التعاون الاقتصادي مع إيران الملاذ الأخير للحوثيين
سمير حسن-عدن
وجاء هذا الإعلان -الذي نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) الواقعة تحت سيطرة الحوثيين- عقب عودة وفد يمني إلى صنعاء أمس الأول الخميس برئاسة رئيس المكتب السياسي لجماعة أنصار الله الحوثيين صالح الصماد بعد زيارة لإيران استغرقت أسبوعين.
ويتضمن الاتفاق تعهدات إيرانية بتمويل اليمن بالمشتقات النفطية لمدة عام، وإنشاء محطة توليد للكهرباء بقدرة 1200 ميغاواط، إضافة إلى توفير قطع غيار وإجراء الصيانة اللازمة لمحطة مأرب الغازية، وتوفير قطع الغيار وصيانة خط نقل التيار الكهربائي "مأرب-صنعاء".
وينص الاتفاق أيضا على تقديم إيران دعما فنيا لليمن من خلال إيفاد خبراء متخصصين وتدريب الكوادر اليمنية في مجالات الكهرباء والمياه والنقل والمال والمصارف والتجارة والصناعة، إضافة إلى إيفاد فرق فنية متخصصة من الجهات ذات العلاقة في البلدين لوضع ما تم التوصل إليه موضع التنفيذ.
ومن بين التعهدات الإيرانية الأخرى إنشاء محطة توليد الكهرباء بالغاز أو الديزل بطاقة 165 ميغاواطا، وتطوير وتوسعة ميناء الحديدة -الذي تسيطر عليه الجماعة- وتعزيز التعاون بين البلدين في مجال النقل البحري وتخصيص خط ائتماني لشراء وتوريد آلات ومعدات والسلع اللازمة لليمن.
إستراتيجية إيران
وفي حين قلل خبراء اقتصاديون من الأهمية الاقتصادية لهذا الاتفاق رأى فيه مراقبون ومحللون إستراتيجية إيرانية لتنسيق عسكري وسياسي قادم مع جماعة الحوثي أكثر منه مجرد مساعدات اقتصادية لمواجهة الحصار الاقتصادي والدبلوماسي الذي تواجهه الجماعة منذ نقل الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور السلطة من صنعاء إلى عدن.
واعتبر أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء عبد الباقي شمسان أن الاتفاق مؤشر على تقديم دعم لوجستي للحوثيين يأتي في إطار تنفيذ الإستراتيجية الإيرانية بإنشاء دولة في شمال اليمن على المستوى البعيد، وشمال الشمال على المستويين القريب والمتوسط.
وقال شمسان -في حديث للجزيرة نت- إن إيران ترى في الوضع الأمني المترهل في اليمن فرصة سانحة لإدخال أسلحة عسكرية ومعدات استخباراتية بهدف ترسيخ نفوذها، لتحقيق شبه دويلة في مناطق سيطرة الحوثيين تكون قادرة على الصمود والاستمرار مهما كان الحصار.
وبينما توقع أن تشهد الأيام القادمة تقديم مزيد من المشاريع ذات العلاقة بإنشاء واستمرار ونمو تلك الدولة المنشودة لم يستبعد الباحث توجه إيران لفتح معارك وتوسعات حربية في بقية المناطق الشمالية، لكنه رأى أن هذا السيناريو مرهون باستمرار المواقف الداخلية والإقليمية والدولية الرافضة للحوثيين دون تغيير.
فرقعة إعلامية
من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي محمد الجماعي تصريحات الحوثيين بشأن الاتفاقيات فرقعة إعلامية أكثر من كونها مساعدات اقتصادية لليمن، نظرا لعدم إمكانية تنفيذ هذه المشاريع بشكل سريع كونها تحتاج إلى ترتيبات طويلة، كما أنها لا تمثل حلا عاجلا للاقتصاد اليمني.
وقال الجماعي -في حديث للجزيرة نت- إن الاقتصاد اليمني يعاني من خطر الانهيار السريع وبحاجة إلى مساعدات عاجلة، كونه يواجه وضعا ماليا صعبا جراء انخفاض إيرادات النفط والاحتياطي النقدي، وذلك بسبب تفاقم الاضطرابات السياسية والأمنية في البلاد.
وأضاف أن الهدف من تصريحات الحوثيين هو بث روح التفاؤل لدى أنصارهم، ولكن ليس لدى إيران القدرة والإمكانات الكافية على مساعدة اليمن، وذلك بسبب ترهل وضعها المالي، فضلا عن كونها أرهقت اقتصاديا في الآونة الأخيرة مع تشتت جهودها في دعم حلفائها بسوريا والعراق ولبنان.
رسالة للخليج
من جانبه، وصف الصحفي والباحث بالشأن الخليجي والسياسة الإيرانية عدنان هاشم الاتفاقية بأنها محاولة إيرانية للرد على التأييد الدولي لشرعية الرئيس هادي، ورسالة للخليج مفادها أن باستطاعة طهران التحرك والتجهيز لحرب إن لزم الأمر.
وقال هاشم -في حوار مع الجزيرة نت- إن الاقتصاد الإيراني لا يستطيع تحمل مشاريع لنهضة بلد آخر، كونه يعاني من وجود أكثر من 15 مليون مواطن تحت خط الفقر، وبطالة تصل إلى 19%، وبالتالي إذا كانت هناك من مشاريع فإن الإيرانيين أولى بها.
وأضاف أن الاتفاق يعني أن إيران فتحت لها سوقا جديدة في اليمن مع تزايد الحظر والتضييق الاقتصادي عليها، وفيما عدا ذلك لا تستطيع طهران تقديم أي مساعدات اقتصادية غير دعم الحوثيين بعناصر الحرس الثوري وأجهزة اتصالات وأسلحة عسكرية وصاروخية.