوطي المباراة بعدما تعادلت الولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي (1-1)، وإن الفائز في هذه المباراة لاحقا سيعتمد بشكل كبير على الخطة التي وضعها كل فريق في غرفة الملابس ومدى نجاح تنفيذها خلال الشوط الثاني. لذا، هيا بنا نفحص خطط لعب كل منهما.

وضع الملعب
هدفت زيارة يونكر إلى تهدئة الأجواء وتفادي الحرب التجارية الشاملة التي أضرمتها الولايات المتحدة بالفعل سابقا ضد الصين.

بدأت "اللعبة" بفرض ترامب تعريفات جمركية على الواردات الأوروبية من الصلب والألومنيوم، بعد إنهاء إعفاء الاتحاد الأوروبي من هذه الرسوم في مايو/أيار الماضي، مما دفع الاتحاد الأوروبي للرد بتعريفاته الخاصة على الواردات الأميركية التي بلغت 3.2 مليارات دولار، ليهدد ترامب حينها بفرض تعريفات جمركية باهظة على واردات السيارات الأوروبية.

من جانبه، يعتقد ترامب أن الاتحاد الأوروبي "خصم تجاري" للولايات المتحدة وأن فرض تعريفات جمركية على وارداته أمر ضروري ومناسب، إلا أن تصرف الاتحاد الأوروبي يخالف جليا اعتقاد ترامب بدليل شكواه لمنظمة التجارة العالمية.

الجانب الأميركي
تتميز الولايات المتحدة ذات الرئيس الواحد بسرعة اتخاذ القرار مقارنة بالاتحاد الأوروبي المكون من 28 عضوا (زعيما)؛ يتحتم موافقة كل منهم على أي من القرارات المصيرية.

علاوة على ذلك، تعاني الولايات المتحدة من عجز تجاري أمام الاتحاد الأوروبي، مما يعني أن أميركا تشتري منتجات من الأوروبيين أكثر مما يشترون منها.

ونظرا لهذه الميزة، يبدو أن إستراتيجية ترامب تعتمد على التهديد بالتعريفات الجمركية لخلق حالة من الشك، وزرع بذور الخلافات داخل الاتحاد الأوروبي لاستخلاص امتيازات تصب في مصلحة بلاده.

‪ترمب أغضب الأوروبيين عندما فرض تعريفات على وارداتهم من الصلب والألومنيوم‬ (غيتي)
‪ترمب أغضب الأوروبيين عندما فرض تعريفات على وارداتهم من الصلب والألومنيوم‬ (غيتي)

وقد يعتقد ترامب أن فرض تعريفات جمركية على مزيد من البضائع أكثر من الاتحاد الأوروبي يحقق للولايات المتحدة الفوز في هذه اللعبة.

ويقتنع ترامب أيضا، أن التهديد بفرض تعريفات صارمة على الواردات الأوروبية سيُرغم ألمانيا على إجبار الاتحاد الأوروبي على الإذعان للولايات المتحدة؛ إذ لن ترغب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في إلحاق الضرر بصناعة السيارات الألمانية الموجهة للتصدير.

وعلى الرغم من فعالية نجاح ترامب في تطبيق هذه الإستراتيجية مع كوريا الجنوبية، فإنه قد لا يوفق في تحقيق ذلك مع الاتحاد الأوروبي.

الاتحاد الأوروبي المنقسم
لا يعد الاتحاد الأوروبي خصما ضعيفا؛ إذ يتبادل مع العالم بضائع وخدمات بقيمة 3.7 تريليونات دولار.

وتتمثل المشكلة الرئيسية التي تواجه الاتحاد الأوروبي في تألفه من دول مختلفة ذات مستويات متنوعة فيما يتعلق بالتعامل مع الحرب التجارية مع ترامب، مما يعرقل الاستفادة من الثقل الاقتصادي لأوروبا أو العمل معا بشكل منسجم ومتناغم.

ولطالما كانت ألمانيا أقل اهتماما بخوض هذه الحرب مقارنة بفرنسا؛ لأهمية صادراتها إلى الولايات المتحدة، مما يجعل الاتحاد الأوروبي عاجزا عن اتخاذ قرار حاسم، وعرضة أكثر للخضوع في النهاية لمطالب ترامب.

ففي الوقت الذي يزعم فيه البعض أن هذا هو ما حدث في اجتماع البيت الأبيض، أعتقد أن النتيجة الحقيقية تمثلت في كسب يونكر مزيدا من الوقت، أملا في إقناع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برد أوروبي مُوحّد.

ومع ذلك، إذا تمكن الاتحاد الأوروبي من اتخاذ قرار مُوحّد، فقد يستطيع التركيز على رفع تنافسيته في أسواق أخرى، مثل الصين -حيث العديد من السلع الأميركية الخاضعة لتعريفات جمركية عالية- مما قد يلحق ضررا كبيرا بالولايات المتحدة. لذا فهناك باب مفتوح للسلع الأوروبية في الصين والتي كان الصينيون يشترونها سابقا من الولايات المتحدة.

بعبارة أخرى، انتهت استراحة ما بين الشوطين تقريبا، والفريقان على وشك النزول للملعب، فهل سيستمر ترامب في العمل بخطة فرِّق تَسُد؟

هناك كثير على المحك في هذه اللعبة أكثر من مجرد حقوق الفوز والتفاخر؛ فالنظام التجاري الدولي المستند على القواعد -والذي جلب الرخاء لأجزاء كثيرة من العالم، بمن فيهم الأميركيون والأوروبيون على حد سواء- على حافة الخطر، لذا دعونا نأمل ألا نلجأ لركلات الترجيح.

———–

* أستاذ الاقتصاد في معهد روتشستر للتكنولوجيا.

المصدر : الصحافة الأسترالية