سياسة ناجحة لزراعة القمح بمصر

د. أشرف عباس استاذ الاقتصاد بمركز البحوث الزراعية
undefined

عبد الحافظ الصاوي-القاهرة

تعتبر مصر المستورد الأول للقمح على مستوى العالم بحسب أرقام السنوات الماضية، حيث يبلغ استهلاكها نحو 13 مليون طن سنويًا، تنتج منها نحو 55% وتستوفي باقي الكمية من الاستيراد، في وقت تعد فيه الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا في طليعة مصدري القمح لمصر.

وعلى مدار العامين الماضيين شهدت زراعة القمح والكميات المنتجة منه زيادات ملحوظة.

ففي عام 2011 أعلنت الحكومة المصرية عن وجود زيادة قدرها 20% في الكميات المنتجة من القمح، وفي الأيام القليلة الماضية أعلنت وزارة الزراعة أيضًا عن وجود زيادة ملحوظة في الأراضي التي تمت زراعتها بالقمح هذا الموسم لتصل إلى 3.3 ملايين فدان، بزيادة قدرها 275 ألف فدان عن العام الماضي.

ويرى الخبراء أن زراعة القمح بعد الثورة شهدت اهتمامًا من جوانب عدة، أهمها السياسة السعرية حيث تم رفع سعر إردب القمح ليصل إلى 400 جنيه مصري (الدولار يساوي نحو 6.6 جنيهات).

ومما ساعد على نجاح هذه السياسة إعلان السعر قبل موسم الزراعة، مما جعل الفلاحين يقبلون على زراعته لوجود عائد مجزي.

السعر المناسب
الخبير في الاقتصاد الزراعي أشرف عباس، أستاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث الزراعية، صرح للجزيرة نت بأن ارتفاع المساحة المزروعة بالقمح هذا الموسم ووصولها إلى 3.3 ملايين فدان يعد نجاحًا للسياسة الزراعية بعد الثورة، حيث إنها اعتمدت على عدة محاور، منها اعتماد سياسة سعرية مرضية للفلاح. فقد وصل سعر إردب القمح الذي يبيعه الفلاح للحكومة لنحو 400 جنيه مصري، ومما ساعد على نجاح هذه السياسة أن السعر يعلن قبل بدء موسم الزراعة. والمحور الثاني هو نجاح مركز البحوث الزراعية في إنتاج أصناف من التقاوي ذات الإنتاجية العالية.

محمود منصور شدد على ضرورة ترشيد كميات الفاقد (الجزيرة نت)
محمود منصور شدد على ضرورة ترشيد كميات الفاقد (الجزيرة نت)

وبسؤال عباس عن الفارق في السياسة الزراعية للقمح قبل وبعد الثورة، أجاب بأن السعر كان لا يتعدى 250 جنيها للإردب، وعادة ما كان يعلن بعد موسم الحصاد.

وكانت الحكومة تتعلل بربط السعر المحلي بالسعر العالمي، لذلك كان الفلاحون يعرضون عن زراعة القمح لعدم تغطية سعر التوريد للحكومة لتكاليف زراعة القمح، ولذلك تدنت المساحة المزروعة بالقمح في مصر قبل الثورة إلى 1.9 مليون فدان فقط.

أما عن تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل من القمح في مصر، فيرى عباس أنه غير مقبول من الناحية العلمية، ولكن يمكن رفع نسبة الاكتفاء الذاتي الحالية من 55% أو 60% إلى نحو 75% وذلك بسبب المحاصيل الشتوية المنافسة للقمح مثل البرسيم الذي يعد محصولا استراتيجيًا للثروة الحيوانية في مصر.

سياسات مكملة
يتفق أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة الأزهر محمود منصور مع ما ذهب إليه عباس في دور السياسة السعرية المحفزة للفلاح في زيادة المساحة المزروعة بالقمح هذا الموسم في مصر، وأنها من الخطوات الناجحة بعد الثورة في مجال زراعة القمح.

لكن منصور شدد على أن الأمر يحتاج إلى وجود سياسات أخرى مكملة للسياسة السعرية، ومنها ترشيد كميات الفاقد التي تمر بها عمليات زراعة وحصاد وتخزين واستهلاك القمح، والتي قدرها منصور بنحو 40% من الكميات المنتجة من القمح، منها 15% فقط يتم فقدها في الحقول وبقية النسبة في المراحل المختلفة.

كما طالب منصور بضرورة مواصلة جهود البحث العلمي في إنتاج أصناف جديدة لمضاعفة الإنتاجية للفدان في ظل احتياجات مصر من هذا المحصول الإستراتيجي.

وبسؤال منصور عما ستسفر عنه هذه الزيادة في توفير الاكتفاء الذاتي من القمح، توقع أن ترتفع نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح لمصر خلال عام 2013 إلى حوالي 65%. لكنه طالب الحكومات القادمة بالاستمرار في اعتماد السياسة السعرية المحفزة اقتصاديًا للفلاح وعدم الاعتماد على مؤشر السعر العالمي في حالة انخفاضه عن السعر المحلي.

المصدر : الجزيرة