أبريل.. مصيبة جديدة تتربص بجيوب الأوكرانيين

صفوان جولاق-كييف
يتوجس الكثير من الأوكرانيين خيفة مع اقتراب أبريل/نيسان. فأسعار خدمات الغاز والكهرباء والتدفئة والماء ستقفز فيه إلى مستويات قياسية جديدة، الأمر الذي قد لا يتحمله نصفهم على الأقل، وفق خبراء.
مع بداية الشهر المقبل، سترتفع أسعار الغاز المنزلي بواقع 280%، بعد أن رفعت بنسبة 73% منتصف العام الماضي، وكذلك سترتفع أسعار خدمات التدفئة والمياه الساخنة بواقع 66%، إضافة إلى ارتفاع أسعار الكهرباء بنسبة 40%.
في مدينة خاركيف شرق أوكرانيا، تحدثت الجزيرة نت إلى السيدة فالينتينا (63 عاما) التي تتقاضى راتبا تقاعديا لا يتجاوز الألف هريفنة (نحو أربعين دولارا)، فقالت "أعمل إضافيا في محل لتصليح الأحذية مقابل ألف هريفنة أيضا، لأن راتبي التقاعدي لا يكفي أبدا، ولكني لا أعرف من أين سأحصل على نقود كافية لدفع أسعار خدمات قد تتجاوز راتبيّ معا".
فالينتينا اليوم تفكر بتأجير شقتها والانتقال للعيش مع والدتها (84 عاما) وتقول "والدتي تحظى بخصم 50% على أسعار الخدمات، لأنها أصيبت خلال الحرب العالمية الثانية، ومع هذا ستدفع نهاية أبريل/نيسان أكثر من نصف راتبها البالغ نحو 110 هريفنات مقابل الخدمات أيضا. سنعيش معا ونساعد بعضنا".
عجز شعبي
فالينتينا وجدت حلا صعبا، لكن خبراء يتوقعون أن نصف الأوكرانيين تقريبا عاجزون عن دفع أسعار الخدمات، ولديهم مؤشرات تدعم هذا الرأي.
يوري كورولتشوك خبير بمعهد الدراسات الإستراتيجية للطاقة، قال للجزيرة نت "قبل العام 2014، كانت نسبة قدرة المواطنين على دفع أسعار الخدمات تصل إلى 99.9%، ولكن مع بدء رفع الأسعار عام 2015 تبين أن 10% من الأوكرانيين عجزوا عن الدفع".

وتابع قائلا "أرادت السلطات جمع 39 مليار هريفنة من المواطنين مقابل الخدمات خلال العام الماضي، فلم تستطع، ولن تستطيع جمع الثمانين مليارا التي تريدها خلال العام الجاري، لأني أعتقد أن 40-50% من الأوكرانيين لن يستطيعوا الدفع، ومبلغ لا يقل عن أربعين مليارا سيسجل كديون".
وتوقع الخبير الإستراتيجي أن يشهد العام الجاري احتجاجات شعبية واسعة ضد السياسات الاقتصادية للحكومة التي "ربطت الأسعار بالدولار" وقضايا بالجملة ترفع بالمحاكم ضدها.
خيارات الحكومة
لا يخفي المسؤولون علما بأن جيوب الأوكرانيين قد تعجز عن الدفع في مجتمع لا يتجاوز متوسط دخل الفرد فيه حاليا مائة دولار، خاصة بعد أن تراجع سعر صرف الهريفنة بنسبة زادت على 400% خلال الشهور الماضية، لكن لديهم دوافع تبرر هذه الخيارات، حتى وإن كانت صعبة بنظرهم، ومستحيلة بعيون غيرهم.
رئيس الوزراء أرسيني ياتسينيوك صرح قبل أيام بأن "أوكرانيا خسرت 25% من اقتصادها بسبب النزاع المسلح مع الانفصاليين الموالين لروسيا في المناطق الشرقية للبلاد" فضلا عن مئات الشركات المحلية والاستثمارية التي تم إغلاقها.
لكن ياتسينيوك أضاف أن حكومته تمكنت من "جمع ضرائب أكثر من العام الماضي".
تلك التصريحات جاءت بعد أيام من استلام أوكرانيا خمسة مليارات دولار كأول دفعة من مساعدات حددها صندوق النقد الدولي بـ17.5 مليارا، لتوزع مناصفة بين حكومته والبنك المركزي.
حول هذا الموضوع، قال للجزيرة نت عميد معهد الدراسات الاقتصادية بكييف إيغور بوراكوفسكي "قد يتفهم الأوكرانيون الأسباب، لكنهم لن يقبلوا بهذا الواقع، أو لن يستطيعوا التأقلم معه".
ولفت إلى أن "الكثير من الأوكرانيين يشعرون بأن أوكرانيا بمساعدات صندوق النقد ستكون مدينة أكثر وأكثر للعالم، وأن هذه المساعدات ما هي إلا جرعات تخفف أوجاعها الاقتصادية، ولا تحلها".