أسعار الشقق بلبنان تقاوم قانون السوق

شهدت أسعار العقارات بلبنان نموا بثلاث منذ العام 2006
شهدت أسعار العقارات في لبنان نموا بثلاثة أضعاف خلال تسع سنوات (الجزيرة)

علي سعد-بيروت

يكاد معظم الشباب اللبناني يصاب باليأس والإحباط من إمكانية تملك شقة في العاصمة بيروت وضواحيها لارتفاع أسعار الشقق بما لا يتناسب مع مستوى الأجور المتدني للغالبية الكبرى من الموظفين اللبنانيين.

هذا الوضع دفع بالأسر ذات الدخول المنخفضة للبحث عن خيارات أخرى خارج أسوار العاصمة، في وقت عمدت فيه بعض الشركات إلى طرح شقق بأسعار مناسبة لمواجهة الركود الذي أصاب القطاع العقاري في الوقت الحالي.

وشهد قطاع العقارات في لبنان نموا على مستوى الأسعار منذ عام 2006 بأكثر من ثلاثة أضعاف، بالمقابل لم يطرأ تطور كبير للأجور كي يتناسب مع هذا الارتفاع.

معادلة ارتفاع أسعار الشقق مقابل تدني الأجور، دفعت بمحمد حمدان للبحث عن شقة صغيرة لا تتجاوز مساحتها المئة متر، لأن راتب المواطن الذي يعمل بائعا في محل للمفروشات لا يتجاوز 1200 دولار، بينما يبلغ تقسيط شقة من 120مترا بضواحي العاصمة بيروت نحو ثمانمئة دولار.

رواتب مرتفعة
ولشراء شقة بقرض إسكاني ممول من الدولة يتوجب دفع حوالي 25% من ثمن الشقة قبل الحصول على القرض، على ألا تتجاوز الدفعة الشهرية ثلث معاش مقدم الطلب، مما يعني أنه لشراء شقة من 120 مترا -وهي المساحة الأكثر انتشارا- يستلزم ألا يقل الراتب الشهري عن 2400 دولار.

 وفي هذا السياق، يوضح مدير شركة التطوير العقارية "ليبوتي" رواد رموز أن الشركة بدأت باعتماد المساحات الصغيرة في مشاريعها الحديثة، مشيرا إلى أن الشقق من ثمانين مترا مع حديقة صغيرة والتي يتراوح سعرها بين 105 آلاف دولار و110 آلاف، هي الأسرع مبيعا.

ويضيف رموز -الذي تمتلك شركته عددا من المشاريع في منطقة بشامون على أطراف بيروت الكبرى- أن مثل هذه الشقق بسعرها مع موقعها القريب من بيروت تشكل جذبا للهاربين من بيروت بأسعارها المرتفعة وزحمتها وللقادمين من جنوب لبنان ويريدون العيش في مكان قريب من العاصمة.

بيد أن رموز يؤكد أن الشقق ذات المساحات الأكبر قليلا (120 و150 مترا) لا تزال تلقى إقبالا بسبب أسلوب الدفع المباشر الذي تعتمده الشركة لمدة أربع سنوات قبل التحول نحو قروض الإسكان.

وبيّنت إحصاءات المديرية العامة للشؤون العقارية تحسناً في أداء القطاع العقاري خلال يونيو/حزيران الماضي لكن بتراجع سنوي يقدر بـ19.92%  ليصل إلى 3.59 مليارات دولار نهاية النصف الأول من هذا العام، مقارنة بـ4.48 مليارات دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما يؤشر إلى انخفاض واضح في الطلب.

هذا الانخفاض لا يقلق رجا مكارم صاحب شركة "رامكو" كون هامش التراجع داخل بيروت ليس كبيرا في ظل استمرار عمليات البيع والشراء، وإن بوتيرة أقل من المعتاد.

ويشير مكارم إلى أن أسعار الشقق الجاهزة داخل العاصمة تراجعت بين 3 و4% في الفترة الأخيرة، وهي نسبة لا تزال مقبولة بالنسبة للمطورين العقاريين.

مناعة تتآكل
لكن مكارم يحذر -في حديث للجزيرة نت- من أن القطاع العقاري الذي صمد في أحلك الظروف الأمنية والسياسية بدأت مناعته تتآكل قليلا، وهذا ما انعكس في صورة تباطؤ أصاب السوق، مشيرا إلى أنه في السنوات الأربع الأخيرة بدأت الشركات داخل بيروت تستهدف أصحاب الميزانيات الصغيرة.

ووفق دراسة أجرتها "رامكو" بلغ متوسط سعر المتر المربع داخل بيروت بالمشاريع قيد الإنشاء 3720 دولارا، بينما بلغ معدل مساحة الشقق داخل العاصمة 238 مترا مربعا ما يعني أن متوسط المبلغ المتوجب لتملك شقة بالعاصمة يبلغ 885 ألف دولار، ورغم ذلك لا يزال السوق يتحرك.

ويختلف معدل سعر المتر المربع بين منطقة وأخرى داخل بيروت، إذ يبلغ في محيط وسط المدينة "سوليدير" 6700 دولار، في حين  يصل  إلى 3600 دولار بمنطقة الأشرفية، وينزل إلى 3575 دولارا في رأس بيروت.

المصدر : الجزيرة