تسعير النفط باليوان هل يضيّق الخناق على الدولار؟
ويعتقد مراقبون أن هذه الخطوة الصينية ستزيد الضغوط على الدولار الأميركي بأسواق النفط، وتقلص من هيمنة الدولار على الاحتياطات النقدية العالمية.
وتعد هذه أول العقود الآجلة المدرجة في الصين للمستثمرين الأجانب والقابلة للمقايضة بالذهب، مما يعني أن المستثمرين الأجانب أصبحوا قادرين على شراء عقود نفطية آجلة باليوان الصيني ولن يكونوا بحاجة الدولار لفعل ذلك. وما إن تنتهي مدة العقود حتى يتمكن المستثمرون من تحصيل قيمتها إما يوانا صينيا وإما ذهبا.
وهذا سيجعل العملية أكثر جاذبية بالنسبة لشركات النفط العالمية وصناديق الاستثمار والوسطاء في تجارة النفط من أنحاء العالم، فضلا عن الدول المصدرة للخام.
دعم اليوان
خلال السنوات الأخيرة زادت الصين مخزونها الإستراتيجي من الذهب ليبلغ نحو 1850 طنا، واستحوذت على كثير من المناجم في أفريقيا ودول أميركا اللاتينية.
كما أن الصين تملك حاليا أضخم احتياطي من العملات الأجنبية في العالم يقدر بأكثر من ثلاثة تريليونات دولار، وتشكل العملة الأميركية نسبة كبيرة منه، وكل ذلك جاء ضمن خطة لدعم تدويل اليوان.
وغدت الصين أكبر مستورد للنفط في العالم بعد أن تجاوزت الولايات المتحدة الأميركية بحجم استهلاك يقرب من 12 مليون برميل يوميا.
ويقول المحلل الاقتصادي شياو لاي للجزيرة نت لا شك في أن ذلك "يجعل الصين أكبر المشترين للنفط ويمكنها من اختيار من يوافق على التسوية باليوان من البائعين، خاصة عندما تكون أسعار النفط منخفضة نسبيا ويتعين على البائعين الحفاظ على مزيد من الصادرات".
لا يزال الوقت مبكرا
وفي وقت بدأت فيه العقود الآجلة للنفط في بورصة شنغهاي للطاقة تسعير الخام باليوان في منطقة آسيا والباسيفيك، وتجاوزت قيمة العقود التي وقعت ثلاثة مليارات دولار في اليوم الأول، فإنها -برأي مراقبين- سوف تتحول تدريجيا لتصبح جزءا من نظام التجارة العالمي جنبا إلى جنب مع العقود الآجلة للخامين العالميين برنت وغرب تكساس، اللذين يهيمنان على مؤشرات أسعار النفط في العالم.
بيد أن ثمة من يخالفه رأي هؤلاء مثل أستاذ الاقتصاد في جامعة الاقتصاد والتجارة الدولية بالصين دونغ شيو تشنغ الذي أوضح للجزيرة نت أن التأثير بعد الخطوة الصينية سيكون محدودا جدا على القطاع المالي وسوق الطاقة في المدى القصير.
ويضيف أن تعزيز اليوان في تجارة النفط الخام يتطلب وقتا، ذلك أن استخدام الدولار في التقييم ما زال مهيمنا.
البترويوان
وتأتي الخطوة الصينية في ظل سباقٍ محموم منذ سنوات بين واشنطن وبكين على اكتساب مزيد من النفوذ في ميدان الاقتصاد العالمي ونظامه الجديد، وذلك من خلال حشد أدوات لخوض حروب تجارية ومالية في حال اندلاعها. حروب يبدو جليا أن "البترويوان" سيصبح أحد أبرز أسلحتها.
فهناك من يرى أن الخطوة الصينية لا شك في أنها ستزيد الضغوط على الدولار الأميركي في أسواق النفط، مما سيدفعه للتراجع بوصفه عملة احتياط عالمية، وستمهد الإجراءات الصينية لصعود اليوان بوصفه عملة دولية تفرض دورها على ساحة الاقتصاد العالمي.
كما أن هناك بعض الدول المصدرة للنفط التي تعرضت أو ربما تتعرض في المستقبل لعقوبات أو حظر اقتصادي من قبل الولايات المتحدة، مثل إيران وروسيا وغيرهما، ستستفيد من هذه الإجراءات.
ويوضح دونغ شيو تشنغ في حديث للجزيرة نت أن قبول مثل هذه الدول استخدام العملة الصينية في تسوية الحسابات سيخفف إلى حد كبير من ضغوط العقوبات المفروضة عليها لا سيما البلدان الغنية بموارد النفط والغاز والتي لديها حاجة كبيرة للتصدير، والتي دفعت بشكل كبير عملية تدويل اليوان.