هل تنجح إيران في الانضمام لجهود مكافحة غسيل الأموال بالعالم؟

الجزيرة نت-خاص
يعد غسيل الأموال جريمة يعاقب عليها القانون الإيراني مثلما تفعل سائر البلدان، وذلك لتأثيرها السلبي المباشر على الاقتصاد ودورها في انتشار الأعمال غير القانونية في البلد.
ولمواجهة هذه الظاهرة، أُنشئت مجموعة العمل المالي الدولية (فاتف) المعنية بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وتحتل إيران المراكز الأولى بقائمة غسيل الأموال عالميا، إذ حازت المرتبة الأولى في غسيل الأموال للمرة الثالثة على التوالي خلال المدة بين عامي 2014 و2016، وفقا لتقرير مؤسسة بازل السويسرية لعام 2016، بحسب ما أوردت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية.
ولم تدرج إيران ضمن قائمة العام 2018 بسبب غياب معلومات كافية، لكن هناك تصريحات للمسؤولين من جهات مختلفة في البلد يعترفون فيها بغسيل ملايين الدولارات سنويا في إيران.
وفي مقابلته الشهر الماضي مع موقع "خبر أونلاين" الإيراني، قال وزير الخارجية محمد جواد ظريف "تجري عمليات غسيل أموال واسعة في البلاد، ومن يقومون بذلك يحاولون صناعة رأي عام معارض في الداخل لتشريعات تتعلق بمكافحة هذه الأمور لمصلحة بعض الأفراد".
وأثارت تصريحات ظريف ضجة كبيرة داخليا ودوليا، وعلى أثرها تم استدعاؤه إلى مجلس الشورى لاستجوابه، لكن هذا القرار لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن.
من جهة أخرى، حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني قبل أربع سنوات في المؤتمر الوطني لتعزيز الصحة الإدارية ومكافحة الفساد، من أن اجتماع السلاح والنقود والصحيفة ومواقع الإنترنت ووكالات الأنباء والدعاية والمخابرات في مكان واحد يولّد الفساد، قاصدا بكلامه "الحرس الثوري" دون أن يذكره بالاسم.

جدل
وأثار موضوع انضمام إيران إلى المجموعة الدولية للعمل المالي (فاتف)، التي تهدف إلى مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، جدلا كبيرا داخل الأوساط السياسية بين التيارين المحافظ المعارض لانضمام طهران للمجموعة الدولية وبين التيار الإصلاحي والحكومة المصرين على دخولها.
وتحاول حكومة الرئيس روحاني الحصول على الموافقة لضمان كسب ثقة حلفائها الدوليين من جهة، وعدم إعطاء الفرصة للإدارة الأميركية التي تتهم إيران بدعم الإرهاب وتمويله في المنطقة من جهة أخرى.
وكان البرلمان الإيراني قد وافق يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي على مشروع دخول طهران إلى مجموعة العمل المالي الدولية، لكن مجلس الصيانة الدستورية المحافظ بمعظم تشكيلته رفض ذلك باعتباره منافيا للدستور، وأعيد المشروع إلى البرلمان لإجراء بعض التعديلات عليه، أو إرساله إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام لأخذ القرار النهائي.
ويرى معارضو المشروع أن المصادقة عليه قد تمنع إيران من مساعدة الجماعات الممولة من قبلها كحزب الله اللبناني وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، كما أنها تضعف الدور الإيراني في المنطقة.
وفي المقابل يعتقد الموافقون أن التصويت للمشروع يحدّ من الفساد والاختلاس في البلد.
وفي هذا الصدد قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني "حشمت الله فلاحت بيشه" لوكالة أنباء مهر الإيرانية إن "تعاملنا المالي مع الدول حتى الصديقة كروسيا والصين غير ممكن، إلا بعد خروجنا من القائمة السوداء لمجموعة عمل المالي".
بدوره صرح رئيس البنك المركزي السابق ولي الله سيف لجريدة "تجارت" قبل سبعة أشهر تقريبا بأن "العملة المكتسبة من غسيل الأموال كتجارة المخدرات، تباع وتشترى حتى في الشوارع بسهولة، وذلك بسبب وجودنا في منطقة محاصرة بالجرائم".

ريع واختلاس
وأكد المتحدث باسم اللجنة الحقوقية والقضائية في البرلمان الإيراني حسن نوروزي لجريدة "همشهري" الإيرانية قبل ستة أشهر أن "إيران أصبحت جنّة غسيل الأموال، حيث تم كشف عن العديد من المجرمين وهم متلبسون بأموال وعقارات ضخمة، إلا أن القضاء برأهم".
ويعتقد المدير السابق لمصرفي "تجارت" و"صادرات إيران" أحمد حاتمي يزد أن "ربع مصاريف الدولة بيد بعض المؤسسات التي تقوم بغسيل الأموال، والبنك المركزي ليس لديه القوة لإيقافهم، كما أن الريع والاختلاس في البنوك الحكومية (يعد) من الأوجه الأخرى لغسيل الأموال التي تتسبب في الفساد السياسي والاقتصادي والقضائي"، بحسب ما نقلت وكالة أنباء "إيرنا".
ونقل تقرير لصحيفة "دنياي اقتصاد" الإيرانية في يوليو/تموز 2018 عن أخصائيين وخبراء غسيل أموال حضروا اجتماعا لمركز الدراسات الإستراتيجية الرئاسية، قولهم إن نحو 12% من حجم السيولة في البلد يأتي نتيجة غسيل الأموال.
وفي ظل استفادة إيران من الأموال غير الخاضعة للرقابة من أجل الالتفاف على العقوبات الأميركية من بيع واسترداد النقود المتحصلة للدولة بواسطة شركات وأشخاص محددين، فإن التحاق طهران بمعاهدة مكافحة غسيل الأموال ودعم الإرهاب يبقى أمرا غامضا، بحسب مراقبين.
فهل ستنجح حكومة روحاني في إقرار مشروع انضمام إيران إلى مجموعة "أف إي تي أف" أم أن سدة القرار باتت بيد الحرس الثوري والقوى المعارضة؟