اعتراضات بألمانيا على اتفاقية الانضباط

معاهدة أوروبية لضبط موازنات الدول الأعضاء
غالبية دول الاتحاد الأوروبي وافقت على اتفاقية تعزيز الانضباط المالي (الجزيرة)

خالد شمت-برلين

مثلت اتفاقية قواعد تعزيز الانضباط المالي النتيجة الأبرز للقمة
الأخيرة لقادة الاتحاد الأوروبي بالعاصمة البلجيكية بروكسل الاثنين الماضي.
 
ولقيت الاتفاقية -التي وقعت عليها  25 من دول الاتحاد الـ27- اعتراضات من أحزاب المعارضة الألمانية، وأثارت أسئلة مفتوحة حول قدرتها علي مواجهة تداعيات تفاقم أزمة الديون السيادية الأوروبية، وتعزيز استقرار اليورو.
 
وشكك الاشتراكي الديمقراطي الألماني المعارض بالتزام دول الاتحاد بمعايير الاتفاقية التي وصفها بأنها لا تساوي أكثر من الورق والحبر الذي كتبت به، وتوقع رئيس الحزب كلاوس أرنست -بتصريحات لصحيفة فرانكفورتر الصادرة اليوم- أن يؤدي تطبيق هذه الاتفاقية لتوسيع نطاق الفقر بأوروبا.
من جانبه اعتبر رئيس اتحاد عمال ألمانيا -في تصريحات لنفس الصحيفة- أن اتفاقية الانضباط  المالي مجرد قناع خادع لن يفيد بشيء في حل الأزمة.

 

"
الاتفاقية الجديدة تركز على تشديد القواعد المنظمة للاقتراض وزيادة الرقابة علي الميزانيات وتحفيز الأداء الاقتصادي بالدول الأوروبية
"

بنود الاتفاقية
وتركز الاتفاقية الجديدة علي تشديد القواعد المنظمة للاقتراض وزيادة الرقابة على الميزانيات وتحفيز الأداء الاقتصادي بالدول الأوروبية، ومن المتوقع دخولها حيز التطبيق بعد التوقيع عليها في قمة الاتحاد القادمة في مارس/ آذار القادم وتصديق البرلمانات الأوروبية عليها .
 
ونصت الاتفاقية الواقعة في 11 صفحة على فرض قيود مشددة على لجوء الدول الأوروبية للاقتراض وجعله مسموحا به لا يتجاوز نسبة 0.5% من إجمالي الناتج الاقتصادي العام لكل دولة، والتعهد بخفض نسبة العجز العام في ميزانية كل دولة أوروبية إلى مادون 60% من إجمالي الناتج الاقتصادي .
 
وتعهدت الاتفاقية -التي طالبت بها ألمانيا كشرط لمواصلتها مساعدة الدول الأوروبية المتعثرة- بفرض عقوبات ورفع دعوى أمام المحكمة الأوروبية علي أي دولة أوروبية لا تلتزم بمعايير خفض الديون والعجز أو يرفض برلمانها إقرار اتفاقية الانضباط .
 
وتضمنت الاتفاقية بندا هاما هو الاتفاق على إطلاق صندوق آلية الإنقاذ الدائمة لليورو (إي أس أم) مطلع يوليو/ تموز القادم ، قبل عام من موعده المقرر بميزانية تصل إلي خمسمائة مليار يورو ليحل بدلا من صندوق الإنقاذ المؤقت (أي أف أس أف) .
 
كما تبنت الاتفاقية قواعد جديدة لتحفيز الاقتصاد الأوروبي عبر دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة بتسهيل حصولها على قروض صغيرة من بنك الاستثمار الأوروبي، ومكافحة انتشار البطالة بين الشبيبة من خلال تسهيل حصولهم على فرص عمل في دول آخري غير دولهم، وإرسال المنقطعين عن الدراسة لأعمال إلزامية أو دورات تدريبية.

 

"
:بارق شبر
اتفاقية قواعد تعزيز الانضباط المالي الأوروبية احترازية تهدف لعلاج الخلل البنيوي الموجود بمنطقة اليورو ومنع تكرار الأزمة الحالية مستقبلا
"

إيجابيات وشكوك 
وحول تقييمه لاتفاقية تعزيز قواعد الانضباط المالي، أوضح الخبير الاقتصادي الدولي من أصل عراقي د. بارق شبر أن هذه الاتفاقية احترازية تهدف لعلاج الخلل البنيوي الموجود بمنطقة اليورو ومنع تكرار الأزمة الحالية مستقبلا.
ورأي شبر في حديث للجزيرة نت  أن الاتفاقية تعد خطوة بالاتجاه الصحيح لتوحيد السياسات المالية الأوروبية وإقامة حكومة اقتصادية موحدة بمنطقة اليوروعلي المدى البعيد، وأشار إلى أن الدول الأوروبية فرضت بالاتفاقية الجديدة كلمتها في صراعها المتواصل لكسر الإرادات مع الأسواق المالية .
ولم يجزم الخبير الاقتصادي بإمكانية رفع ألمانيا -عرابة الاتفاقية والمستفيدة الأكبر من اليورو – مساهمتها المالية في الصندوق الجديد لإنقاذ اليورو.
 
وأوضح أن موقف السياسيين الألمان تجاه هذه القضية محكوم بعاملين هما الضرورة الموضوعية لزيادة حصة بلادهم بعملية إنقاذ العملة الأوروبية، وعدم تقبل دافعي الضرائب والناخبين الألمان لهذه الزيادة.
 
واستبعد الخبير إسهام الاتفاقية بشكل مباشر بمساعدة اليونان في أزمتها المتفاقمة، وأشار إلى أن القادة الأوروبيين فقدوا الأمل بإنقاذ اليونان وتركوا أمرها للترويكا المالية (الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي) وبنوك القطاع الخاص الدائنة.
ومن جانبه قال الخبير الألماني في قضايا الأسواق المالية مايك كناوف إن تركيز الاتفاقية علي كبح جماح الاقتراض يمثل نتيجة إيجابية، غير أن هناك شكوكا في مراقبته وإمكانية فرض عقوبة مالية على الدول المخالفة إن كانت أصلا بحاجة لأموال.
ورأي كناوف في تصريح للجزيرة نت أن رصد خمسمائة مليار يورو ميزانية لصندوق الإنقاذ الجديد لن يكفي لأن الأمر يتعدى مساعدة اليونان والبرتغال إلى إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، وتوقع بقاء مساهمة ألمانيا بالصندوق كما هي دون تغيير، وأشار إلى أن المركزي الأوروبي سيكون مضطرا لزيادة شرائه سندات الدول المتعثرة ورفع مستوي ضماناته لها.
المصدر : الجزيرة