هل ينتشل طريق الصحراء الجزائر اقتصاديا؟
ياسين بودهان-الجزائر
ويعد الطريق العابر للصحراء أحد المشاريع الكبرى التي تراهن عليها الجزائر لولوج هذه السوق التي تضم أكثر من سبعمئة مليون نسمة من الدول التي سترتبط بالطريق، وهي تونس والنيجر وبوركينا فاسو ومالي ونيجيريا والبلدان المجاورة لها.
وتأتي الوجهة الأفريقية ضمن المخطط الاقتصادي الجديد الذي تبنته الحكومة في وقت سابق، لذلك دعت إلى عقد المنتدى الأفريقي الأول للاستثمار في ديسمبر/كانون الأول 2016 بحضور ألفي رئيس مؤسسة ورجل أعمال يمثلون أربعين دولة أفريقية.
ورغم هذه الجهود فإن الإحصائيات تشير إلى تواضع حجم المبادلات، حيث تشير إحصائيات المركز الوطني للإعلام الآلي والإحصاء التابع للجمارك الجزائرية إلى أن المبادلات التجارية الجزائرية مع الدول الأفريقية هي الأضعف، ولا تمثل سوى 1.5% من مجموع المبادلات التجارية الخارجية.
متاعب اقتصادية
وتأتي الصحوة الجزائرية تجاه السوق الأفريقية بعد المتاعب التي تعيشها اقتصاديا نتيجة انهيار أسعار النفط، وتظهر الأرقام الرسمية تآكلا حادا لاحتياطي النقد الأجنبي الذي كان يقدر بـ192 مليار دولار في النصف الأول من عام 2014 ليصل نهاية 2017 إلى أقل من 113.3 مليار دولار.
وبسبب المؤشرات السابقة يعتقد خبراء وسياسيون أن الانفتاح على السوق الأفريقية خطوة لا مناص منها، وقد تتيح فرصا واسعة لدعم اقتصاد البلاد بعيدا عن النفط الآيل للزوال، ويعتبرون أن الطريق العابر للصحراء من المشاريع المهمة التي يمكن أن تساهم في هذا الانفتاح.
ويمتد الطريق العابر للصحراء الذي تم الشروع في إنجازه عام 1960 على مسافة 9400 كلم، ويربط محوره الرئيسي الجزائر العاصمة بلاغوس النيجيرية مع عدة تفرعات تمتد إلى النيجر ومالي وتشاد وتونس.
وبسبب صعوبات اقتصادية ومالية تعاني منها دول الساحل فقد شهد المشروع تأخرا كبيرا في الإنجاز في العديد من محطاته الأفريقية.
ومن بين المؤسسات المالية الدولية التي منحت تمويلات البنك الأفريقي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية وصندوق أوبك للتنمية الدولية.
الجزائر تراهن
وكشف رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى في 28 يناير/كانون الثاني الماضي من أديس أبابا أثناء استعراضه مشاريع البنى التحتية التي كلف الاتحاد الأفريقي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بترقيتها أن أشغال المحور المركزي لهذا الطريق في طور الانتهاء، وأن الطريق بين الجزائر ونيجيريا قد تم تعبيده بالكامل، كما تم الانتهاء من إنجاز الشطر التونسي.
وخصصت الجزائر نحو ثلاثة مليارات دولار لإنجاز حصتها من المشروع، حيث تراهن على هذا الطريق لربط موانئها في الشمال بالعمق الأفريقي.
وبرأي عضو اللجنة المالية والميزانية في البرلمان سابقا سالم دحيمي -في حديث للجزيرة نت– أن من أهم ميزات المشروع سيقلص مدة وصول البضائع القادمة من أوروبا وشمال أفريقيا إلى أسبوع واحد فقط بعد أن كانت تتطلب مدة أقلها شهر للوصول إلى العمق الأفريقي بالنقل البحري، مما يعني تكاليف أقل وسرعة في التسويق.
والطريق مهم جدا للجزائر حسب دحيمي حيث سيمر بوسطها، وقريب من كل المحافظات الجزائرية، ويمكن من خلاله بناء تجمعات سكانية من مناطق الصحراء للقضاء على مشكلة العزلة.
وفي الوقت الذي عبر فيه عن أسفه لتفريط بلاده في القارة الأفريقية التي وصفها بـ"القارة البكر" إلا أنه أكد أن "جدوى المشروع تكون أقوى بإنشاء منطقة للتبادل التجاري الحر في ولاية تمنراست الحدودية، لتسهيل تصدير المنتجات الجزائرية التي لا تجد لها مكانا في أوروبا أو آسيا، لكن يمكن أن تجد لها مكانا بكل سهولة في السوق الأفريقية".
وقلل الخبير الاقتصادي كمال سي محمد من أهمية المشروع، وأوضح للجزيرة نت أن الكثير من الدول الأفريقية المتاخمة للجزائر ضعيفة الدخل، ولا تتحمل كلفة فواتير استيراد ضخمة، خاصة المواد المصنعة، باستثناء بعض الدول مثل نيجيريا وساحل العاج.