تعويم الدرهم المغربي.. تحديات ومخاوف
الحسن أبو يحيى-الرباط
يُقبل المغرب على تحرير نظام الصرف عبر التعويم التدريجي للدرهم، في الوقت الذي تنطلق فيه البنوك التشاركية الإسلامية لأول مرة في المملكة.
وبينما يتساءل متتبعون عن دواعي اتخاذ قرار تعويم الدرهم في وقت لم تتشكل فيه الحكومة الجديدة بعد، عبّر آخرون عن المخاوف من أن يقود انخفاض قيمة الدرهم إلى التضخم وارتفاع المديونية، بينما يربط البعض نجاح هذه العملية بتحفيز الاستثمار وإدماج البنوك التشاركية في المنظومة الاقتصادية والمالية.
تداعيات محتملة
ويرى أستاذ المالية بجامعة محمد الخامس بالرباط عمر العسري أن قرار تعويم الدرهم قد تكون له تداعيات سلبية على تحرير الاقتصاد والمعاملات الاقتصادية، خاصة في ما يتعلق بالمبادلات الدولية، "مع أن ذلك يمكن معالجته من خلال تسريع إطلاق البنوك التشاركية، وتحفيز المنظومة البنكية لجذب وتعبئة المدخرات والاستثمارات الوطنية والدولية".
واستغرب العسري في حديثه للجزيرة نت اتخاذ مثل هذا القرار في مرحلة حكومة تصريف الأعمال في انتظار تشكيل حكومة جديدة، حيث يرى أن ذلك يجعل الدرهم على المحك بوصفه عملة غير مطلوبة لتسوية كل المبادلات مع الخارج؛ "فالمغرب عندما يريد إنجاز صفقات ومبادلات دولية يقوم غالبا بتسويتها بالدولار أو اليورو؛ مما يفاقم عجز الميزان التجاري".
أما الباحث في الشؤون الاقتصادية نوفل الناصري، فقد رأى أن قرار تحرير سعر صرف الدرهم تحول إلى قضية رئيسية لدى الرأي العام لما له من تداعيات محتملة على الاقتصاد الوطني والقدرة الشرائية للمواطنين والمقاولة الوطنية.
التضخم والمديونية
وقال الناصري للجزيرة نت إن هناك مخاوف من أن يؤدي هذا القرار إلى انخفاض قيمة الدرهم في سوق صرف العملات مقابل الدولار واليورو، وهو ما سيفقد عددا من المقاولات المغربية جزءا كبيرا من الإمكانيات التي تتمتع بها.
ويشير إلى أن بعض التجارب أثبتت أن تحرير العملة يقود إلى التضخم، وإلى ارتفاع المديونية وأسعار الواردات بالعملة الوطنية، خاصة أن المغرب يستورد جزءا كبيرا وأساسيا من حاجياته من الخارج، وضمنها مواد الطاقة والسلع الاستهلاكية.
وليكون النظام المالي والمصرفي المغربي تنافسيا يرى العسري أن السلطات النقدية يجب أن تقوم بتكثيف جهودها لتسريع إطلاق منظومة البنوك التشاركية، وجذب رساميل مهمة أجنبية ومحلية لتقوية رصيد المغرب من العملات الصعبة، وذلك للحد من عجز ميزان الأداءات (المدفوعات)، وتعويض ارتفاع العجز المحتمل على مستوى الميزان التجاري.
وتشير آخر المعطيات التي أعلن عنها بنك المغرب (البنك المركزي) أن الاحتياطيات الدولية لديه ارتفعت خلال سنة بنسبة 7.8%، إذ بلغت ما يزيد على 251 مليار درهم (نحو 24.8 مليار دولار) حتى حدود 24 فبراير/شباط الماضي.