خبراء: "بتكوين" تهديد حقيقي للاقتصاد المغربي

A Bitcoin (virtual currency) coin is seen in an illustration picture taken at La Maison du Bitcoin in Paris, France, June 23, 2017. REUTERS/Benoit Tessier/Illustration
بتكوين عملة افتراضية مشفّرة بلغت مستويات قياسية قريبة من عشرة آلاف دولار (رويترز-أرشيف)

الحسن أبو يحيى-الرباط

يعتقد مراقبون أن سهولة استعمال العملات الافتراضية كـ"بتكوين"، وعدم إلزام المتعامل بها بأي رسوم، جعلا الإقبال عليها متزايدا، لكنهم يجمعون على خطورتها بالنسبة للاقتصاد المغربي، وما تشكله من تهديد أمني نظرا لإمكانية استثمارها لتمويل الإرهاب وغسل الأموال.

وحذّر بلاغ مشترك بين بنك المغرب (البنك المركزي)، ووزارة الاقتصاد والمالية، والهيئة المغربية لسوق الرساميل من استعمال العملات الافتراضية وسيلة للأداء، معتبرة أن الأمر يتعلق بنشاط غير منظم.

وجاء التحذير بعد أن تناقلت تقارير إعلامية محلية أنباء مفادها أن منصات التبادل الإلكتروني في المغرب أصبحت تقبل التعامل بعملة البتكوين وسيلة أداء لشراء السلع والخدمات، حيث اعتبر البلاغ المشار إليه أن ذلك قد يؤدي إلى خلق الالتباس لدى العموم.

وقال مكتب الصرف في بلاغ سابق إن المعاملات بالعملات الافتراضية "يشكل مخالفة لقانون الصرف الجاري به العمل، ويعرض مرتكبيها للعقوبات والغرامات المنصوص عليها".

‪
‪"المركزي المغربي" حذّر من استعمال العملات الافتراضية وسيلة للأداء‬ (الجزيرة)

مخاطر
ويفسّر الخبير في الهندسة المالية نوفل الناصري للجزيرة نت الإقبال على هذه العملة بكون المتعامل بها غير ملزم بتأدية أي رسوم على التحويلات، كما أنها سهلة وسريعة الاستخدام.

وفضلا عن كونها عملة إلكترونية خالصة يمكن تخزينها وإرسالها في ثوان معدودة إلى أي مكان في العالم، فإن تحويلاتها تتم في سرية ولا تخضع لسيطرة البنوك والحكومات.

وإلى جانب هذه المخاطر، يرى الناصري أن استعمال العملة الافتراضية يمكّن المتعاملين بها من التهرب من الضرائب، ومن نتائجه تفكك العلاقة بين غالبية المعاملات المالية وآليات وتقنيات رقابة البنك المركزي على السياسة النقدية الوطنية، وهو ما سيُفقد الاقتصاد قدرته على التحكم في كتلته النقدية.

من جانبه قال الخبير في الاقتصاد الاجتماعي عبد العزيز الرماني إن هذه العملة التي يمكن أن تُغني أو تُفقر أي شخص بين عشية وضحاها باتت تشكل خطرا يتهدّد اقتصاد عدد من الدول النامية، فقد تطورت خلال السنوات الماضية ليصل حجم التداول بها أزيد من ملياري دولار، وهو ما دفع المؤسسات المالية الدولية إلى توجيه تحذيرات للبنوك المركزية والمؤسسات النقدية العالمية.

وأضاف الرماني للجزيرة نت أن هذه العملة تمكّن الجماعات الإرهابية من شراء الأسلحة دون أن تترك أي أثر، كما هي الحال بالنسبة لباقي الأغراض الإجرامية وغير المشروعة كغسيل الأموال، وفق اعتقاده.

وسجلت البتكوين قبل أسبوع مستوى قياسيا مرتفعا، حيث اخترقت مستوى الثمانية آلاف دولار للمرة الأولى، وجاء هذا الارتفاع في أعقاب سماح شركة سكوير الأميركية الرائدة للمدفوعات لعملاء بعينهم بشراء البتكوين وبيعها على تطبيقها "كاش".

وتشير بعض البيانات إلى أنه يتم تداول البتكوين -وهي عملة رقمية تتسم بالتقلب- في الوقت الحالي عند مستويات قريبة من حاجز العشرة آلاف دولار.

‪الناصري: استعمال العملة الافتراضية يمكّن المتعاملين بها من التهرب من الضرائب‬ (الجزيرة)
‪الناصري: استعمال العملة الافتراضية يمكّن المتعاملين بها من التهرب من الضرائب‬ (الجزيرة)

الهاجس الأمني
وبالإضافة إلى حضور الهاجس الأمني لدى عدد من دول العالم التي تتخوف من استعمال هذه العملة، يرى نوفل الناصري أن تزايد المتعاملين بها في المغرب (تتحدث تقارير محلية عن نحو مئة شخص)، بالموازاة مع استعداد البلاد للتحرير التدريجي لسعر صرف الدرهم، يُهدّد بارتباك معادلات الصرف بالنسبة للعملات النقدية المعمول بها في سلة العملات لدى البنك المركزي، وهو ما يثير مخاوف من انهيار العملة المحلية.

وعلى صعيد آخر، يرى الباحث المتخصص في التكنولوجيات الحديثة سيدي علي ماء العينين أن العملات الافتراضية التي تستخدم تقنيات "بلوك تشين" المعروفة بفعاليتها ونجاعتها في عدد متزايد من المجالات، خلقت ثورة في مجال المعاملات المالية، وستتعزز مكانتها مع النمو المضطرد للمعاملات المالية عبر الإنترنت.

و"Blockchain" أو "سلسلة الكتل" هي دفتر رقمي غير قابل للفساد للمعاملات الاقتصادية يمكن برمجته ليس فقط لتسجيل المعاملات المالية، ولكن تقريبا لتسجيل كل شيء ذي قيمة.

وعبّر ماء العينين عن اعتقاده بأن هذه الظاهرة ستتطور كما تطورت قبلها إبداعات رقمية افتراضية.

وسبق أن وجهت البنوك المركزية العربية تحذيرات من التعامل بالعملة الافتراضية، في حين تشير تقديرات غير رسمية إلى أن القيمة السوقية للأموال الافتراضية (المشفرة) التي يتم تداولها عبر الإنترنت تفوق المئة مليار دولار.

المصدر : الجزيرة