اعتقالات السعودية.. أي تأثيرات اقتصادية على مصر ولبنان؟

فورسيزونز وميرديان النيل فندقان يمتلكهما رجال أعمال سعوديين
فورسيزونز وميرديان النيل فندقان يمتلكهما رجال أعمال سعوديون (الجزيرة)

دعاء عبد اللطيف-القاهرة
وسيم الزهير-بيروت

لم تقف تداعيات حملة الاعتقالات في السعودية عند حدود المملكة، بل ألقت بظلالها على عدد من الدول العربية التي تستقبل استثمارات ضخمة أطلقها رجال أعمال من العيار الثقيل، هم رهن الاحتجاز.

وبينما يرى مختصون أن هذه الاعتقالات ستكون لها تداعيات على الاقتصاد المصري ومستقبل استثمارات رجال الأعمال هناك، فإن آخرين يعتقدون بأن تأثيراتها على لبنان ستكون محدودة، غير أن التخوفات تبقى قائمة في المستقبل.

ويعتقد الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي مصطفى عبد السلام أن هناك تداعيات مباشرة للاعتقالات بحق رجال الأعمال على مستقبل مشاريعهم في مصر، بالنظر إلى ضخامة المشروعات المملوكة لهم، وعلى رأسهم الوليد بن طلال والشيخ صالح كامل، بجانب إمكانية تأجيل استثمارات كان ينوي هؤلاء ضخها في السوق المصري.

ويقول للجزيرة نت إن هناك تخوفا من الانعكاسات السلبية لحملة الاعتقالات على أوضاع الشركات القائمة والمملوكة لرجال الأعمال المحتجزين.

ويضيف أن استمرار توقيف هؤلاء المستثمرين على ذمة التحقيقات قد يدفع شركاتهم نحو تقليص أنشطتها والاستغناء عن جزء من العمالة بها.

‪عبد السلام: تداعيات مباشرة للاعتقالات على مستقبل مشاريع المحتجزين‬ (الجزيرة)
‪عبد السلام: تداعيات مباشرة للاعتقالات على مستقبل مشاريع المحتجزين‬ (الجزيرة)

لكن عبد السلام استدرك بالتأكيد على أن الأثر النهائي لتوقيف رجال الأعمال على الاقتصاد المصري وآفاق استثماراتهم القائمة في البلاد يبقى مرهونا بمصير التحقيقات الجارية، وما إذا كان سيتم الإفراج عنهم وتسوية الملف وديا أو حتى عبر التنازل من ثروتهم للدولة السعودية، أم سيتم سجنهم بتهم مختلفة.

ويؤكد عبد السلام أيضا أن مصير هذه الاستثمارات يرتبط بمدى تطبيق الشركات المملوكة للمحتجزين لمبدأ فصل الملكية عن الإدارة، الذي يضمن استمرار المشروعات بأنشطتها المعتادة.

استثمارات ضخمة
ويعد الوليد بن طلال أحد أكبر المستثمرين الأفراد في السوق المصري في قطاعات عدة، أبرزها الفندقة والإعلام والبنوك، حيث يملك ويشغل أربعين فندقا ومنتجعا قائما و18 فندقا ومنتجعا تحت التطوير، حسب بيان لمجلس الأعمال المصري السعودي المشترك، الصادر في وقت سابق.

وفي أغسطس/آب الماضي، أعلن الوليد عن اعتزامه إنشاء فندقين في منطقة العلمين (شمال غربي مصر) وتوسعات في فنادق شرم الشيخ بالشراكة مع شركة طلعت مصطفى باستثمارات تصل إلى ثمانمئة مليون دولار.

ويملك صالح كامل أسهم كبيرة في بنك البركة مصر ومشروعات إعلامية وزراعية أخرى، بينما تتحدث وسائل الإعلام عن وجود استثمارات ضخمة للمجموعة التي يترأسها "بن لادن"، علاوة على استثمارات لكل من عمرو الدباغ، ووليد آل إبراهيم في قطاعات العقارات والخدمات والطاقة والإعلام، وكلهم رجال أعمال وردت أسماؤهم ضمن لائحة المعتقلين بالسعودية.

