استثمارات سعودية بمصر.. حسابات سياسية أم اقتصادية؟

فندقي فورسيزونز وميريديان القاهرة يمتلكهما رجال أعمال سعوديين. تصوير المراسل
شركات الوليد بن طلال تمتلك وتدير أربعين فندقا ومنتجعا في مصر (الجزيرة)

دعاء عبد اللطيف-القاهرة

في لقاء يُفترض أنه رسمي، جلس رجل الأعمال والملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال مع وزيرة الاستثمار المصرية سحر نصر "بالشورت" لبحث زيادة استثماراته في مصر خلال الفترة المقبلة.

وعقب اللقاء الذي عقد في مدينة شرم الشيخ قبل أيام على متن يخت يملكه بن طلال، أعلنت وزيرة الاستثمار المصرية أن الملياردير السعودي -الذي تمتلك شركاته وتدير أربعين فندقا ومنتجعا في مصر- سيستثمر ثمانمئة مليون دولار في مشاريع سياحية وسكنية داخل مصر.

ومن المقرر أن تشمل هذه الاستثمارات توسيع منتجع "فور سيزونز" في شرم الشيخ، وإنشاء فندقين أحدهما بمدينة العلمين شمال غرب البلاد والآخر في مجمع مدينتي السكني شرق القاهرة.

وسيشترك بن طلال في هذه الاستثمارات مع مجموعة طلعت مصطفى القابضة التي يملكها رجل الأعمال المصري هشام طلعت مصطفى الذي أُفرج عنه بعفو رئاسي في يونيو/حزيران الماضي قبل انتهاء فترة محكوميته بتهمة قتل المغنية اللبنانية سوزان تميم.

استثمار وسياسة
وخلال تفقده منطقة خليج نعمة في شرم الشيخ، أشاد بن طلال بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لما وصفها بجهوده الكبيرة في النهوض بالاقتصاد المصري.

الوليد بن طلال كان قد باع مشروعا في منطقة توشكى جنوبي مصر 
الوليد بن طلال كان قد باع مشروعا في منطقة توشكى جنوبي مصر 

وتثير عودة بن طلال لضخ استثمارات جديدة في مصر مع شريكه هشام طلعت مصطفى تساؤلات حول الدوافع وما إذا كانت تتعلق بجدوى اقتصادية أم حسابات سياسية.

ويقول الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي مصطفى عبد السلام إن رجل الأعمال السعودي لم يصفّ نشاطه بمصر حتى يقال إنه عاد مرة أخرى ليمارس نشاطه.

ويوضح عبد السلام في حديث للجزيرة نت أن بن طلال باع فقط أصوله في مشروع توشكى جنوب غرب البلاد بسبب خسائره الفادحة وعدم إيفاء السلطات المصرية بالتزامات خاصة بالمشروع.  

عبد السلام يرى أن بن طلال أقدم على الاستثمار بعد خروج شريكه من السجن
عبد السلام يرى أن بن طلال أقدم على الاستثمار بعد خروج شريكه من السجن

وأرجع عبد السلام ضخ بن طلال استثمارات جديدة بمصر لثلاثة أسباب هي ما وصفه بمستقبل شرم الشيخ الواعد بمجال السياحة، وتحقيق مشروعه -مجموعة فنادق فور سيزونز- أرباحا ضخمة، إلى جانب خروج شريكه في مشروعات فور سيزونز وهو هشام طلعت مصطفى من السجن ومحاولة الأخير العودة بقوة لسوق الاستثمار السياحي والعقاري وربما البحث عن دور سياسي مستقبلا.

وقال الصحفي الاقتصادي إنه ليس لديه "معلومات إذا ما كانت صفقة تمت بين النظام الحاكم وهشام طلعت مصطفى تقضي بخروج الأخير من السجن مقابل ضخ ثمانمئة مليون دولار استثمارات جديدة"، ولكنه لم يستبعد ذلك "لأن المال السياسي له دور ملحوظ ليس فقط في هذه الأيام ولكن منذ أيام الرئيس المخلوع مبارك".

مناخ الاستثمار
في المقابل، رأى الكاتب الصحفي قطب العربي عودة بن طلال للاستثمار في مصر قرارا سياسيا بالأساس، ودلل على ذلك بالقول إن الوضع الاقتصادي وخاصة وضع السياحة والفندقة الذي قرر الملياردير السعودي الاستثمار فيه لا يحفز على الاستثمار حاليا.

العربي يرجح أن يكون الاستثمار السعودي ثمنا سياسيا لتنازلات مصرية
العربي يرجح أن يكون الاستثمار السعودي ثمنا سياسيا لتنازلات مصرية

وأضاف أن "بن طلال يدير استثمارات كبيرة للأسرة الحاكمة السعودية في إطار شركة المملكة القابضة ومن الواضح أن قرارا سياسيا داخل الأسرة هو الذي حركه لضخ هذه الأموال".

ورجح العربي -في حديثه للجزيرة نت- أن يكون هذا الاستثمار ثمنا تدفعه السعودية لتنازل القاهرة عن جزيرتي تيران وصنافير المصريتين، كما لا يستبعد أن تكون الاستثمارات الجديدة أحد الحوافز للنظام المصري بعد ما وصفه بوساطة المملكة للإفراج عن هشام طلعت مصطفى.

من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور أشرف دوابة إقدام بن طلال وطلعت مصطفى على ضخ استثمارات بملايين الدولارات نوعا من المجاملة للنظام المصري.

وأوضح للجزيرة نت أنهما يردان الجميل للسيسي سواء لامتثال القاهرة لسياسات الرياض في الملفات الإقليمية أو للإفراج عن هشام طلعت مصطفى قبل انتهاء فترة سجنه المحددة بـ 15 سنة.

ورغم حجم الاستثمارات والأموال السعودية بالسوق المصرية فإن دوابة يهوّن من الاستفادة الحقيقية منها، ويقول "حصل النظام المصري على نحو خمسين مليار دولار على مدار السنوات الخمس الماضية ولم يشعر المواطن المصري بأثر ملموس من هذه الأموال على مستوى معيشته".

وتحتل السعودية المرتبة الأولى في قائمة الدول العربية المستثمرة في مصر وفق تصريحات لوزير التجارة والصناعة المصري طارق قابيل، بإجمالي استثمارات يتجاوز ستة مليارات دولار في نحو 3500 مشروع بقطاعات السياحة والزراعة والتصنيع والخدمات والمقاولات والإسكان وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمواصلات.

في المقابل، بلغت الاستثمارات المصرية بالسوق السعودية نحو 2.5 مليار دولار في 1300 مشروع بقطاعات المقاولات والاتصالات والرعاية الصحية والتصنيع.

المصدر : الجزيرة