سوريا تحاول شراء أغذية بأرصدة مجمدة

( محاصيل سوريا) : زراعة الحبوب تمتد على مسافات واسعة شمالي سوريا
undefined

تصطدم جهود سوريا الرامية لزيادة مشترياتها الغذائية بعزوف البائعين عن المخاطرة بتأخر سداد مدفوعاتهم من حسابات مصرفية مجمدة في الخارج.
 
ودفعت الحرب والأزمة الإنسانية المتفاقمة في سوريا حكومة الرئيس بشار الأسد إلى طرح مجموعة من المناقصات لشراء سكر وقمح ودقيق وأرز في الأسابيع الأخيرة.
 
وتحتاج البلاد استيراد نحو مليوني طن من القمح هذا العام بعدما تسبب النزاع الدامي الدائر فيها بانخفاض محصولها إلى أدنى مستوياته في ثلاثين عاما ليصل إلى 1.5 مليون طن بما يمثل أقل من نصف متوسطه قبل الصراع الحالي.
 
وقال مشترون حكوميون إن سداد قيمة المشتريات المطلوبة في المناقصات سيتم عبر حسابات الحكومة المجمدة بالخارج من خلال الحصول على إعفاءات من الدول التي تفرض عقوبات مالية على سوريا.
 
ولا يبدي التجار الدوليون تحمسا يذكر تجاه آلية الدفع المقترحة، وقال تاجر أوروبي إن "هذه مخاطرة كبيرة للغاية، فعملية الحصول على أموال من الحسابات المجمدة بطيئة ومعقدة إلى حد يتعذر معه تقديم عرض سريع في مناقصة للحبوب مثلا".
 

‪المواد الغذائية ليست متضمنة في العقوبات المفروضة على‬ سوريا (الجزيرة)
‪المواد الغذائية ليست متضمنة في العقوبات المفروضة على‬ سوريا (الجزيرة)

عقوبات وقيود
ولا تشمل العقوبات الدولية المواد الغذائية، لكن ما تفرضه واشنطن وأوروبا من قيود مصرفية وتجميد للأصول إضافة للاضطرابات الحالية, تمثل كلها عوامل خلقت مناخا يجعل من الصعب على بعض الشركات التجارية إبرام صفقات مع دمشق.

 
وبدا عزوف البائعين واضحا في مناقصة للقمح طرحتها المؤسسة السورية العامة لتجارة وتصنيع الحبوب الثلاثاء الماضي لشراء مائتي ألف طن من القمح، ولم تتمكن المؤسسة من شراء أي قمح بعد تلقيها عرضين فقط قالت إنهما غير مطابقين للمواصفات.
 
 كما أُغلقت مناقصة أعلنت عنها المؤسسة العامة للتجارة الخارجية المملوكة للدولة لشراء 276 ألف طن من السكر الأبيض منتصف يوليو/تموز الماضي دون أي مشتريات.
 
وأعلنت المؤسسة عن مناقصة تالية لشراء نفس الكمية، وتضمنت هذه المناقصة -التي أُغلقت في 13 أغسطس/ اب الجاري- إمكانية السداد باستخدام الأموال المجمدة، ولكنها لم تتلق سوى عرض واحد، ومازالت المؤسسة تدرس إمكانية قبول هذا العرض الوحيد أو المناقصة.
 
وقال بعض التجار إن جزءا من مشكلة النظام الجديد يكمن في وضع الحكومة على عاتقهم معظم المسؤولية في الحصول على مدفوعاتهم من الأموال المجمدة.
 
ويتطلب الحصول على أي مدفوعات عبر هذه الآلية مجموعة من الموافقات منها موافقة الدولة التي يوجد بها الحساب المصرفي المجمد.
 
مشكلات للبائع
وقال تاجر حبوب لبناني لديه معاملات مع دمشق "ينطوي هذا الأمر على مشاكل كبيرة جدا للبائع، ومن ثم سينتهي به المطاف لرفع سعر الحبوب للحكومة السورية".
 
وتزيد شروط المناقصات التي تطرحها الدولة الطين بلة لأنها لا تخضع للمراجعة لتعديلها بما يتماشى مع المخاطرة السياسية المتزايدة في التعامل مع سوريا.
 
وقد طالبت المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب مؤخرا، في مناقصة للقمح طرحتها، بتأمين قدره 5% من حجم الصفقة، أو بحد أقصى مليون يورو مع بقاء العروض سارية لمدة سبعة أيام.
 
ويتوجب على التجار حال مواجهتهم صعوبات في الحصول على مدفوعاتهم من الحسابات المصرفية المجمدة، وعدم تمكنهم من تسليم القمح، تسديد مليون يورو لسوريا بموجب التأمين.
 
وترى بعض الشركات في هذا مخاطرة أكبر من اللازم، وقال تاجر أوروبي آخر "إن السوريين لم يخففوا شروط مناقصاتهم لتتماشي مع وضعهم الصعب، ومازالوا يطالبون بشروط يضعها مشترو الحبوب المتميزون، في بلد يشهد أعلى مستويات المخاطر السياسية بالساحة التجارية العالمية".
 
وذكر بعض التجار أنهم ينتظرون رؤية مدى نجاح آلية الدفع عبر الأموال المجمدة مع غيرهم.
ومن شأن فشل آلية الدفع المفترضة جعل حكومة الأسد بحاجة لإيجاد سبيل آخر لتلبية احتياجات البلاد العاجلة من المواد الغذائية.
 
وقالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) الشهر الماضي إن خمس سكان سوريا عاجزون عن إنتاج أو شراء ما يكفي من الغذاء، بينما يعاني المزارعون من نقص البذور والأسمدة اللازمة لزراعة المحصول القادم.
المصدر : رويترز