أسباب تقليص مصر وارداتها من القمح
عبد الحافظ الصاوي-القاهرة
يعد ملف القمح الملف الأكثر حضورًا من حيث تحقيق إيجابيات في اقتصاد مصر بعد الثورة، وذلك لحساسية القمح كسلعة إستراتيجية، فقبل ثورة 25 يناير كان المصريون يشعرون بالأسى لكونهم أكبر مستورد للقمح في العالم بحجم واردات يقترب من سبعة ملايين طن، بعد أن كانت مصر سلة غذاء لكثير من الدول المجاورة، بل كانت من كبرى الدول المنتجة للقمح لسنوات طويلة.
فلم تعرف مصر استيراد القمح إلا في نهاية ستينيات القرن العشرين مع نهاية عصر عبد الناصر حيث تم استيراد نحو عشرة آلاف طن، ثم أخذ الأمر في التزايد إلى أن وصل حجم الاستيراد إلى سبعة ملايين طن، لكن الأمور بعد الثورة تشهد نوعاً من التطور في مجال إنتاج القمح من خلال تشجيع الفلاحين على زراعته والتوجه نحو تقليل الاعتماد على الاستيراد وجعله في أضيق الحدود.
وحسب ما هو منشور في وسائل الإعلام المصرية نقلاً عن الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، فإن واردت البلاد من القمح قد بلغت على مدار العام المالي 2012-2013 نحو 6.6 ملايين طن مقارنة بنحو 10 ملايين طن في العام المالي 2010-2011، أي أن واردات مصر من القمح قد انخفضت في عام 2012-2013 بنسبة 34%.
عاملان أساسيان
ويرى أستاذ الاقتصاد بأكاديمية الشروق خالد عبد الحميد أن انخفاض الواردات يرجع لعاملين أساسيين وهما سياسة رفع سعر توريد القمح المحلي لنحو 400 جنيه (57 دولارا) للأردب الواحد (150كيلوغراما)، مما شجع الفلاحين على زيادة الرقعة الزراعية هذا الموسم، وكذلك التوجه نحو زيادة معدلات التوريد في ظل الأسعار الجيدة.
الأمر الآخر هو أن الحكومة أزالت العديد من العقبات التي كانت تواجه عملية توريد القمح من الفلاحين، وهو ما أدى إلى أن تصل كميات القمح المورد من الفلاحين إلى الحكومة إلى 3.8 ملايين طن، مقارنة بـ2.2 مليون طن في العام الماضي.
وأكد عبد الحميد للجزيرة نت أن إنتاجية الفدان (4200 متر مربع) في الحقول الاسترشادية (الحقول التجريبية) التي تشرف عليها وزارة الزراعة تزيد عن الحقول الأخرى بنحو أربعة أرادب (600كيلوغراما)، وهو ما يعني أن استعانة الفلاحين بخدمة الإرشاد الزراعي الموسم المقبل من شأنه تحقيق زيادة في المحصول تقدر بنحو نصف مليون طن.
عودة الثقة
ويعتبر مقرر الأمانة المركزية للتنمية والتخطيط في حزب الحرية والعدالة أحمد عيسى أن المحور المهم هذا العام في إنتاج القمح هو عودة الثقة للفلاحين فيما تقدمه وزارة الزراعة من "تقاوي" (البذور) وخدمة إرشادية، ويتوقع عيسى أن تزيد هذه الثقة خلال الموسم المقبل بسبب ما تحقق من زيادة في إنتاجية الحقول الإرشادية وصلاحية "التقوي"، و"هو ما نلمسه من إقبال الفلاحين في موسم زراعة الذرة الصفراء" يضيف عيسى.
وعن إمكانية انخفاض واردات مصر من القمح العام المقبل، بيّن المتحدث نفسه أن البلاد لم تستورد قمحاً على مدار الشهور الثلاثة الماضية، وسيتوقف الاستيراد حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول القادم، ونتيجة لهذا الأمر فقد انخفض سعر القمح في السوق العالمي بصورة كبيرة، لأن مصر التي تعد المستورد الأول للقمح في العالم قد انخفضت حصتها من استيراد القمح، وهو ما يعني وجود زيادة في المعروض في السوق العالمي.
ويتوقع عيسى أن تصل واردات مصر من القمح في نهاية يونيو/حزيران 2014 إلى قرابة 4.5 ملايين طن، ويأمل أن تكتمل منظومة القمح إنتاجاً واستهلاكاً في مصر، مما يعني تحقيق نسب عالية من الاكتفاء الذاتي النسبي لمصر من القمح، ويبين عيسى أن ضبط عمليات الحصاد والنقل وضبط عمليات الاستهلاك لرغيف الخبز من شأنه أن يوفر نحو نصف مليون طن من القمح.