نقص السيولة في ليبيا.. والمواطن ينتظر الحل

اصطفاف المواطنين أمام أحد المصارف بطرابلس-خاصة
مواطنون يصطفون أمام أحد المصارف بطرابلس لسحب جزء مما يوفره المصرف من أرصدتهم (الجزيرة)

فؤاد دياب-الجزيرة نت

منذ قرابة العامين والمصارف التجارية في أغلب المدن الليبية تعيش أزمة في نقص السيولة النقدية، مع استمرار تدهور قيمة الدينار الليبي وانخفاضه لأدنى مستوياته أمام العملات الأجنبية، والذي يعد هبوطا تاريخيا.

ويصطف المواطنون يوميا منذ ساعات الصباح أمام المصارف لسحب جزء مما يوفره المصرف من أرصدتهم المودعة في حساباتهم المصرفية، حيث تصل قيمة السحب من مئتين إلى خمسمئة دينار فقط يوميا، وهو ما يعادل 24-60 دولارا حسب سعر الصرف بالسوق السوداء.

وكشف محافظ مصرف ليبيا المركزي في طرابلس الصديق الكبير أن من أسباب الأزمة قيام كبار المودعين بسحب ثلاثين مليار دينار من المصارف، وهو ما يتجاوز 70% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما كانت النسبة 9% في نهاية العام 2010، مما أدى إلى أزمة في السيولة النقدية.

وشكل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أول أمس الاثنين لجنة مكونة من عشرين عضوا مهمتها وضع تدابير وسياسات اقتصادية إصلاحية، سواء مالية أو نقدية أو تجارية.

أسباب الأزمة
وحمل محمد فياض الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة المشكلة من المجلس الرئاسي مصرف ليبيا المركزي مسؤولية الأزمة الحالية، موضحا للجزيرة نت أن هنالك مشكلة في إدارة السيولة لدى المصارف التجارية والمصرف المركزي، مستدلا على ذلك بوجود عدد من المصارف التجارية التي تعاني من نقص السيولة في بعض فروعها، فيما فروع أخرى ببعض المدن لا توجد فيها أزمة.

صورة إعلان لأحد المصارف في ميدان الشهداء بطرابلس عن نقص السيولة (الجزيرة)
صورة إعلان لأحد المصارف في ميدان الشهداء بطرابلس عن نقص السيولة (الجزيرة)

ويتفق رئيس مجلس إدارة مصرف الجمهورية السابق مصباح العكاري مع ما ذهب إليه فياض، إذ قال إن المصرف المركزي هو ضمن أحد أسباب الأزمة الحالية، مستغربا في حديثه للجزيرة نت ما ورد على لسان المحافظ بشأن محافظتهم على احتياطات النقد الأجنبي، واصفا ذلك التصريح بأنه "فضفاض ولا يعني شيئا"، متسائلا ما قيمة الاحتياطي والمحافظة عليه في ظل ارتفاع سعر الدولار إلى تسعة دنانير؟

وكان محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير قد قال إن الدين العام وصل إلى 66 مليار دينار حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري، مما أجبر المصرف على اتخاذ جملة من الإجراءات لتخفيض حجم العجز والمحافظة على احتياطات النقد الأجنبي.

وأجمع المتحدثون على أن توقف تصدير النفط وإغلاق المنشآت النفطية ساهما في نقص توريد النقد الأجنبي للمصرف المركزي، إضافة إلى استمرار حالة الانقسام السياسي ووجود مصرفين مركزيين بالشرق والغرب ساهما كذلك في اتساع الهوة.

ويعاني المواطنون بجانب أزمة نقص السيولة ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية والسلع التموينية والمركبات جراء الارتفاع الكبير الذي بلغه سعر صرف الدولار مقابل الدينار في السوق السوداء والذي وصل إلى عشرة دنانير.

وفقا لخبراء وماليين فإن مصرف ليبيا المركزي يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية عن نقص السيولة (الجزيرة)
وفقا لخبراء وماليين فإن مصرف ليبيا المركزي يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية عن نقص السيولة (الجزيرة)

حلول عملية
وعن إجراءات معالجة الأزمة يقول المدير السابق لإدارة البحوث والإحصاء بمصرف ليبيا المركزي علي شنبيش إن على المصارف اصدار بطاقات الدفع الإلكترونية كحل بديل لنقص العملة الورقية، إضافة إلى المرونة في بيع النقد الأجنبي للمواطنين.

ويضيف شنبيش للجزيرة نت أن المصرف المركزي مطالب بإعادة الثقة مع القطاع الخاص وتقديم حوافز له وفتح اعتمادات مالية لإعادة ضخ السيولة المالية التي لدى القطاع في حساباته المصرفية.

وأكد المتحدثون أن فقدان المواطنين ورجال الأعمال الثقة في عودة الأمن والاستقرار أدى إلى قيامهم بسحب أموالهم من المصارف التجارية وعدم إيداعها مرة أخرى، مما زاد من حدة أزمة نقص السيولة.

يشار إلى أن محافظ المصرف المركزي كان قد أكد في مؤتمر صحفي خلال اليومين الماضيين أن المصرف عازم على التدخل بكل قوة لضبط الأوضاع النقدية، وسيتخذ خطوات عملية جادة خلال الأيام القادمة بالتنسيق مع مجلس النواب والأعلى للدولة والمجلس الرئاسي.

وسيبقى الاقتصاد يعيش أسوأ ظروفه التي تلقي بكاهلها على المواطن الليبي، نظرا لاعتماده على تمويل ميزانية الدولة من إيرادات قطاع النفط والغاز بنسبة 95%، إضافة إلى التجاذبات السياسية ووجود حكومتين بالبلاد، وتدهور الأوضاع الأمنية.

المصدر : الجزيرة