كثرة الإضرابات تخنق اقتصاد تونس

تحديات كبيرة أمام حكومة الجبالي

الاعتصامات والإضرابات تشمل قطاعات اقتصادية حيوية كالفوسفات (الجزيرة)

خميس بن بريك-تونس

تتخبط تونس في أزمة خانقة بسبب كثرة الإضرابات التي أنهكت الاقتصاد، في وقت تلوّح الحكومة الجديدة بتطبيق القانون لإنهاء الاعتصامات والخروج من حالة الركود.

وأظهرت بيانات للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة أنّ ما يزيد عن 120 مؤسسة أجنبية أغلقت أبوابها بسبب "الاعتصامات العشوائية" التي عطلت الإنتاج والتصدير.

ومنذ أيام أعلن مجمع "يازاكي" الياباني لإنتاج "كابلات" السيارات عن غلق وحدة إنتاجه بمدينة أم العرايس (جنوب البلاد) بسبب إضراب تسبب في تعطيل الإنتاج كليا.

المدير التنفيذي لشركة فسفاط قفصة: الاعتصامات عطلت إنتاجنا وتصديرنا للفوسفات (الجزيرة نت)
المدير التنفيذي لشركة فسفاط قفصة: الاعتصامات عطلت إنتاجنا وتصديرنا للفوسفات (الجزيرة نت)

أوضاع خطيرة
وشملت الاعتصامات قطاعات حيوية كالفوسفات الذي شهد هذا العام تراجعا في الأرباح بقيمة 700 ألف دولار، بفعل تعطيل استخراج الفوسفات وتحويله وتصديره.

ويقول المدير التنفيذي لشركة "فسفاط قفصة" قيس الدالي إن "الأوضاع التي يعيشها القطاع في غاية الخطورة، نحن نعاني من توقف عمليات الإنتاج والتصدير".

وأضاف للجزيرة نت أن الاعتصامات تسببت في تراجع مداخيل شركته والمجمع الكيميائي التونسي، معلنا فشل فسفاط قفصة في الوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها الدوليين فيما يخص تزويدهم بهذه المادة.

وأشار الدلي إلى أن بلدا مثل تركيا أول مستورد للأسمدة الفوسفاتية من تونس تضرّر جراء تعطيل الصادرات وأصبح يبحث عن مزودين دوليين جدد، وفق قوله.

إضرابات متوالية
فبعد نجاح الثورة ضد نظام بن علي، توالت اعتصامات بمصانع الفوسفات شنها عاطلون وعمال تعرضوا لحوادث شغل وآخرون يطالبون بالزيادة ومتقاعدون يشكون من تدني معاشاتهم.

وشهدت تونس منذ بداية العام الماضي أكثر من 400 إضراب، أدت إلى تراجع مؤشرات الإنتاج والصادرات وارتفاع نسبة التضخم في البلاد إلى مستويات قياسية.

وكان محافظ البنك المركزي مصطفى كمال النابلي أعلن عن تدني نسبة النمو الاقتصادي إلى الصفر عام 2011، محذرا من انهيار كلي للاقتصاد نتيجة الاعتصامات.

عبد الجليل البدوي: أتخوف من أن تدخل الإضرابات والاحتجاجات تونس في فوضى(الجزيرة نت)
عبد الجليل البدوي: أتخوف من أن تدخل الإضرابات والاحتجاجات تونس في فوضى(الجزيرة نت)

انعدام الثقة
ويقدر الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي أن يكون عام 2012 "صعبا للغاية" بسبب تدهور مناخ الثقة وتخبط الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي الأول لتونس في أزمة مالية.

ويقول للجزيرة نت "أتوقع أن يكون هذا العام شاقا على تونس بسبب الظروف الأمنية والاجتماعية المتردية، كما أنّ أزمة الديون الأوروبية ستزيد من حالة الركود".

ويبدي البدوي مخاوف من أن تسقط البلاد في حالة من الفوضى بسبب توسع الاحتجاجات، قائلا "انعدام الثقة لدى المواطن هو أبرز مخاطر المرحلة الراهنة".

ويقول "من المؤسف أن يشعر المواطن بعدم الثقة رغم الانتخابات الشفافة التي عاشتها البلاد، فبعض المواطنين لديهم ثقافة الغنيمة ويريدون تحقيق مطالبهم في الحين".

تفاؤل مفرط
وانتقد البدوي ما اعتبرها "وعودا غير منطقية" للحكومة الحالية بأن تحقق نموا يناهز 4% هذا العام، قائلا "استنادا للأوضاع السائدة أرى أن هذه النسبة بعيدة عن الواقع".

ويمضي قائلا للجزيرة نت "من شأن هذه الوعود إن لم تتحقق أن تراكم الإحساس بالانتكاسة والتشاؤم لدى الناس، وهو ما قد يوسع نطاق الاحتجاجات في المستقبل".

وتسعى الحكومة التي يرأسها حمادي الجبالي الأمين العام لحركة النهضة إلى تحقيق معدل نمو يتراوح بين 4 و5%، وتسعى إلى تشغيل 300 ألف عاطل في 2012، وتعوّل في ذلك على سوق ليبيا.

"
رجال الأعمال والمستثمرون الأجانب في تونس يطالبون حكومة حمادي الجبالي بالتصدي لظاهرة الاحتجاجات والعمل على إرساء الأمن داخل مؤسسات الشغل
"

فرض القانون
ويطالب رجال الأعمال والمستثمرون الأجانب في تونس الحكومة بضرورة التصدي لظاهرة الاحتجاجات والعمل على إرساء الأمن داخل المؤسسات للحفاظ على نشاطها.

وكان الرئيس التونسي المنصف المرزوقي قد دعا التونسيين، مطلع الشهر الماضي، إلى هدنة سياسية واجتماعية مدتها ستة أشهر حتى يستعيد الاقتصاد عافيته.

ولوح في مقابلة مع رجال الأعمال بأنه سيطبق القانون لإنهاء الاعتصامات، معتبرا أنّ الإضرابات "انتحار جماعي" لا يمكن السكوت عنه.

من جهة أخرى قال وزير الداخلية الجديد علي العريض إن الوزارة لن تتسامح مع الاعتصامات وظاهرة قطع الطرقات التي "باتت تهدد مصالح البلاد".

غير أن قيادات نقابية أعلنت عن رفضها اللجوء إلى استعمال القوة ضد المعتصمين بدعوى أن منفذي الاعتصامات مظلومون وحقوقهم منتهكة طيلة السنوات الماضية.

المصدر : الجزيرة