الشعب يدفع ضريبة شراكة الجيش المصري مع أجانب

قوات بالجيش المصري
المؤسسة العسكرية بمصر تتمتع بنظام اقتصادي داخلي يسمح لها بإقامة مصانع ومزارع ومشروعات (الجزيرة نت)

دعاء عبد اللطيف-القاهرة

قبل أيام من بدء جلسات المجلس التشريعي أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قرارا يتيح للقوات المسلحة تأسيس وإنشاء شركات بمفردها أو بالمشاركة مع رأس المال الوطني أو الأجنبي.

ونص القرار الذي حمل رقم 446 لسنة 2015 على تولي جهاز القوات المسلحة تجهيز مدن ومناطق عسكرية بديلة للمناطق التي يتم إخلاؤها، والقيام بجميع الخدمات والأنشطة التي من شأنها تنمية موارد جهاز القوات المسلحة، وله في سبيل ذلك تأسيس الشركات بكافة صورها، سواء بمفرده أو بالمشاركة مع رأس المال الوطني أو الأجنبي.

ويثير القرار كثيرا من التساؤلات بشأن توقيت صدوره ودلالته بالنظر إلى ما تتمتع به المؤسسة العسكرية من نظام اقتصادي داخلي يسمح لها بإقامة مصانع ومزارع ومشروعات بناء وغيرها من الاستثمارات، فضلا عن تداعيات الشراكة المحلية والأجنبية على القطاعين العام والخاص المصريين.

تعارض
بدوره، اعتبر وكيل وزارة التجارة والصناعة للبحوث الاقتصادية الدكتور عبد النبي عبد المطلب القرار مهما للغاية كونه يفتح الباب أمام ما وصفها بالمشاركة الواسعة والمنضبطة لتنمية الاستثمار الأجنبي المباشر.

أشرف دوابة: لا يوجد مبرر اقتصادي عقلاني لهذا الإجراء (الجزيرة نت)
أشرف دوابة: لا يوجد مبرر اقتصادي عقلاني لهذا الإجراء (الجزيرة نت)

وعلى الرغم من ثناء عبد المطلب في حديثه للجزيرة نت على القرار فإنه وجد صعوبة في تقبل الشركات العالمية الكبرى الدخول في شراكة من أجل الاستثمارات مع المؤسسات العسكرية في أي مكان، لأن ذلك يتعارض مع كافة الأعراف والمواثيق الدولية، وفق قوله.

وأردف "ربما قد يكون هناك قبول جزئي لمثل هذا النوع من الشراكات من أجل التصنيع العسكري أو إقامة مشروعات تتعلق في جزء منها بالإنشاءات العسكرية"، موضحا أن إقامة شراكات كاملة لتنفيذ مشروعات مختلطة مدنية وعسكرية أمر يقترب من المستحيلات.

وحسب تأكيد وكيل وزارة التجارة والصناعة، فإن القرار سيزيد خوف رجال الأعمال المصريين من تغول الجيش على مقدرات الأعمال بمصر، مشيرا إلى عدم وجود كيان من القطاع الخاص قادر على منافسة الجيش "فما بالنا بالشراكة؟". وتوقع أن يحجم القطاع الخاص عن المشاركة بفاعلية في عملية التنمية الاقتصادية.

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور أشرف دوابة إنه لا يوجد مبرر اقتصادي عقلاني لهذا الإجراء، معتبرا القرار مزيدا من عسكرة الاقتصاد وفتح المجال لبيع ثروات مصر للأجانب.

وعن تداعيات القرار أكد دوابة للجزيرة نت أنه سيؤدي إلى تحويل الجيش إلى متاجر بثروات البلاد ومفرط بها، وهو ما سينعكس سلبا على القطاع الخاص.

تداعيات خطيرة
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور نادر فرجاني إن صدور ذلك القرار قبل أيام قليلة من انعقاد المجلس التشريعي -وعلى الرغم من أن المجلس القادم قد تم تدجينه قبل أن ينعقد- يدلل على أهمية القرار القصوى لرأس الحكم العسكري الحالي.

وأضاف عبر تدوينه له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن القرار يعتبر فعليا إعلانا بتخلي من وصفهم بجنرالات "كامب ديفد" عن المهمة المقدسة لحماية الوطن، لافتا إلى أن شراكة الجيش مع رأس المال المحلي والأجنبي تعبر عن نقلة من نهب الأموال الناتجة عن استغلال الثروة إلى نهب أصول الثروة ذاتها واستملاك الربح الناتج عن استغلالها بمشاركة الرأسماليين المحليين والأجانب دون وضع قيود عليها.

أحمد القاعود: القرار قنن ما هو موجود بالفعل (الجزيرة نت)
أحمد القاعود: القرار قنن ما هو موجود بالفعل (الجزيرة نت)

وتوقع أستاذ العلوم السياسية أن يتسابق على هذه الفرصة الذهبية الإسرائيليون ولو من وراء ستار في البداية.

من جهته، قال الكاتب الصحفي أحمد القاعود إن القرار قنن ما هو موجود بالفعل، موضحا أنه يمثل خطورة بالغة على المؤسسة العسكرية والحياة السياسية والاقتصادية ويكرس لفكرة الطبقية التي استبدلت الجيش بالحكم الملكي منذ 63 عاما.

وأضاف للجزيرة نت أن القرار سيخلق منافسة غير شريفة تعود بالضرر على القطاعين العام والخاص المصريين، وتساءل مستنكرا: "من الذي سيواجه الجيش في مشروع ما حتى لو افترضنا سلامة الإجراءات وفقا لهذه القرارات؟".

وتابع" الجيش يستخدم الجنود كعمالة بالسخرة خرجت من دورها الوطني وأصبحت تعمل في أعمال لا تليق لتحقق أرباحا ضخمة لصالح فئة صغيرة تسيطر على هذه المؤسسة".

وهذا التوجه للمؤسسة العسكرية سيؤدي في النهاية لتدمير الاقتصاد والقضاء على الكفاءات، بالإضافة إلى مزيد من سيطرة الجيش على الحياة السياسية من خلال تمويل أحزاب داخل البرلمان وقنوات إعلامية بصورة أكثر وضوحا وفجاجة مما هو قائم. 

المصدر : الجزيرة