التجارة الإلكترونية تشعل صراع التسوق في العراق

التسوق الإلكتروني

آية منصور-بغداد

"معنا أجود المنتجات"، "اشتر بسعر المجان"، "أفضل الماركات"؛ وعبارات أخرى عديدة تملأ صفحات إلكترونية مدعومة بإعلانات ممولة، وتحوي مئات التعليقات التي تطالب بحجز الطلبات وتنبهر بجودة المنتجات ودقتها ورخص أسعارها، صفحات يديرها أصحابها من المنازل وقد احتلت بشكل لافت في الآونة الأخيرة مواقع التواصل الاجتماعي وأصبحت البديل الأنسب للمتاجر والأسواق التقليدية.

ويعتبر التسوق عبر الإنترنت من الطرق الحديثة للتسوق وله تأثير كبير على قطاع التجارة العالمية، حيث يساهم في تطوير السوق والأدوات التجارية عن طريق الاستيراد من كافة المنشآت حول العالم، كما يؤكد ذلك التاجر محمد صلاح.

ويشير صلاح إلى أن "هذه الطريقة مصدر جديد للرزق لكنه غير نظيف كليا في العراق، بسبب النصب والاحتيال، إذ غالبا ما يجلب أصحاب هذه الصفحات العديد من المنتجات -وخصوصا التكنولوجية- مغشوشة أو غير أصلية"، ويشدد على أن استخدام هذه الطرق غير القانونية والشرعية يعود إلى انعدام الرقابة الحكومية، لكنه يؤكد أن المتبضعين بدؤوا يفهمون قواعد اللعبة.

ويعتقد أن السوق الإلكتروني المحلي ما زال عاجزا عن منافسة السوق العادي، لأن المتبضع العراقي يميل بشكل عام لمعاينة البضائع قبل شرائها والمساومة على ثمنها.

إحدى المتبضعات داخل متجر للملابس في بغداد(الجزيرة)
إحدى المتبضعات داخل متجر للملابس في بغداد(الجزيرة)

دخول المنافسة
لكن واقع الحال يوحي بغير ذلك، كما يقول التاجر أحمد البلداوي الذي يجلس داخل محله الصغير في حي المنصور الراقي بالعاصمة بغداد، المشهور بكثرة متاجر بيع الملابس الفخمة فيه، واضعا يده على خده منتظرا زبائنه المعتادين.

يشكو البلداوي من سحب أصحاب صفحات التسوق الإلكتروني الكثير من زبائنه، رغم عدم امتلاكهم الخبرة في التعامل، ويقول إن أغلبهم لجأ إلى هذا العمل السهل بعد فشلهم في الحصول على عمل آخر.

ويرى أن أسعار المنتجات في السوق العادي مرتفعة نتيجة فرض الضرائب على أصحاب المحال، إضافة إلى أجور العاملين والمحل والكهرباء، مشيرا إلى أن بعض أصحاب المحال بدؤوا يستعينون أيضا بمواقع التواصل الاجتماعي لدخول صراع التسوق وإعادة الروح إلى متاجرهم، من خلال إنشاء صفحات خاصة لعرض بضاعتهم.

فيما ترى المتبضعة تبارك البهادلي (23 عاما) أن الصفحات الافتراضية تمكن الزبائن من الوصول إلى العلامات التجارية العالمية غير المتوفرة في العراق، وإن توفرت فستكون بأسعار غالية جدا.

وقالت البهادلي إن "بعض الصفحات ارتبطت بالمواقع العالمية مثل أمازون، ليتم طلب البضائع الجديدة والمرغوبة وغير المتوفرة في السوق بأسعار مقبولة"، وتشير إلى أن الصفحات الإلكترونية أتاحت للمتبضع حرية الاختيار دون أن يكلف نفسه عناء البحث المتواصل، إذ إن تنوع صفحات التسوق جعلته أكثر حرية في الاختيار.

وتتابع البهادلي القول "أستطيع التنقل من صفحة لأخرى وأنا جالسة في منزلي، دون تحمل تقلبات الطقس العراقي، يصلني ما أريد وبسعر مناسب، وبخدمة توصيل تكاد تكون أقل كلفة من أسعار سيارات الأجرة التي تقلني إلى أي مكان أريد التبضع منه".

بضائع معروضة أمام أحد المحال في شارع النهر ببغداد(الجزيرة)
بضائع معروضة أمام أحد المحال في شارع النهر ببغداد(الجزيرة)

متاعب العمل
فيما تجد سارة إبراهيم -صاحبة إحدى صفحات التسوق- أن هذه المواقع يمكنها توفير مساحة حرة لعرض البضائع دون دفع أجور المكان وما يلحقها من وسائل العرض المتبعة في المتاجر على أرض الواقع.

وتقول سارة إنه يمكن توفير عدد هائل من البضائع من مناشئ عالمية وبأسعار مناسبة جدا للزبون بسبب فرق العملة، كما تساهم باختصار مصاريف الإيجار وملحقاته، واعتبرت أن هذه من الأسباب المهمة لاكتساح التسوق الإلكتروني وتفضيله على التسوق العادي.

وبالطبع لهذه المهنة مشاقها وصعوباتها على أصحاب الصفحات بحسب سارة، إذ إن هناك الكثير من العوائق التي تواجه صفحتها، وذلك لأن الزبون العراقي حديث العهد بالتسوق عبر الإنترنت، وله مخاوف كبيرة من التعرض للسرقة والاحتيال، كما يرفض رفضا قاطعا دفع الحساب قبل استلام الطلب خوفا من الاحتيال، على الرغم من عمل جميع مواقع التسوق بهذا النظام العالمي.

وتشير سارة أيضا إلى مشاكل الشحن الدولي عند وصول البضاعة إلى الحدود وخضوعها للفحص والترسيم الجمركي، إذ تتم سرقة جزء من البضاعة ولا يستطيع أغلب أصحاب هذه الصفحات فعل شيء تجاه ذلك.

وتوضح "عند حدوث مثل هذه الأمور لا نستطيع فعل شيء، إذ لا وجود لمركز خاص بالشكاوى، ولا توجد شركات شحن مضمونة -مثل دي إتش إل، أو بي تي تي- تضع رقم تتبع إلكترونيا للبضاعة كما هو متعارف عليه، مما يدعونا إلى شحن البضائع عبر شركات نقل المسافرين وبمبالغ عالية جدا".

تجدر الإشارة إلى أنه لا توجد أي إحصائية في العراق تشير إلى نسب هذه الصفحات أو أعدادها، بسبب حداثة الموضوع في الشارع العراقي وعدم الانتباه له من قبل الجهات المختصة.

المصدر : الجزيرة