غضب بعد زيادة الأسعار بالأردن
محمد النجار-عمّان
بقرار الأردن رفع أسعار مشتقات نفطية وتعديل أسعار الكهرباء على قطاعات تجارية، تكون حكومة فايز الطراونة قد بدأت قراراتها التي بشرت بها منذ قدومها بأنها سترفع أسعار سلع وخدمات وضرائب لتجاوز الأزمة المالية الخانقة التي تعانيها الموازنة، والتي يخشى أن تصل بالعجز نهاية هذا العام لأكثر من ثلاثة مليارات دولار.
وبينما قالت الحكومة إنها أرادت بقراراتها تجنب المس بقطاعات المواطنين من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، اعتبر نشطاء في حركات رافضة لرفع الأسعار أن القرارات تمثل "بالون اختبار" للشارع قبل رفع الأسعار لتمس القطاعات الأكثر فقرا. وقررت الحكومة رفع أسعار البنزين الخاص (أوكتان 95) بنسبة 22%، ووقود الطائرات والبواخر وتعديل أسعار الكهرباء على قطاعات البنوك والاتصالات والفنادق وشركات التعدين وقطاع ضخ المياه.
ولم تطل الزيادات أسعار البنزين (أوكتان 90) الأكثر استخداما في الأردن والسولار والغاز المنزلي والكهرباء للقطاعات السكنية والتجارية والصناعية. ورغم ذلك أعلنت قوى معارضة وحركات شبابية، انضوت في حملة "اطلب حقك" عن مسيرة مساء اليوم الأحد تصل إلى دار الحكومة تعبيرا عن رفض القرارات.
قوى معارضة وحركات شبابية اعتبرت زيادة الأسعار مقدمة لموجة زيادة أخرى تطال فئات المواطنين كافة، واعتبرت حملة "اطلب حقك" سياسات زيادة الأسعار "جريمة" بحق المواطنين |
جريمة
وقالت القوى والحركات المذكورة إن الزيادة مقدمة لموجة رفع أسعار ستطال قطاعات المواطنين كافة، وهاجم بيان صادر عن الحملة سياسات زيادة الأسعار، واعتبرتها "جريمة بحق المواطنين وجزءًا من مسلسل الفساد وسرقة أموال الشعب لصالح مؤسسة الفاسدين الذين يعتبرون الشعب والوطن بقرة حلوبا".
وحذر البيان النظام من أن هذه السياسات "ستزيد من كلفة الإصلاح عليه، وحال الدول العربية المجاورة ليست ببعيدة عنه". كما أعلنت قوى شبابية وحركات شعبية عن تنظيم مسيرات الجمعة المقبلة رفضا لقرارات رفع الأسعار، بعد أن شهدت مسيرات الجمعة الماضية تحذيرات مماثلة.
الحكومة بدورها قالت إنها تحاول قدر الإمكان تجنب أن تطال قراراتها القطاعات الأوسع من المواطنين لا سيما ذوي الدخل المحدود، وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال سميح المعايطة -للجزيرة نت- إن الحكومة تحرص على ألا تمس القرارات الأخيرة بشكل مباشر أو غير مباشر الطبقتين الفقيرة والمتوسطة".
المزيد
ويبدو أن الحكومة لن تتوقف عند هذه الزيادات، حيث قال المعايطة إن السلطات ستلجأ -بالتعاون مع مجلس النواب- إلى تعديل قانون ضريبة الدخل بحيث تصبح الضريبة تصاعدية، قائلا إن الحكومة ستكتفي بهذه الإجراءات إذا أدت إلى إطفاء العجز في الموازنة.
وتابع المعايطة "سنتخذ كل الوسائل التي يمكن أن تخفف من هذا المأزق ونحافظ على مصداقية الحكومة أمام الدول المانحة، مع مراعاة ظروف الناس وعدم زيادة الأعباء عليهم".
في المقابل، يرى اقتصاديون أن الحلول التي تلجأ لها الحكومة هي بمثابة "ترقيع" لا يعالج أصل المشكلة، وبرأي وزير الاقتصاد الوطني الأردني الأسبق سامر الطويل فإن جوهر المشكلة في الأردن يكمن في إنفاق الدولة الذي تجاوز كل النسب المعقولة، وزاد بنسبة 300% خلال السنوات العشر الأخيرة.
وقال الطويل -للجزيرة نت- إن المطلوب وضع خطة للسنوات المقبلة لمعالجة العجز المتفاقم في الموازنة على المديين المتوسط والطويل، واعتبر المتحدث نفسه أن الأردن لا يعاني من أي مشكلة اقتصادية، وإنما من أخطاء إدارة المالية العامة التي أدت لتفاقم العجز والمديونية، هذه الأخيرة التي يتوقع أن تناهز 17 مليار دينار (24 مليار دولار) نهاية هذا العام.
وتحدث الطويل عن توقعات بألا تكتفي الحكومة بالقرارات التي اتخذتها أمس وإنما ستلجأ لقرارات تتعلق بتعديل ضريبة الدخل على البنوك والشركات الكبرى، إضافة لقرارات ستمس الطبقة الغنية التي تعتبر نسبتها قليلة بالمقارنة مع الغالبية العظمى من المواطنين من الطبقتين المتوسطة والفقيرة.
وبحسب الوزير الأردني الأسبق، فإن القرارات التي ستمس المواطنين ربما تلجأ لها الحكومة كحل أخير، وهو ما لا يريده صناع القرار الرسمي لأن ذلك سيغضب الشارع الذي لم يكن يتقبل هذه القرارات حتى قبل الربيع العربي.