تحرير السوق السودانية أغضب المستهلكين والتجار

عماد عبد الهادي-الخرطوم
بدا محمود الذي حصل على مبلغ من المال بعد عمل يومي شاق غير قادر على الإيفاء بالتزامات أسرة مكونة من خمسة أشخاص، رغم ما أعلنته الحكومة عن استفادة الشرائح الضعيفة من قرارات تحرير السوق.
وبينما ينتظر صغار محمود حاجاتهم من أبسط مقومات الحياة تزداد نار السوق اشتعالا، مما يدفعه للبحث عن عمل آخر لتلبية حاجاته اليومية.
ومع توالي ارتفاع أسعار السلع في السوق السودانية، يتساءل محمود حلمي عن مدى جدوى قرارات الحكومة الأخيرة بتحرير السوق.
وكان مجلس الوزراء أقر في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي تحرير السوق ورفع الدعم عن المحروقات والأدوية والكهرباء، عبر حزمة إجراءات.
وفي وقت سابق، قال رئيس البلاد عمر البشير في لقاء بقيادات القوات المسلحة "كنا أمام خيارين أحلاهما مر، إما جراحة عميقة تحول دون انهيار الاقتصاد وبالتالي انهيار الدولة، أو اتخاذ هذه الإجراءات لإنقاذ الاقتصاد".

معدلات جنونية
وبعد الإعلان على القرار، ضربت الأسواق بمختلف أرجاء البلاد حالة من الفوضى وارتفعت الأسعار بمعدلات وصفت بـالجنونية.
وبينما يرى محمود إمكانية خروج الأسعار عن سيطرة الحكومة بالكامل، يقول مواطنون آخرون إنهم اضطروا إلى تقليص مشترياتهم من الاحتياجات الاستهلاكية.
وكما جلبت هذه القرارات غضب المواطنين أثارت أيضا سخط التجار ورأوا فيها سببا لـالكساد ودفع الزبائن للعزوف عن ارتياد الأسواق. ويشتكي التجار من أنهم أصبحوا ضحايا لسياسات حكومية لا يد لهم فيها.
ويرى التاجر حافظ محمود الحاج أن وضع السوق المركزية بـالخرطوم بات حرجا بسبب تراجع القوة الشرائية.
ويضيف لـالجزيرة نت أن الأسعار أصبحت تتغير ليست بوتيرة أسبوعية أو يومية وإنما على مدار الساعة "إذ لا يوجد ضابط أو معايير لذلك".
ويقول الحاج أيضا إن ارتفاع الأسعار لم يستثن أية سلعة، مؤكداً أنها في بعض الأصناف بلغت 100%، والغالبية منها تراوحت بين 20% و40%.
ويوضح أن سعر جوال السكر (50 كيلوغراما) قفز من 510 جنيهات إلى 620 جنيها (نحو 50 دولارا أميركيا).

القوة الشرائية
وقد تسبب ارتفاع الأسعار في تراجع القوة الشرائية بصورة غير مسبوقة -وفق ما قال الحاج- الذي أوضح أن التجار باتوا يعانون من ضعف إقبال المشترين من جهة، وتعدد الضرائب والرسوم التي تفرضها السلطات المحلية من جهة أخرى.
ومن جانبه، اشتكى التاجر محمد بشري من تراجع القوة الشرائية. ويروي أن بعض الزبائن يأتون "فيتفاجأ الفرد منهم بأن الصنف الذي اشتراه بالأمس بسعر بات سعره مضاعفا فيصرف النظر عنه".
وقال بشري إن شركات محلية مختلفة أوقفت إنتاجها بعد القرارات الأخيرة لعدم قدرتها على منافسة نظيراتها الأجنبية.
ويتوقع المحلل الاقتصادي أنور هارون شمبال استمرار ارتفاع أسعار السلع لا سيما الاستهلاكية منها مع بدء تطبيق موازنة العام المقبل التي ينتظر أن يمررها البرلمان الأسبوع القادم.
وقال شمبال للجزيرة نت إن الموازنة الجديدة ستتضمن ضرائب ورسوما إضافية لمقابلة الظروف التي يجتازها الاقتصاد الوطني "وبالتالي فإن الزيادات في الأسعار ستشمل جميع السلع المنتجة محليا والمستوردة بلا استثناء".