تباين إزاء وضع الجزائر بقائمة الدول الفاشلة

ياسين بودهان-الجزائر
تباينت ردود الأفعال في الجزائر تجاه تقرير أميركي صنفها ضمن الدول الفاشلة والهشة على مستوى العالم، بين من اعتبر التقرير تأكيدا لـ"حالة"، وبين رافض له مؤكد أن معطياته غير دقيقة ومجانبة لواقع الجزائريين.
وكان مؤشر الدول الهشة أو الفاشلة لسنة 2015، الصادر مؤخرا عن منظمة "الصندوق من أجل السلام" ومجلة "فورين بوليسي" في أميركا، أدرج الجزائر في المرتبة 67 عالميا من بين 178 دولة شملها التقرير.
ويرتب التقرير الدولَ بحيث تكون الأكثر فشلا في رأس القائمة، بينما تكون الأقل فشلا في ذيلها.
واعتمد المؤشر في تصنيفه على 12 معيارا اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، وخسرت الجزائر خمس مراتب مقارنة بتصنيف 2014 الذي احتلت فيه المركز 71 عالميا.
وتتمثل المؤشرات الاقتصادية الدالة على فشل الدولة في تراجع المؤشرات الكبرى كالدخل القومي، واختلال الميزان التجاري، وسعر الصرف.
وتضم المؤشرات السياسية عدة معايير مثل فقدان شرعية الدولة، الناتج عن انتشار الفساد بين النخب الحاكمة، وضعف الثقة في المؤسسات، وعدم التطبيق العادل للقانون، وانتهاك حقوق الإنسان، وغياب الأمن، وانعدام الشفافية في التسيير. في حين تتمثل المؤشرات الاجتماعية في تصاعد الضغوط الديمغرافية والحركة السلبية للأفراد واللاجئين.
عوامل الفشل
ويعود سبب إدراج الجزائر ضمن الدول الأكثر فشلا وهشاشة لعدة عوامل، أهمها -بحسب الخبير الاقتصادي محمد حملاوي الذي تحدث للجزيرة نت- الأداء الاقتصادي السيئ وتراجع التنمية، إلى جانب تسجيل عجز في الميزان التجاري خلال الأربعة أشهر من السنة الجارية قدره 34 مليار دولار، مقابل فائض تجاوز أربعة مليارات دولار خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، بسبب تراجع أسعار المحروقات في الأسواق العالمية.

وتكشف أرقام المركز الوطني للإعلام والاحصائيات التابع للجمارك، انخفاض قيمة الصادرات خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية بنسبة 41%، في حين تم تسجيل تراجع في قيمة الواردات بنسبة 8.27%.
ولاحظ التقرير غياب تنمية اقتصادية محلية عادلة، ووجود فوارق بين فئات المجتمع، وضغطا ديمغرافيا، مع نقص في الغذاء، وارتفاع نسبة الوفيات، مع تزايد عدد اللاجئين، وهجرة الأدمغة الجزائرية.
إلى جانب ذلك، سجل التقرير تراجعا في شرعية الدولة، ومنحها على ذلك علامة 7.8 من عشر درجات، والسبب هشاشة الأداء الحكومي وضعف المؤهلات الديمقراطية وانتشار الفساد، والصراع بين العصب الحاكمة، ووجود صراع بين المسؤولين المحليين والمركزيين مع انقسام النخبة.
تأكيد حالة
وقد أثار التصنيف ردود فعل متباينة على مستوى الطبقة السياسية، ورأت فيه المعارضة تحصيل حاصل.
وفي السياق، يؤكد أمين عام حركة النهضة (إسلامي معارض) محمد ذويبي للجزيرة نت، أن محتوى التقرير أشارت إليه في وقت سابق وثائق حركة النهضة، ووثائق مجموعة الانتقال الديمقراطي التي تضم عدة أحزاب معارضة.
ووفق ذويبي فإن مظاهر الفساد تطورت في بلاده من الرشوة البسيطة إلى الفساد العميق، الذي تسبب في فشل الدولة، التي وصلت أخيرا إلى مرحلة انحلال.
ويعتقد أن "الدولة فاشلة وهشة لأنها تتبنى سياسات خاطئة لا تتناسب وطموحات الشعب الجزائري وإمكانيات الدولة".
وبرأيه فإن "هناك عدة مظاهرة لفشل الدولة على غرار شلل المؤسسات الحكومية، وانتشار الفساد، وغياب سلم للقيم في كل المستويات".
لذلك يعتقد أن التقرير لم يأت بجديد بل حسب حديثه يؤكد "حالة موجودة".
جهود إصلاح
في المقابل قلل الناطق الرسمي لحزب التجمع الوطني الديمقراطي الموالي للسلطة من أهمية التقرير، وقال صديق شهاب للجزيرة نت إن "الجزائريين متعودون على مثل هذه التقارير، التي تسعى دائما إلى وضع الجزائر في مؤخرة الدول".
وبحسب شهاب فإن هذه المعاهد -وخاصة الأميركية منها- تحتكم إلى مؤشرات ومقاييس خاصة بها، وأحيانا قد تصلح هذه المقاييس في أميركا لكن لا يمكن الاعتماد عليها لتقييم دول أخرى أقل تطورا منها.
وأوضح شهاب أن الجزائر التي عانت على مدار عشرين سنة من تداعيات العنف، تبذل الآن مجهودات كبيرة في الإصلاح، من خلال تحسين أداء الحوكمة ومحاربة البيروقراطية، مع وجود إرادة قوية لمكافحة الفساد. إلى جانب جهود أخرى تبذلها الحكومة في قطاعات التربية والصحة وغيرها، الأمر الذي ساهم برأيه في تسجيل تحسن ملحوظ في المستوى المعيشي للفرد الجزائري في كل المستويات.