الرخام التركي.. كنز حجري والعبرة في التصميم

ويؤكد بوروخامزا أوغلو أن الأهم من كل ذلك هو فن التصميم الذي استخدم في صناعة الغرفة، وإبراز جمال الرخام بالنقوش والرسوم والإضاءات والألوان، ويضيف أن "التصميم المتقن يمنحك التفرد والجمال في المنتج دون المساس بالطبيعة المهيبة للرخام".

وقال التاجر التركي، الذي يدير واحدة من كبرى شركات إنتاج وتسويق الرخام في تركيا، إن سوق الرخام في البلاد تشهد نشاطا كبيرا وإقبالا من الزبائن المحليين والخارجيين، مؤكدا أن شركته تصدر منتجاتها إلى الصين والهند ودول الجوار.

أرض المرمر
وارتبط الرخام بالاقتصاد التركي منذ قديم الزمان، حيث إن بعض المصادر التاريخية ترجع عمر اكتشافه في تركيا إلى نحو أربعة آلاف سنة مضت، مستشهدة على ذلك بتسمية بحر مرمرة باسمه الذي ما زال يحمله نسبة إلى جزر "المرمر" المنتشرة في ذلك البحر.

والمرمر باللغة التركية هو الرخام، أما أصول الكلمة فتعود إلى اللغة اليونانية وتلفظ "مارماروس" وتحمل المعنى ذاته.

وتحتفظ تركيا بمخزون هائل من خام الرخام، قدرت حجمه جمعية مصدري ومنتجي الحجر الطبيعي التركية بــ5.1 مليارات متر مكعب، بوزن يصل إلى 13.9 مليار طن، وهو ما يعادل 33% من كمية الاحتياط العالمي من الحجر الثمين.

ووفقا للجمعية، فإن الرخام التركي يتوزع على أكثر من ثلاثمئة نوع تتميز بستمئة لون ودرجة مختلفة، يزيد المزج بينها وانتقاء العناصر المنسجمة منها من قدرة مصممي الرخام على ابتكار أفكار وتصاميم تحاكي رغبات الزبائن المتنوعة.

ومن أهم أنواع الرخام التركي الرخام الرمادي والأبيض والامبرادور والبرونوكس، وهي جميعا تدخل في صناعة الجدران والأرضيات والأثاث المنزلي ومرافق الحدائق والساحات كالمقاعد ونوافير المياه.

النهضة التجارية
وتتوزع مقالع حجر الرخام على معظم الأراضي والجزر في تركيا، لكن مشاريع الإنتاج والتصنيع تتركز في الأناضول ومنطقة تراقيا وولايات أفيون وبالكيسير ودينيزلي وموغلا وإسكي شهير وفي تشاناق قلعة وديار بكر.

ورغم قدم تاريخ الرخام في تركيا، فإن تصنيعه والاستثمار الاقتصادي فيه قد شهد نهضته الكبرى بداية عقد الثمانينيات من القرن الماضي، عندما تحولت تركيا إلى ثاني أكبر مصدّر للرخام بعد إيطاليا، حيث يصدر الرخام التركي اليوم إلى 179 دولة بقيمة تصل إلى 1.9 مليار دولار.

وبحسب جمعية مصدري ومنتجي الحجر الطبيعي التركية، فإن الصين هي المستورد الأكبر للرخام التركي، إذ بلغت قيمة الصادرات لها 727 مليون دولار عام 2015، تلتها الولايات المتحدة التي استوردت في العام ذاته بقيمة 324 مليون دولار، ثم السعودية التي تقف على رأس قائمة المستوردين العرب بقيمة 114 مليون دولار.

ولم تمنع الإمكانات الكبيرة التي يتمتع بها سوق الرخام الطبيعي التركي منتجي الرخام الصناعي من محاولة اختراقه، اعتمادا على كثير من العوامل؛ على رأسها تنوع أذواق الباحثين عن الرخام واختلاف مستويات إمكاناتهم المالية.

بل إن أنجورا، وهي مديرة تسويق في إحدى شركات الرخام الصناعي الصينية، التي حضرت خصيصا إلى معرض للرخام في مدينة إسطنبول؛ ترى في اتساع السوق التركي وتنوع احتياجات المستهلك نافذة مهمة يمكنها من خلالها أن تجد موطئ قدم لإنتاج شركتها.

وعرضت أنجورا على عدسة الجزيرة نت عددا من نماذج الرخام الصناعي الذي تنتجه شركتها، الذي يتطلب عين خبير لتمييزه عن الرخام الطبيعي، موضحة أن الاختلاف بين طبيعتي السوقين التركي والصيني لا يمثل عائقا أمام قدرة شركتها على ترويج إنتاجها من الرخام الصيني الصناعي في تركيا.