المقعد البرلماني في إندونيسيا بـ300 ألف دولار

قانون الانتخابات حد كثيرا من نشر المواد الدعائية للأحزاب في الانتخابات البرلمانية - الجزيرة
قانون الانتخابات بإندونيسيا حد كثيرا من نشر المواد الدعائية للأحزاب بالانتخابات البرلمانية (الجزيرة نت)

 

 

علي صبري-جاكرتا

بخلاف شراسة المنافسة بين الأحزاب المشاركة في الانتخابات البرلمانية في إندونيسيا، جاءت اقتصاديات الدعاية الانتخابية هذا العام متواضعة قياسا على الانتخابات الثلاثة السابقة بالأعوام 1999 و2004 و2009 بعد تعديل قانون الانتخابات والدعاية الانتخابية.

ويقدر مدير السياسة النقدية بالبنك المركزي صالحين جورو إسهام النشاط الاقتصادي للحملات الانتخابية في مجمل الاقتصاد الوطني بما لا يزيد على 0.1%، في حين كانت تقديرات الخبراء تتوقع أن يصل إلى 0.3%، بينما بلغت النسبة بانتخابات 2004 و2009 نحو 3% و2%.

مصمم أزياء يروج لقميص صممه خصيصا للدعاية للمرشح الرئاسي المحتمل جوكووي (الجزيرة نت)
مصمم أزياء يروج لقميص صممه خصيصا للدعاية للمرشح الرئاسي المحتمل جوكووي (الجزيرة نت)

وقال جورو -في بيان صحفي- إن الدعاية الانتخابية هذا العام كانت هادئة وباردة قياسا على انتخابات عام 2009، حيث أفاد استطلاع لشركات الأقمشة التي تستعمل عادة بالدعاية الانتخابية أنها تلقت طلبات أقل من نصف ما تلقته قبل خمسة أعوام.

ويرجع تراجع نفقات الدعاية الانتخابية إلى تدني عدد الأحزاب المشاركة بالانتخابات من 48 حزبا عام 2004 إلى 38 حزبا عام 2009 و15 حزبا بالانتخابات الحالية، بسبب قانون الانتخاب الذي شدد من شروط مشاركة الأحزاب بالانتخابات، وتحديد مناطق الدعاية الانتخابية بالطرقات والمناطق السكنية، وبما لا يزيد على لافتة انتخابية واحدة للمرشح في نفس الموقع, فضلا عن تقييد تلقي الأحزاب للتبرعات والدعم المالي أكثر من السابق.

أثر إيجابي محدود
من جانبه، يعتبر المحلل الاقتصادي بمركز بحوث استشارات الاستثمار بوربايا يودي ساديوا أن مساهمة الدعاية الانتخابية بالحركة الاقتصادية في إندونيسيا أقل من السنوات الماضية بسبب رغبة الحكومة في استقرار سعر صرف العملة الوطنية (الروبية) أمام الدولار بهذه المرحلة.

ويعتقد ساديوا وهو عضو اللجنة الاقتصادية الوطنية التابعة للرئاسة متحدثا للجزيرة نت أن الأثر الاقتصادي للدعاية الانتخابية إيجابي وإن كان ضئيلا بسبب بطء النمو الاقتصادي، وسيستمر الأثر الإيجابي إلى أن تنتهي الانتخابات الرئاسية المقررة في التاسع من يوليو/ تموز القادم، وبعد الانتخابات سيعتمد النمو الاقتصادي على الحكومة القادمة وسياساتها الاقتصادية.

ويرى أن تكلفة الدعاية الانتخابية تؤثر على شعبية الحزب، لكن الدعاية المؤثرة بالفعل خلال الشهور الثلاثة الأخيرة قبل الاقتراع، وما زاد على ذلك فهي نفقات بلا عائد من الأصوات لأن ذاكرة الشعب الإندونيسي قصيرة.

بوربايا يودي ساديوا: الأثر الاقتصادي للدعاية الانتخابية إيجابي وإن كان ضئيلا (الجزيرة نت)
بوربايا يودي ساديوا: الأثر الاقتصادي للدعاية الانتخابية إيجابي وإن كان ضئيلا (الجزيرة نت)

وتقدر لجنة الانتخابات العامة إجمالي تكلفة الانتخابات بكل صورها ومصادر صرفها بأربعة مليارات دولار، في حين بلغت نفقات الأحزاب المشاركة على حملاتها الانتخابية 173 مليونا منذ مطلع عام 2013 حتى يوم الاقتراع، وكان أكثرها إنفاقا حزب حركة إندونيسيا العظمى بـ29 مليونا، يليه حزب الديمقراطي 24 مليونا، ثم حزب الأمانة الوطنية 23 مليونا، فحزب ضمير الشعب 22 مليونا، وحزب النضال من أجل الديمقراطية عشرين مليونا.

ثمن المقعد البرلماني
ورغم تراجع إجمالي النشاط الاقتصادي للدعاية الانتخابية هذا العام، فإن معدل نفقات المرشح ارتفعت عما كانت عليه عام 2009 من 23 ألف دولار إلى مائة ألف للمرشح الواحد بسبب ارتفاع معدل التضخم وتضاعف تكاليف المعيشة عدة مرات خلال الأعوام القليلة الماضية، في حين بلغت نفقات بعض المرشحين الأغنياء على حملاتهم الانتخابية نحو 850 ألفا لكل منهم.

وقد خاض الانتخابات الحالية مائتا ألف مرشح على كافة المستويات البرلمانية (برلمان مركزي، وبرلمان إقليمي، وبرلمان مدينة، ومجلس شيوخ).

ويقدر المحلل وأستاذ الاقتصاد بجامعة إندونيسيا تغو دارتانتو أن تكلفة المقعد الواحد بالبرلمان المركزي تبلغ مائة ألف دولار إلى خمسمائة ألف، وهي تكلفة عالية جدا قياسا لمثلها في انتخابات 2009 التي بلغت 22 ألفا للمقعد، معربا عن اعتقاده بأن متوسط تكلفة المقعد بالبرلمان المركزي يصل إلى ثلاثمائة ألف.

ويعتقد دارتانتو أن "هذه التكلفة العالية ستنعكس سلبا على الاقتصاد الوطني، لأن كثيرا من النواب الفائزين سيسعون لتعويض ما أنفقوه على حملاتهم الانتخابية بأي طريق حتى لو كانت غير شرعية، وهو ما يزيد ظاهرة الفساد شيوعا".

المصدر : الجزيرة