‪فندق
‪فندق "فورسيزونز" في بيروت الذي تنوي المملكة القابضة بيع حصص لها فيه‬  (الجزيرة)

الخبير الاقتصادي أشرف دوابة يؤكد هو الآخر أن الاقتصاد المصري سيتأثر بالاعتقالات، خاصة أنها طالت مستثمرين مهمين في مصر، وفق تعبيره.

ويقول للجزيرة نت إن تأثير هذه الاعتقالات جاءت سريعة، حيث هبطت أسهم الشركات السعودية التي يمتلكها رجال الأعمال المعتقلين، في حين أوقفت أو أجلت بنوك مصرية تمويل بعض المشاريع الاستثمارية السعودية، وهذا -بحسب دوابة- ربما يؤثر على حجم العمالة المصرية في هذه الشركات.

بيد أن دوابة يعتقد بأن مصر لن تغضب في حال طلبت الرياض اتخاذ إجراءات بشأن استثمارات المعتقلين بمصر؛ فالقاهرة -يقول المتحدث- ستضحي ببعض الاستثمارات مقابل عدم توتر العلاقات مع الرياض.

وطبقا لبيانات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، يبلغ عدد الشركات التي يمتلكها رجال أعمال سعوديون في مصر 4309 شركات، لتحتل السعودية بذلك المرتبة الثانية على قائمة الدول المستثمرة، وتبلغ رؤوس أموالها المصدرة أكثر من ستة مليارات دولار.

آثار محدودة
ربما كان الوضع في لبنان مختلفا شيئا ما؛ فآثار الاعتقالات تبدو محدودة في الوقت الراهن، لكن التخوفات بشأن المستقبل تظل قائمة.

يقول الخبير الاقتصادي غازي وزنة إن تأثير اعتقال رجال الأعمال في السعودية على لبنان سيكون محدودا، لأنه منذ عام 2012 تراجعت المشاريع السعودية في البلاد، في حين قدّر حجم هذه الاستثمارات بأكثر من خمسة مليارات دولار تتوزع على قطاعات مالية ومصرفية وسياحية وعقارية.

ويضيف في حديث للجزيرة نت أن الإجراءات التي اتخذت في السعودية اتجهت إلى تجميد حسابات الأشخاص وليس الشركات، مشيرا إلى أن أغلب استثمارات هؤلاء الأشخاص هي باسم شركاتهم، وليس بأسمائهم الشخصية، مما يمنحهم نوعا من الحماية في حال اتخذت الرياض قرارا مباشرا بتصفية استثماراتهم بالخارج.

‪وزنة: تأثير الاعتقالات في السعودية على لبنان سيكون محدودا‬ (الجزيرة)
‪وزنة: تأثير الاعتقالات في السعودية على لبنان سيكون محدودا‬ (الجزيرة)

ويؤكد وزنة أن ثمة مخاوف من أن تتعرض بعض الممتلكات أو الموجودات العائدة للموقوفين للبيع، لكنه يعتقد بأن قضية تصفية الأملاك في الخارج ليست عملية سهلة، بل تأخذ وقتا طويلا، لذلك يبقى تجميد الحسابات المصرفية الطريق الأسهل.

ويعضد الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي رأي وزنة؛ إذ "لا توجد معلومات حتى الآن تفيد بأن أحدا من المستثمرين السعوديين في لبنان عرض حصته في هذا المصرف أو ذاك المشروع للبيع".

ويضيف للجزيرة نت بأنه "ليس لديّ أي مؤشر بأنه ستكون هناك انسحابات استثمارية سعودية أو خليجية من لبنان؛ هذا البلد يهمهم، هم يقولون ذلك".

ويعتقد أن تداعيات الاعتقالات ستبقى محصورة بموجوداتهم الداخلية في السعودية التي لا تريد -حسب يشوعي- تأزيم علاقاتها مع دول كثيرة تستقبل استثمارات لها، ومنها لبنان الذي قدر حجمها في كل القطاعات بنحو عشرة مليارات دولار.

وقبل أيام، نقلت وكالة رويترز عن مصادر أن شركة المملكة القابضة المملوكة للوليد بن طلال تخطط لبيع حصصها في فندقي موفينبيك وفورسيزونز في بيروت، لكنهما أكدا أنه لا صلة لهذا الأمر باحتجاز الوليد بن طلال.

المصدر : الجزيرة